الرباط- عبد الحق العضيمي
طالبت مبادرة تشريعية جديدة بالسماح لموظفي الدولة المدنيين بممارسة مهن إضافية خارج أوقات العمل الرسمية، جاء ذلك ضمن مقترح قانون، تقدم به المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خالد السطي.
ويهدف مقترح القانون الذي تتوفر ” الأمة24″ على نسخة منه، إلى تغيير الفصل 15 من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، كما وقع تغييره بالمادة الأولى من القانون رقم 05-50 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-11-10 بتاريخ 14 ربيع الأول ( 18 فبراير 2011).
وينص الفصل المذكور على أنه “مع مراعاة الأحكام التشريعية المنافية الخاصة ببعض الهيئات، يمنع على الموظف أن يزاول بصفة مهنية أي نشاط حر أو تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا كيفما كانت طبيعته، تحت طائلة المتابعة التأديبية، باستثناء إنجاز الأعمال العلمية والأدبية والفنية والرياضية، شريطة ألا يطغى عليها الطابع التجاري”، على ألا يذكر صفته الإدارية بمناسبة نشر أو عرض هذه الأعمال إلا بموافقة رئيس الإدارة التابع لها. كما يسمح الفصل ذاته للموظفين ممارسة التدريس والخبرات والاستشارات والدراسات، شريطة أن تمارس هذه الأنشطة بصفة عرضية ولمدة محددة وألا يطغى عليها الطابع التجاري.
ويمنع المقتضى نفسه على الموظف الاستفادة من هذين الاستثناءين إلا بعد تقديم تصريح بذلك لرئيس إدارته الذي يمكنه الاعتراض متى تبين لـه أن الأنشطة التي يزاولها الموظف تتم أثناء أوقات العمل النظامية أو تخضعه إلى تبعية قانونية غير التبعية القانونية لوظيفه العمومي أو تجعله في وضعية متنافية مع هذا التوظيف.
ويدعو مقترح القانون، الذي تقدم به المستشار البرلماني، إلى حذف عبارة المنع من الفصل المذكورة أعلاه، مقترحا في هذا الصدد السماح “للموظف أن يزاول بصفة مهنية أي نشاط حر أو تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا كيفما كانت طبيعته، بشرط الإخبار المسبق بطريقة كتابية لإدارته، والامتناع عن أية حالة من تنازع المصالح مع وظيفته الإدارية، تحت طائلة العزل”.
واحتفظ مقترح القانون بباقي مقتضيات المادة 15 دون تعديل، والتي جاء فيها أن الموظف الذي له زوج يزاول مهنة حرة أو نشاطا اعتياديا تابعا للقطاع الخاص يدر عليه دخلا ملزما بأن يصرح بذلك لإدارته، وفي الحالتين يتعين على الإدارة، إن اقتضى الحال، اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على مصالح الإدارة”.
وأوضح صاحب المبادرة في المذكرة التقديمية المرفقة بنص المقترح، أن “المشرع، وفي ظروف بناء الدولة الحديثة، اختار تقييد حقوق الموظفين في ممارسة مهن وأنشطة اقتصادية أخرى لغايات متفهمة، وفي سياق تاريخي معين”. وتابع “أنه مع تطور الممارسة الاقتصادية وتقدم البلاد وانخراطها في منظومة حقوق الانسان الكونية وتطور أجهزة الحكامة الجيدة والرقابة على حالات تنازع المصالح وآليات مراقبة الفساد الإداري ونزاهة الموظفين العموميين، لم يعد متفهما تحويل علاقة التوظيف إلى علاقة احتكارية تحتكر فيها الدولة المهارات والقدرات التي يتوفر عليها الموظف فيما يسميه بعض الباحثين عقد العبودية المعاصرة”.
ونبهت المذكرة التقديمية إلى أن هذا الوضع “يحرم البلاد من مساهمة في زيادة الناتج الوطني الإجمالي عبر تحرير قدرات الجميع للمساهمة في الإنتاج الوطني”. وزادت “والواقع، أن المجتمع تحرر بشكل كبير في ظل وجود عدد كبير من الموظفين الذين يشتغلون بالفعل في أوقات فراغهم لزيادة دخلهم وتمكين المجتمع من الاستفادة من كفاءاتهم وقدراتهم، حيث يمارس جزء كبير من الموظفين مهن إضافية مثل الطب والتعليم والتكوين والدراسات والاستشارة والعقار والفلاحة والتنشيط والصحافة وغيرها من المهن في وضعية غير قانونية، تخسر معها الدولة إمكانات ضريبية مهمة ويستشعر فيها الممارسون مخاطر مستديمة”.
وشددت المذكرة على أن هذا الواقع “يفرض فتح باب الممارسة القانونية لأنشطة مهنية خارج أوقات العمل مع تحمل الإدارة والموظف مسؤولية كل إخلال بأخلاقيات المرفق العمومي وأية حالة لتنازع المصالح مع تشديد الجزاء للوصول إلى حالة العزل إذا تبين للإدارة قيام الموظف باستغلال وظيفته لخدمة مصالح ناشئة عن أنشطته الاقتصادية في القطاع الخاص، انسجاما مع الفصل 36 من الدستور”.
وتتوفر الإدارة العمومية على رأسمال بشري يتجاوز تعداده 565 ألف موظف برسم سنة 2022، وهو ما يشكل بحسب تقرير الموارد البشرية، المرفق لقانون المالية لسنة 2023، 15 موظفا مدنيا لكل ألف من سكان المغرب، البالغ عددهم 36 مليونا و670 ألف نسمة، وحوالي 46 موظفا مدنيا لكل 1000 نسمة من السكان النشيطين، المقدر عددهم بـ12 مليونا و163 ألفا.