
الرباط-عبد الحق العضيمي –
قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن الحل الوحيد للحد من البطالة المتفاقمة بالمغرب، يكمن “في رفع مستويات النمو والزيادة في وتيرة خلق الثروة وتوزيعها بشكل عادل”.
وأكد الجواهري، الذي كان يتحدث خلال الندوة الصحفية، التي عقدها بنك المغرب عقب الاجتماع الفصلي لمجلسه أول أمس (الثلاثاء) بالرباط، أن الحلول الترقيعية مثل خلق فرص شغل محدودة “لن تحقق نتائج ملموسة لمعالجة مشكلة البطالة”.
الجواهري، الذي أبدى تخوفه من تفاقم نسبة البطالة، لاسيما بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، أشار إلى أن رفع نسبة النمو يتطلب تنمية القطاعات غير الفلاحية، التي استقر نموها عند 3.5 في المائة خلال السنة الجارية، مع توقعات بتحسن تدريجي ليصل إلى 3.9 في المائة بحلول سنة 2026. كما دعا إلى التركيز على قطاع الخدمات، خصوصا السياحة والتجارة، التي ساهمت بشكل كبير في توفير فرص العمل خلال الفصل الثالث من السنة الحالية.
وبعدما أبرز تأثيرات الظرفية الخارجية على الاقتصاد الوطني، شدد والي بنك المغرب على ضرورة تعاون القطاعين العام والخاص لدفع عجلة النمو إلى معدلات تتراوح بين 4 في المائة و5 في المائة لضمان خلق فرص شغل كافية، وتخفيف الضغط الاجتماعي والاقتصادي الناجم عن ارتفاع معدلات البطالة، التي بلغت مستويات قياسية، وفق معطيات المندوبية السامية للتخطيط، التي كشفت عن معدل بطالة تجاوز 21 في المائة استنادا إلى الإحصاء العام للسكان والسكنى.
من جانب آخر، كشف الجواهري عن جاهزية مشروع القانون الخاص بتنظيم العملات المشفرة، مؤكدا أن هذا المشروع سيجعل المغرب من أوائل الدول التي توفر إطارا قانونيا واضحا في هذا المجال.
وأوضح والي بنك المغرب، أن هذا النص القانوني الذي تم إعداده بمساعدة تقنية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يتماشى مع توصيات مجموعة العشرين المتعلقة بمعالجة نقص البيانات حول الأصول المشفرة. كما أكد أن هذا المشروع يهدف إلى تحقيق توازن بين منح مرونة في استخدام العملات المشفرة وتحديد المخاطر المرتبطة بها، مع فرض تدابير صارمة لمكافحة غسل الأموال والأنشطة غير المشروعة.
وعلاقة بقرار بنك المغرب خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2.5 في المائة، الذي اتخذ خلال الاجتماع الفصلي، قال الجواهري إن هذا القرار “سيسهم بشكل مباشر في تعزيز دينامية النمو الاقتصادي”، موضحا أنه يستهدف أيضا “تخفيف شروط الاقتراض وتقليص تكاليف التمويل بالنسبة للمقاولات والأفراد، ما سيحفز الاستثمارات ويرفع من وتيرة التعاملات المالية”.
وأكد الجواهري، أن البنك المركزي يعمل على توجيه البنوك نحو تبني هذا التخفيض في تعاملاتها مع الزبائن، مشددا على أن العملية لا تطبق تلقائيا، بل تستوجب دراسة دقيقة لمختلف العوامل، بما في ذلك حجم الودائع البنكية.
وأضاف أن خفض الفائدة يهدف إلى تسهيل وصول الزبائن إلى التمويل، مما يعزز قدرة البنوك على تمويل المشاريع الاقتصادية ودعم النشاط الاقتصادي، مشيرا إلى أن البنك المركزي يواصل تزويد البنوك بالتمويلات اللازمة لتنفيذ هذه السياسة النقدية بفعالية.
وقرر مجلس بنك المغرب، خفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس إلى 2,5 في المائة.
وأشار بنك المغرب، في بلاغه الصادر عقب الاجتماع الفصلي لمجلسه، إلى أنه “أخذا بالاعتبار تطور التضخم في مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار، وبالنظر إلى الشكوك القوية المحيطة بالآفاق على المدى المتوسط، لا سيما على الصعيد الدولي، قرر مجلس البنك خفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس إلى 2,5 في المائة”.
وتابع أن المجلس سيواصل تتبع الظرفية الاقتصادية عن كثب، كما سيبني قراراته خلال كل اجتماع على أحدث المعطيات المحينة.
وبخصوص توقعات النمو، أفاد بنك المغرب بأنه من المتوقع أن يبقى نمو الاقتصادي الوطني محدودا في نسبة 2,6 في المائة هذه السنة، بعد 3,4 في المائة في 2023، وأن يتسارع إلى 3,9 في المائة خلال السنتين المقبلتين.
وذكر بنك المغرب أن النمو غير الفلاحي سيعرف شبه استقرار في حوالي 3,5 في المائة سنة 2024، قبل أن يتحسن إلى 3,6 في المائة في 2025، وإلى 3,9 في المائة سنة 2026. وفيما يخص القيمة المضافة الفلاحية، يضيف البنك المركزي، فمن المرتقب أن تتراجع بنسبة 4,6 في المائة هذه السنة، قبل أن تتزايد بـ 5,7 في المائة في 2025 وبواقع 3,6 في المائة سنة 2026، مع فرضية محاصيل حبوب قدرها 50 مليون قنطار، أي ما يعادل متوسط السنوات الخمس الأخيرة.