طريقة صرف 12 مليار درهم تسيل لعاب “الباطرونا”

نورالدين عفير
عبرت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، أول أمس الأربعاء، عن قلقها بشأن الإجراءات التي تمت بها برمجة الخارطة الجديدة للتشغيل، وتخوفها من كيفية تطبيق الدعم المخصص للمقاولات الصغيرة في إطار البرنامج الذي خصصت له 12 مليار درهم.
وفي إطار إطلاق الحكومة لخارطة الطريق الجديدة للتشغيل، التي خصصت لها 15 مليار درهم لدعم التشغيل والتنمية الاقتصادية، أعلنت الحكومة عن تخصيص 12 مليار درهم من هذا المبلغ لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.
وقبل الخوض في العناصر الموضوعية، التي تستدعي القلق، أثنت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بداية على هذه المبادرة، التي انتظرتها المقاولات الصغيرة طويلا، والتي تهدف إلى تعزيز دور هذه المقاولات في الاقتصاد الوطني ودعم التشغيل، بحكم أن هذه الفئة من المقاولات تشغل أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.
وبعد الإشادة بالمبادرة والمبلغ المالي المهم المخصص لها، أكدت الكونفدرالية أنه يساورها “قلق عميق” بشأن كيفية برمجة هذا البرنامج بالتشاور فقط مع الباطرونا “الاتحاد العام لمقاولات المغرب”، مع تخوفها من مواصفات انتقاء المقاولات المستفيدة من الدعم، وأيضا كيفية التوزيع والصرف.
وسجلت الكونفدرالية بداية غير مشرفة للعملية، عبر إقصائها من المشاركة في المشاورات المتعلقة بهذه المبادرة رغم أن أصحاب المقاولات الصغيرة هم المعنيون الأساسيون بهذا البرنامج، مشيرة إلى أنها نبهت، في بلاغ صحفي سابق بتاريخ 29 دجنبر 2024، إلى “هذه المشكلة”، وذلك تعقيبا على مشروع قانون المالية لسنة 2025، حيث عبرت عن تخوفها من إمكانية توجيه 12 مليار درهم المخصصة لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة لصالح المقاولات الكبرى، عبر إشراك “الباطرونا”، في حين تم إقصاء الكونفدرالية التي تمثل مصالح المقاولات الصغيرة.
من بين العناصر الموضوعية، التي تثير قلق المقاولات الصغيرة أيضا، اعتبار أنه مع اقتراب الانتخابات الجماعية والتشريعية، يراود الكونفدرالية تخوفا من استغلال الدعم لأغراض انتخابية، واستخدامه أيضا لأغراض سياسية بدلا من أن يوجه للدعم الحقيقي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي هي في أمس الحاجة إلى الدعم والمواكبة.
وأكد المصدر ذاته، أنه من الضروري أن يتم توزيع الدعم بشكل عادل وفقا للاحتياجات الحقيقية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، لضمان نجاح هذا المشروع الوطني وتحقيق التنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي، حيث حث الحكومة في هذا السياق على ضرورة توضيح آلية صرف الدعم، وأن لا يتم إقصاء المقاولات الصغيرة جدا الأكثر حاجة للتمويل كون الأبناك ترفض منحها قروضا أو تمويلا بفوائد معقولة، يتناسب مع احتياجاتها ومداخلها بشكل عادل، والتأكد من أن هذا الدعم سيكون موجها فعلا لتحفيز المقاولات الصغرى على التوسع والنمو مع إنشاء مناصب للشغل بدلا من أن يُستغل لصالح فئات أخرى تستفيد من الحين والآخر من الدعم والتمويل.
واعتبرت الكونفدرالية، أنه من الضروري أيضا أن تقوم الحكومة بوضع آلية شفافة وواضحة لكيفية انتقاء المقاولات الصغيرة ومنحها الدعم المطلوب، بما في ذلك معايير الاستحقاق التي تحدد كيفية استفادة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى منها، كما يجب أيضا على الحكومة تكثيف الرقابة والمتابعة لضمان تنفيذ خارطة الطريق الجديدة على أرض الواقع، وضمان وصول الدعم إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بشكل عادل ومنصف، مع إخضاع هذه العملية لتقارير دورية لضمان تنفيذها بشكل فعال، وإشراك جميع المعنيين مثل الكونفدراليات والاتحادات والهيئات المهنية، فضلا عن مؤسسات التمويل والخبراء في المجال الاقتصادي خلال كل مرحلة من مراحل تخطيط وتنفيذ هذا الدعم، مع إلزامية أن تكون هناك آلية لتقديم التوصيات والملاحظات بشكل دوري لتحسين فعالية المشروع. وأبرز المصدر ذاته، أن مقومات النجاح تستدعي كذلك عمل الحكومة على تعزيز التنسيق بين الوزارات المعنية مثل وزارة التشغيل، وزارة المالية، وزارة الصناعة، ووزارة الاستثمار لضمان تنفيذ الدعم بشكل يساهم في تحقيق التكامل بين هذه القطاعات ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة في مختلف الجوانب (التشغيل، التكوين، التمويل، التسهيلات الضريبية…)، مع عدم التركيز على محور الدار البيضاء-الرباط، والمدن الكبرى.