
الرباط- عبد الحق العضيمي –
أغلقت وزارة الداخلية، رسميا، الباب أمام ما يعرف بـ “تجار المآسي” الذين يستغلون عمليات جمع التبرعات لأغراض إشهارية أو انتخابية أو بهدف استغلال أوضاع مواطنين يوجدون في وضعية هشة أو في حالة استغاثة، جاء ذلك من خلال تشديد مسطرة المراقبة على هذه العمليات بموجب مشروع المرسوم رقم 2.25.152، المتعلق بتطبيق القانون رقم 18.18 المنظم لجمع التبرعات من العموم، وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية.
وينص المرسوم الجديد، الذي صادق عليه المجلس الحكومي، يوم الخميس الماضي، على “إحداث لجنة إقليمية على مستوى كل عمالة أو إقليم تتولى تتبع ومراقبة تنفيذ عمليات توزيع المساعدات العينية لأغراض خيرية وإنسانية”، على أن يتم تحديد تركيبتها بقرار عاملي.
مراقبة مشددة وتقارير مفصلة
ووفقا للمادة 11 من المرسوم، يتوجب على الأشخاص الحاصلين على الترخيص لجمع التبرعات أو التصريح بتوزيع المساعدات بأن يوجه إلى السلطات التي سلمتهم الترخيص، أو تلقت منهم التصريح “تقريرا مفصلا حول سير عمليات جمع التبرعات من العموم المشار إليه في المادة 23 من القانون رقم 18.18 وكشف الحساب البنكي المرفق به، وكذا التقرير المشار إليه في المادة 24 من القانون السالف الذكر رقم 18.18 ، مرفقا بجميع الوثائق والمعلومات التي تثبت تخصيص مجموع الأموال المتبرع بها لتحقيق الغرض أو الأغراض المعلن عنها”.
كما ينص المشروع على إحالة “هذين التقريرين والوثائق المرفقة بهما إلى المجلس الأعلى للحسابات من أجل مراقبة الحسابات المتعلقة باستعمال الموارد التي تم جمعها في إطار دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات عملا بأحكام القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية”.
صلاحيات واسعة للإدارة المحلية
وخول المرسوم التطبيقي للقانون رقم 18.18 السلطات الإدارية المحلية المختصة الصلاحيات اللازمة لتتبع ومراقبة عمليات جمع التبرعات من العموم وعمليات توزيع حصيلتها التي تتم داخل دائرة نفوذها الترابي، مع منحها سلطة إيقاف هذه العمليات في الحالات المنصوص عليها في المادة 26 من القانون المذكور.
ولهذه الغاية، نص المرسوم في المادة 12 منه على أن توجه الأمانة العامة للحكومة والوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية إلى “وزارة الداخلية نسخة من كل ترخيص سلمته أو تصريح توصلت به”.
فيما يتعلق بمدلول “الإدارة” في سياق القانون رقم 18.18، أوضح المرسوم، أن المقصود بها “السلطات التي سلمت الترخيص أو تلقت التصريح بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات طبقا لمقتضيات المادتين 6 و7 من هذا المرسوم”. أما بالنسبة للمادتين 33 و34 من القانون، فإن الإدارة تعني “عامل العمالة أو الإقليم الذي تلقى التصريح”.
وبخصوص الأشخاص المؤهلين لتقديم طلب الترخيص من أجل دعوة العموم إلى التبرع، فقد حدد المرسوم إجراءات التصريح بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات، حيث شدد على ضرورة تقديم “طلب الترخيص من أجل دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات من لدن أحد أعضاء المكتب المسير للجمعية المعين لهذا الغرض من قبل المكتب، إذا تعلق الأمر بجمعية واحدة، أو أحد أعضاء المكاتب المسيرة للجمعيات المعنية تعينه هذه المكاتب لهذا الغرض، إذا تعلق الأمر بأكثر من جمعية”.
أما إذا كانت دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات ستتم من لدن مجموعة من الأشخاص الذاتيين في إطار الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 18.18 المشار إليه أعلاه، فيجب أن “يقدم الطلب من طرف أحد الأشخاص الذاتيين المعنيين الذي يفوضونه لهذا الغرض”، يقول المرسوم.
وتشير مقتضيات المرسوم أيضا إلى أنه يتعين عند تقديم طلب الترخيص الإدلاء بما يثبت تعيين الشخص المؤهل لهذا الغرض.
كما حدد المرسوم السلطات التي يوجه أو يودع لديها طلب الترخيص وكذا الوثائق الواجب إرفاقها بهذا الطلب من أجل تسليم الترخيص المذكور بعد دراسته من لدن لجان إدارية تحدث لذلك.
الجهات المعنية بتلقي طلبات جمع التبرعات
ونصت مقتضيات المرسوم، كذلك، على أن “طلب الترخيص من أجل دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات يجب أن يوجه إلى عامل العمالة أو الإقليم الذي ستنظم بدائرة نفوذه الترابي عملية دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات إذا كان لها طابع محلي أو إقليمي، وذلك مباشرة أو بواسطة السلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا التي تحيله فورا إلى عامل العمالة أو الإقليم المعني”.
أما في حالة امتداد عملية دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات إلى أكثر من عمالة أو إقليم في الجهة المعنية، فيوجه الطلب إلى والي الجهة. وإذا كانت عملية تشمل أكثر من جهة، فيجب تقديمه إلى الأمين العام للحكومة.
وتابع المرسوم، أنه في حالة تعلق الأمر بجمع تبرعات من العموم من أجل استخدامها أو توزيعها خارج المغرب، فإن الجهة المختصة بتلقي الطلب هي الوزير المكلف بالشؤون الخارجية.
ويشدد المرسوم على ضرورة إرفاق طلب الترخيص بالوثائق المنصوص عليها في المادة 10 من القانون السالف الذكر رقم 18.18، مع مراعاة الحالتين الواردتين على التوالي في الفقرة الثانية من المادة 3 وفي المادة 11 من القانون المذكور.
كما ينص أيضا على أن تحدث لدى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، حسب الحالة، لجنة يعهد إليها بدراسة طلبات الترخيص بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات والبت فيها. على أن يحدد تأليف اللجنة بقرار لوالي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم المعني.
رأي الأمين العام للحكومة ووزير الخارجية
وبموجب نص المرسوم، “يعرض الأمين العام للحكومة قصد إبداء الرأي طلبات الترخيص بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات على الصعيد الوطني على لجنة تجتمع تحت رئاسة المدير المكلف بالجمعيات بالأمانة العامة للحكومة، وتضم ممثلين عن السلطتين الحكوميتين المكلفتين بالداخلية والمالية”.
وأجاز المرسوم للأمين العام للحكومة دعوة لحضور اجتماعات اللجنة ممثلين عن قطاعات حكومية أخرى كلما كان موضوع دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات يدخل ضمن مجال اختصاصها.
كما خول المرسوم للوزير المكلف بالشؤون الخارجية، أن يعرض قصد إبداء الرأي طلبات الترخيص بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات من أجل استخدامها أو توزيعها خارج المغرب على لجنة تضم علاوة على ممثلي الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية ممثلين عن السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وعن الأمانة العامة للحكومة وعن السلطة الحكومية المكلفة بالمالية.
ويتيح النص ذاته، أن يدعو الوزير المكلف بالشؤون الخارجية إلى حضور اجتماعات اللجنة ممثلين عن قطاعات حكومية أخرى كلما كان موضوع دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات يدخل ضمن مجال اختصاصها.
الولاة والعمال.. متى يؤشرون على التراخيص
وبخصوص تسليم الترخيص، أوضح المرسوم الذي ينتظر نشره بالجريدة الرسمية أن منح الترخيص بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات يتم من لدن عامل العمالة أو الإقليم، “إذا كانت دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات لها طابع إقليمي، وستنظم بدائرة النفوذ الترابي للعمالة أو الإقليم المعني”، وفي حالة امتداد العملية لأكثر من عمالة أو إقليم في الجهة المعنية، يكون والي الجهة هو المسؤول عن تسليم الترخيص. فيما نص المرسوم على أن يسلم الأمين العام للحكومة الترخيص بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات في حالة تنظيم هذه العملية بالنفوذ الترابي لأكثر من جهة، بينما يسلم الوزير المكلف بالشؤون الخارجية الترخيص “إذا تعلق الأمر بتبرعات سيتم جمعها من أجل استخدامها أو توزيعها خارج المغرب”.
توزيع المساعدات وآليات التصريح
وفيما يخص مسطرة التصريح بتوزيع المساعدات والوثائق والمعلومات الواجب الإدلاء بها للإدارة، شدد المرسوم على ضرورة “إيداع الجهة الراغبة في تنظيم أي عملية توزيع للمساعدات العينية لأغراض خيرية وإنسانية تصريحا بذلك لدى عامل العمالة أو الإقليم المختص 10 أيام على الأقل قبل تاريخ البدء في العملية، وذلك عملا بأحكام المادة 30 من القانون السالف الذكر رقم 18.18”.
وأكد المرسوم الذي أسند تنفيذه إلى وزير الداخلية ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والأمين العام للحكومة كل في مجال اختصاصه، أن التصريح يجب أن يتضمن “هوية الجهة المصرحة أو تسميتها إذا تعلق الأمر بشخص اعتباري، والغرض الخيري أو الإنساني المراد تحقيقه، والعدد المتوقع للمستفيدين، وطبيعة المساعدات العينية المراد توزيعها ومصدرها، وكذا القيمة المالية الإجمالية التقديرية للمساعدات، وتاريخ توزيع المساعدات والمكان أو الأمكنة التي سيباشر فيها”. كما ألزم المرسوم الجهة المنظمة بتحديد “هوية الأشخاص المكلفين بتوزيع المساعدات”، وإرفاق التصريح بنسخة من البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية أو بطاقة الإقامة بالنسبة للأجانب المقيمين بالمغرب أو جواز السفر بالنسبة للأجانب غير المقيمين بـ”النسبة للشخص الذاتي”، أما في حالة الجمعية، فيجب، بمقتضى المرسوم، “تقديم نسخة من وصل إيداع التصريح بتأسيسها أو آخر وصل إيداع بالتصريح بتجديد أجهزتها، طبقا لما يقضي به نظامها الأساس”.