طنجة.. مكتب الصرف يحاصر ”التهرب الضريبي“ على عقارات مغاربة غير مصرح بها بإسبانيا

رشيد عبود:
في خطوة تكشف عن تشديد الرقابة على الممتلكات العقارية لمواطني المغرب في الخارج، بدأت مصالح المراقبة التابعة لمكتب الصرف في التحقيق في ممتلكات عقارية فاخرة تم اكتشاف اقتنائها من مغاربة مقيمين بالمغرب في عدة مدن إسبانيا خاصة بالجنوب، دون التصريح بها.
وتأتي هذه التحقيقات – وفق المصادر ذاتها – بعد تبادل معطيات إلكترونية مع السلطات الإسبانية، والتي كشفت عن العديد من الحالات التي تتطلب التحقق من مصادر التمويل والشراء هذه العقارات، مع ضرورة تبرير مصادر اكتسابهم لهذه الممتلكات، مع إمكانية تعريضهم لمتابعات إدارية وقضائية، إلى جانب دفع قيمة المستحقات الإبرائية الواجبة عليهم.
وسيكون لزاما على المغاربة الذين يمتلكون عقارات وشقق وفيلات فاخرة في مدن مثل ماربيا ومدريد، التجاوب مع تحريات مكتب الصرف فور توصلهم المرتقب بإشعارات تبرير التحويلات المالية الكبيرة التي استخدمت لشراء هذه العقارات الغير مصرح بها لمكتب الصرف أو مصالح المراقبة الضريبية في المغرب، رغم مزاولتهم أنشطة استثمارية وتجارية في المملكة بشكل دائم، بحيث ستظل المعطيات المجمعة خلال عملية التدقيق رهن إشارة “دركي الصرف” بناء على الطلب، في سياق عملية التثبت من الممتلكات والموجودات في الخارج الخاصة بمواطنين مغاربة، بعد انتهاء أجل التسوية التلقائية.
وتداول فاعلون عبر الفضاء الأزرق، أنباء لم تؤكدها أو تنفيها أي جهة رسمية، تفيد بأن إسبانيا
قد توافق على تسليم المغرب معلومات عن أملاك المغاربة العقارية بالمدن الإسبانية ممن لازالوا مقيمين بالمغرب، وبأن هذا الإجراء لايهم فقط تجار الممنوعات وعمليات غسل الأموال، بل يهم أيضا أثرياء من الشمال والرباط والدار البيضاء ومدن أخرى، ومستثمرين ومسؤولين وسياسيين، وبرلمانيين ومنتخبين، ورؤساء تعاونيات فلاحية وأصحاب مجازر كبرى، إلى جانب مهندسين معماريين ومقاولين ممن يمتلكون عقارات بماربيا، وشقق فاخرة في أحد أرقى أحياء العاصمة مدريد وجنوب إسبانيا وبمدن إسبانيا مختلفة
جدير ذكره، أن عملية التسوية التلقائية لممتلكات المغاربة بالخارج، تعتمد على المادة الـ8 من قانون المالية رقم 55.23 لسنة 2024، التي تشكل الإطار القانوني لهذه العملية الثالثة من نوعها، بعد تسويات سنتي 2014 و2020. ويُتيح هذا الإطار للأشخاص الذاتيين والاعتباريين المقيمين بالمغرب، والذين يملكون ممتلكات بالخارج لم يصرح بها بشكل قانوني، بتسوية وضعيتهم المالية. وتشمل الممتلكات المعنية العقارات والأصول المالية والقيم المنقولة وأرصدة الحسابات البنكية المفتوحة في الخارج.
وكشفت المصادر نفسها، عن تباطؤ كبير في وتيرة عملية التصريح بالممتلكات والموجودات بالخارج من قبل مواطنين مغاربة لمكتب الصرف في سياق الاستفادة من عملية التسوية التلقائية، التي لم يحمل قانون المالية 2025، أي مقتضى يفيد بتجديدها، رغم المزايا التي عرضت عليهم، والمتمثلة في عدم التعرض لأية ملاحقات إدارية أو قضائية، مع إمكانية احتفاظهم بممتلكاتهم وحساباتهم بالعملات الأجنبية أو الدرهم القابل للتحويل، مع الإبقاء على سرية الهوية والبيانات، مؤكدة أن “دركي الصرف” سينتقل إلى التشدد والصرامة مع التهرب الضريبي في السنة المقبلة، وذلك بالإعتماد على تكثيف عملية تبادل المعطيات مع مؤسسات الرقابة المالية النظيرة في دول أوربية، أبرزها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وفي سياق متصل، قامت وزارة المالية بتنزيل عدة إجراءات جبائية في قانون المالية للسنة الحالية في إطار اعتماد الإصلاحات الضريبية التي تضمنت في خلاصات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، المنعقدة بالصخيرات، يوم 3 و4 ماي 2019، وفي مقدمتها محاصرة التهرب الضريبي من خلال عدم التصريح بالممتلكات سواء بالداخل او الخارج.
ومن بين أهم التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، مسألة التزام الدولة بالحرص على احترام القانون من طرف الجميع بتفعيل مجموعة من الإجراءات بخصوص تطبيق مسطرة ضريبية منصفة ومتساوية وعادلة، بالإضافة إلى التوصية المرتبطة بالعمل على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للملزمين، والمساواة أمام الضريبة والإنصاف الضريبي وتوازن الحقوق بين الملزم والإدارة الضريبية.