دولي

الحرس المدني الإسباني يعتقل آخر المتورطين في مقتل ضابطين ببارباتي

رشيد عبود:
أوقفت عناصر الحرس المدني الإسباني، بقاديس، فجر الأحد المنصرم، في بارباتي، المدعو (عبد النور.ا) البالغ من العمر 39 سنة، وهو آخر المتورطين الأربعة الذين كانوا على متن قارب سريع تسبب في مقتل ضابطين خلال مواجهة، جرت يوم 10 فبراير 2024.

وحسب وسائل اعلام إسبانية، فقد اعترف الموقوف أمام قاضي التحقيق بمحكمة التحقيق رقم 1 في بارباتي، التي مثل أمامها يوم الإثنين الأخير، أنه كان مختبأ بمنطقة الدالية بضواحي القصر الصغير، في المغرب طوال الـ15 شهرا الماضية، وشدد على أن المأساة كانت حادثا غير مقصود، والذي جاء بعدما قضى الربان الأربعة ساعات طويلة في البحر، ما سبب لهم الإرهاق الشديد.

وتتوافق هذه الرواية مع الرواية التي قدمها في السابق أفراد الطاقم الثلاثة الآخرين لقارب المخدرات، الذين أكدوا خلال جميع فترات استنطاقهم أنهم لم تكن لديهم أي نية لقتل للضابطين الإسبانيين.

وقد تم إلقاء القبض على (عبد النور.ا)، في ظروف مماثلة لتلك التي تم فيها إلقاء القبض على أفراد طاقم قارب المخدرات الثلاثة الآخرين، إذ يعتقد أن التهديدات التي تلقاها المعني بالأمر على ما يبدو من مافيا مضيق جبل طارق، كانت سببا في عودته إلى إسبانيا برفقة محام، لتسهيل اعتقاله.

وقد اتبع الخطوات نفسها التي اتبعها في شتنبر الماضي، المدعو (كريم.ا)، الذي كان يقود القارب وقت الحادث، كما اعترف بذلك لاحقا، وبعد ذلك بشهرين، سلم كل من (محمد.ا)، و(ياسين.ا) نفسيهما أيضا، بحيث يواجه الأربعة، الذين يزعم أنهم عملوا لصالح منظمة (عبد الله.إ.م), الملقب بـ”Puspus” تهمة دهس زورق الحرس المدني ماتسبب في مصرع ضابطين.

وحسب نفس المصدر، يواجه المعتقلين الأربعة تهم بالقتل للضابطين المتوفين، وست تهم بالاعتداء، وتهمة واحدة بالتهريب وتهمة أخرى بالانتماء إلى منظمة إجرامية.

وأدى سقوط العضو الرابع والأخير من طاقم قارب المخدرات، إلى إغلاق تحقيق معقد، اتخذ منعطفا دراماتيكيا قبل عام. وحتى ذلك الحين، ركزت التحقيقات على ستة أشخاص تم اعتقالهم بعد ساعات قليلة من الحادث للاشتباه في تورطهم في مقتل الضابطين، لكن تقريرا صدر عن الحرس المدني في ذلك التاريخ، والذي قام بتحليل شامل لمقاطع الفيديو الخاصة بالحادث، استبعد إمكانية أن يكون هؤلاء مسؤولين عن الوفيات.

وبعد اعتقاله في شتنبر، حاول (كريم.ا)، تبرير أفعاله تلك الليلة خلال إفادته أمام القاضي، زاعما أنه كان يواجه بعض الصعوبات الاقتصادية والأسرية، وأشار أن المنظمة التي كان يعمل معها، والتي تنقل المخدرات بين المغرب وشبه الجزيرة الأيبيرية، أجبرته على العمل في قيادة قوارب المخدرات. وأكد الجاني الذي اعترف بارتكاب الحادث المميت أنه في البداية ظن أنه ضرب قارب الضحايا بشكل خفيف فقط. وهي رواية يدعمها المعتقلون الثلاثة.

غير أن الرواية التي تبرر أقوال المتهمين الأربعة، تتناقض مع استنتاجات التقارير التي أعدها الحرس المدني، بحيث أوضح المحققون في المحاضر الرسمية والوثائق الأمنية، أن القارب المطاطي عالي السرعة (ENAV) كما تُعرف قوارب تهريب المخدرات في المجال الشرطي، لجأ تلك الليلة إلى ميناء بارباتي بسبب العاصفة التي ضربت ساحل قادس، مما أزعج الضباط الذين راودهتم شكوك حول تحركاته باعتباره الوحيد من بين القوراب الراسية في الميناء الذي كان داخل البحر، وفي هذه الفيديوهات – إحدها تم تصويره بكاميرا يحملها أحد الضباط المصابين – يتبين كيف قام القارب المطاطي السريع بمضايقة زورق “زودياك” التابع للمعهد المسلح بشكل مستمر لمدة دقيقتين و41 ثانية، حتى دهسه بشكل قاتل.

وأصر الحرس المدني، على أن قارب المخدرات لم يكن يحمل في ذلك الوقت أي مخدرات أو أي بضائع غير قانونية أخرى، حتى يتصرف طاقمه بهذه الطريقة “للدفاع” عن الشحنة، ولذلك، خلصوا إلى أن التفسير الوحيد الذي وجد لإعطاء معنى للهجوم الوحشي هو نية إلحاق أذى خطير بالضباط أو قتلهم.

وقد دفعت التناقضات بين وثائق الحرس المدني وأقوال المعتقلين الثلاثة الأوائل القاضي الذي يحقق في القضية، أنخيل روخاس، إلى تكليف خبير بإعداد تقرير لتحديد ما إذا كان قارب المخدرات قد صدم الضباط عن طريق الخطأ، كما يزعمون، أو ما إذا كان ذلك متعمدا، كما تشير تحقيقات الحرس المدني.

ولقي عنصران من الحرس المدني الإسباني ينتمون لوحدة GEAS وGAR مصرعهما، كما أصيب ضابطان آخران، أحدهما خطير والآخر طفيفة، في هجوم مسلح، نفذ صباح السبت 10 فبراير المنصرم، من قبل عناصر شبكة للإتجار الدولي في المخدرات، قبالة ساحل منطقة بارباتي، بقادس، بالجنوبي الإسباني.

وأكدت المديرية العامة للحرس المدني، في بيان لها، مقتل عنصرين وإصابة اثنين آخرين، بعد تعرضهما لهجوم من قبل قارب مخدرات في بارباتي، بولاية قادس، حيث هاجم عدد من المهربين كانوا على متن قارب مطاطي سريع، دورية الحرس المدني بالأسلحة النارية، مما أدى إلى مقتل اثنين من أفرادها، وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، بعد دهسهما من قبل قارب المهربين الذي اصطدم بقارب دورية الحرس المدني GEAS .

وتمكن عناصر الحرس المدني حينها، من اعتقال خمسة من المشتبه بهم في الهجوم، بينما لا يزال البحث جاريا عن آخرين، حيث كشفت التحقيقات أن أحد الموقوفين، هو الذي دبر عملية استهداف الحرس المدني، من أجل الإنتقام لأحد رفقائه الذي كان قد لقي حتفه على يد الحرس المدني في مطاردة أمنية في الشهور الماضية.

وقد تم التعرف على هوية الجناة بعد التحقيقات التي أجراها أفراد من وحدة العمليات المركزية، مشيرة إلى التعاون الأمني الوثيق للسلطات المغربية مع نظيرتها الإسبانية في هذا الموضوع الذي كشف لجوء المشتبه بهم للاختباء في المغرب، وارتباطهم بشبكات التهريب الدولي للمخدرات بين ضفتي المتوسط باستخدام الزوارق المطاطية السريعة، يتعلق الأمر بكل من بحار مغربي يدعا (كريم)، والمدعو (عبد النور.ا)، وقد هربا إلى المغرب في نفس الليلة بعد قتل الضابطين.

وفي رد فعل على هذه الحادثة، وصفت السلطات الإسبانية، الهجوم بأنه “عمل إرهابي”، وتعهدت بتقديم مرتكبيه إلى العدالة، مشددة على أن “إسبانيا لن تستسلم أبدًا للجريمة والإرهاب”.

وأثارت هذه الحادثة، موجة من الغضب والإستنكار العارم في إسبانيا، حيث دعا العديد من السياسيين إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة عصابات تهريب المخدرات وشبكات الجريمة المنظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق