الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة.. تدشين عهد صناعي جديد يرتكز على السيادة
العربي وجعلا —
نظمت وزارة الصناعة والتجارة والاتحاد العام لمقاولات المغرب أول أمس الأربعاء 16 أكتوبر الجاري، ببنجرير، الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة، وذلك تحت شعار “تدشين عهد صناعي جديد يرتكز على السيادة، رؤية ملكية في خدمة المواطن والجهات”.
وقد ترأس هذا الحدث الذي ينظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، بحضور كل من محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، وشكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وأحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وفريد شوراق والي جهة مراكش آسفي وعامل عمالة مراكش.
كما عرف الحدث حضور نزار بركة، وزير التجهيز والماء، ويونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، وفاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وعبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ومحمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، ومحسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية. كما تميز أيضا بحضور رؤساء الفيدراليات المهنية ورؤساء الجهات، فضلا عن عدد هام من الفاعلين الاقتصاديين المغاربة والأجانب.
والهدف من هذه الدورة هو تدارس الرهانات الجديدة ذات الصلة بتنمية القطاع الصناعي المدعو إلى استغلال جميع مؤهلاته، طبقا للتوجيهات الملكية التي تتطلع إلى تسريع انبثاق عهد صناعي جديد يرتكز على السيادة لتعزيز مرونة وقدرة القطاع على التأقلم ودعم قدرته التنافسية.
أخنوش: المغرب بات وجهة عالمية في عدد من القطاعات المتطورة
في كلمة ألقاها عزيز أخنوش بمناسبة افتتاح الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة، أكد على الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس لقطاع الصناعة، نظرا لأهميته في الاقتصاد الوطني ودوره في التنمية المستدامة، وشدد على استقرار المغرب السياسي والاقتصادي، الذي ساهم في تعزيز مكانة البلاد في عدة صناعات مثل السيارات، الغذاء، الأدوية، والأنسجة.
كما أشار أخنوش إلى أن المملكة استثمرت في بنيات تحتية متطورة، مثل ميناء طنجة المتوسط والمناطق الصناعية، إضافة إلى تطوير الكفاءات البشرية، حيث تمثل النساء 43في المائة من العاملين في القطاع الصناعي، كما تحدث عن إصلاحات هيكلية لتحسين مناخ الأعمال، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة عبر ميثاق استثماري جديد.
وتراهن الحكومة، حسب أخنوش، على التحول الطاقي، لا سيما عبر مشاريع الهيدروجين الأخضر لتعزيز التنافسية وتحقيق الإنتاج الصناعي الخالي من الكربون، وأشار المتحدث إلى أن المغرب تمكن من تحقيق نمو اقتصادي، رغم التحديات العالمية، بفضل سياساته واستثماراته في قطاع الصناعة، ما انعكس على زيادة الصادرات الصناعية وفرص العمل في القطاع.
في الختام، أبدى أخنوش فخره بالإنجازات التي حققها القطاع الصناعي المغربي خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانته الاقتصادية على الساحة العالمية، وأن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، بات وجهة عالمية في عدد من القطاعات المتطورة.
مزور: الصناعة محرك حقيقي للاستثمار والتصدير
أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، خلال افتتاح هذه الدورة، أن القطاع الصناعي المغربي شهد توسعاً كبيرا خلال العقدين الماضيين، ليصبح محركا رئيسيا للاستثمار والتصدير. وأوضح أن الصناعة المغربية حققت تقدما ملحوظا، حيث تضاعف عدد مناصب الشغل مرتين، وعدد المقاولات ثلاث مرات، وزادت قيمة المعاملات أربع مرات، من 185 مليار درهم في عام 1999 إلى 800 مليار درهم في عام 2023.
في ما يخص التصدير، حسب مزور، ارتفعت الأرقام من 61 مليار درهم إلى 377 مليار درهم، ويحتل القطاع الصناعي مكانة هامة في توفير فرص العمل، لا سيما للنساء اللائي يشغلن 44في المائة من المناصب. وأشار مزور إلى أن المغرب ينتج يوميا معاملات بقيمة ملياري درهم، نصفها مخصص للتصدير.
الوزير سلط الضوء أيضا على النمو الكبير في قطاع السيارات، الذي حقق معاملات بقيمة 150 مليار درهم، مع إمكانيات لمضاعفة هذا الرقم بفضل تطوير سلسلة قيمة البطاريات. كما حقق قطاع الطيران 23 مليار درهم، وهناك اهتمام متزايد بتصنيع الطائرات في المغرب.
المغرب أيضا له دور استراتيجي في الأمن الغذائي العالمي عبر المكتب الشريف للفوسفاط، ويعمل على تعزيز الاستدامة والابتكار في الصناعة وفقاً لتوجيهات الملك محمد السادس.
متدخلون: سيادة صحية وطاقية ورقمية لتعزيز التنافسية العالمية
بعد الجلسة الافتتاحية، ركز المتدخلون في جلسة نقاش ضمن الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة على ضرورة تعزيز الاندماج والارتقاء بالمنظومات الصناعية المغربية لضمان تنافسيتها الدولية، حيث شددت نائبة رئيس الفيدرالية المغربية لصناعة الأدوية، لمياء التازي، على أهمية تطوير قطاع الصناعات الصيدلانية من خلال الاستثمار في التكنولوجيات المتقدمة والبحث التطبيقي، مشيرة إلى ضرورة تعزيز اندماج سلاسل الإنتاج، خاصة في تصنيع المواد الأولية.
من جهته، أكد محمد بشيري، رئيس مجموعة المغرب للصناعة، على أهمية الاندماج المحلي للموردين لضمان تنافسية قطاع السيارات المغربي، مستشهدا بالجهود المبذولة لتعزيز تنافسية القطع المصنعة محلياً. كما أشار إلى ضرورة اعتماد الاستدامة الصناعية وتطوير نظام لتدبير النفايات الصناعية لدعم الابتكار وخلق فرص العمل.
وفي قطاع الطيران، أوضح نائب رئيس تجمع الصناعات المغربية للطيران والفضاء، سعيد بن حجو، أن المغرب أصبح فاعلا رئيسيا عالميا في هذا القطاع بفضل تنافسيته وخبراته، لكنه يواجه تحد تجاوز نسبة اندماج 42 في المائة، مشيرا إلى أن المزيد من الابتكار والجهود سيكون ضروريا لتحقيق تقدم أكبر.
وخلال ذات الجلسة، أكد المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، علي صديقي، على أن مستقبل الصناعة المغربية يرتبط بالسيادة في المجالات الصحية، الطاقية، والرقمية، كما أشار إلى نجاح المغرب في قطاعي السيارات والطيران بفضل رؤية جلالة الملك محمد السادس، على أهمية الانتقال الطاقي، مستشهدا بمشروع “Gigafactory” الذي يضع المغرب في طليعة التنقل الكهربائي، موضحا أن هذا المشروع سيساهم ليس فقط في تعزيز منظومة صناعة السيارات بالمملكة، بل سيمكن أيضا من تحقيق الاندماج الكامل في سلسلة قيمة الطاقات المتجددة، خصوصا من خلال بطاريات تخزين الطاقة الثابتة.
المدير العام لـ”طنجة المتوسط المناطق”، أحمد بنيس، شدد على دور منطقة طنجة المتوسط الصناعية في ربط المغرب بسلاسل القيمة العالمية وجذب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، مشيرا إلى أهمية السنتين القادمتين لترسيخ مكانة المغرب كفاعل اقتصادي عالمي.
من جهة أخرى، أشار منير الباري، رئيس فدرالية الصناعات الخشبية وفنون التصميم والتغليف، إلى الدور الاستراتيجي للتغليف في دعم السياسات الصناعية والصادرات المغربية، مبرزا الابتكارات المستمرة في هذا القطاع لتقليل وزن التغليف مع الحفاظ على جودته، مما يعزز تنافسية المنتجات المغربية في الأسواق العالمية.
التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات لتعزيز الاندماج الصناعي
على هامش الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة، وذلك تحت شعار ” تدشين عهد صناعي جديد يرتكز على السيادة ببنجرير، تم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات تروم تعزيز الاندماج الصناعي المحلي بعدد من القطاعات، ويتعلق الأمر باتفاقية ثلاثية الأطراف وقعها كل من وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، طارق حمان، ورئيس الفدرالية الوطنية للكهرباء والإلكترونيات والطاقات المتجددة، علي الحارثي، تروم استبدال 50 في المائة من المنتجات المستوردة في قطاع الكهرباء بالإنتاج المحلي. وتهدف هذه الاتفاقية، إلى تعزيز تنافسية المقاولات المغربية للولوج إلى الطلب العمومي. وستدخل هذه المبادرة، المندرجة في إطار التنمية المستدامة حيز التنفيذ بأثر فوري وستمتد إلى غاية دجنبر 2030.
وتتوخى الاتفاقية الثانية، التي وقعها، بالإضافة لرئيس الفيدرالية الوطنية للكهرباء والإلكترونيات والطاقات المتجددة، علي الحارثي، كل من رئيس فيدرالية الصناعة الجلدية بالمغرب، عز الدين جطو، ورئيس الجمعية المغربية لصناعة وتركيب السيارات، عادل الزيدي، ورئيس فيدرالية الكيمياء وشبه الكيمياء، عابد شكار، تعزيز الإنتاج المحلي للكابلات والمعدات الإلكترونية مع دمج مواد أساسية مثل الجلد في قطاع السيارات.
ووقع الاتفاقية الثالثة المتعلقة بالاندماج الصناعي في مجال الهندسة الميكانيكية، كل من رئيس فيدرالية الصناعات المعدنية والميكانيكية والكهروميكانيكية، عبد الحميد الصويري، ورئيس الجامعة المغربية لصناعة البلاستيك، هشام الحيد، فضلا عن عادل الزيدي وعابد شكار.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين القطاعات المعنية لدعم استخدام الحلول المحلية في الصناعة الميكانيكية، من أجل تحفيز الابتكار والتقليل من الاعتماد على المواد المستوردة.
وتروم الاتفاقية الرابعة، التي وقعها إلى جانب كل من رئيس الجامعة المغربية لصناعة البلاستيك ورئيس فدرالية الكيمياء وشبه الكيمياء، نائبة رئيس الفيدرالية المغربية لصناعة الأدوية والابتكار الصيدلي، لمياء التازي، ورئيس فيدرالية الصناعات الخشبية وفنون التصميم والتغليف، منير الباري، تعزيز تكامل المنتجات الصيدلانية. هذه الاتفاقية تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي والتنافسية في الصناعة الصيدلانية من خلال تشجيع إدماج مواد التغليف المصنعة محليا، مما سيساهم في السيادة الصناعية للمملكة.
وتتعلق الاتفاقية الخامسة، التي وقعها رئيس فيدرالية الصناعات المعدنية والميكانيكية والكهروميكانيكية، عبد الحميد الصويري، ورئيس الجمعية المغربية لصناعة وتركيب السيارات، عادل الزيدي، ورئيس فدرالية الصناعات المعدنية، محمد الشراط، بإدماج المواد المحلية في قطاع السيارات، وتسعى إلى زيادة استخدام المواد المنتجة محليا في هذا القطاع، وبالتالي التقليل من الاعتماد على الواردات وتشجيع التعاون بين الموردين المحليين ومصنعي السيارات، كما تروم تعزيز سلسلة القيمة ودعم تنافسية قطاع السيارات المغربي.
وتضمن برنامج هذه الدورة الثانية تنظيم عدة حلقات نقاش تتمحور حول “السيادة الصناعية ومؤهلات الجهات “، و”الارتقاء النوعي للمنظومات الصناعية” و”الرهانات الصناعية والتكنولوجية الجديدة”، و”الانتقال الطاقي”، و”الابتكار والقدرة التنافسية الاقتصادية”.
وفي الأخير، تم توقيع اتفاقيات بين الدولة وعدة فاعلين اقتصاديين لتمويل 48 مشروعا للبحث والتطوير والابتكار، ستتولى إنجازها 40 شركة ومقاولة صناعية ناشئة، بكلفة إجمالية قدرها 293 مليون درهم مع منحة للابتكار الصناعي بقيمة 122 مليون درهم. القطاعات الرائدة المعنية هي الصناعات الغذائية والطيران والسيارات، والقطاع السككي والاقتصاد الدائري والتنمية المستدامة والمعدات أو الآلات والأجهزة الطبية والكيمياء وشبه الكيمياء والنسيج وقطاع والصناعة البلاستكية والصناعة المعدنية ولوازم الإلكترونيك والهندسة الكهربائية.