قضايا وآراء

حينما يكون الرعب مشروعا انتخابيا


بقلم الأستاذ عبد الله الفردوس //
لم تنشغل العصابة الحاكمة في الجزائر بالانتخابات الرئاسية التي تعد لها على قدم وساق بكل ما أوتيت من مؤامرات ومناورات مفضوحة وتزوير للإرادة الشعبية، عن الاستفزاز المتصاعد للمغرب الذي يواصل تجاهلها التام، بل إنها عملت على إدراج المغرب ضمن أجندتها الترويجية والدعائية لمرشحها الرئاسي وواجهتها المدنية تبون الكوكايين، كما وصفه أحرار الجزائر، بحيث انطلقت قبل الأوان حملة ترويجية بئيسة لمنجزات تبون في ولايته الأولى، والتي دمغتها بالمنجز الكبير والباهر المتمثل في ما وصفته أبواقها الإعلامية بالقرار التاريخي القاضي بقطع العلاقات مع المغرب وسحب السفير، ووقف أنبوب الغاز المغاربي، وإغلاق الأجواء على الطيران المغربي المدني والعسكري، ومقاطعة كل ما هو مغربي أو يمت بصلة إلى المغرب، ومحاربة أي وساطة أو تقارب بين البلدين الجارين. ولم يكف العصابة الترويج البطولي لهذا المنجز التاريخي “العظيم”، الذي يعلم جميع أهل الأرض أنه لم يأت بنتيجة تذكر لصالح الجزائر وشعبها، ولا يمكن احتسابه ضمن أي منجز سياسي أو تنموي بمقاييس النجاح والنماء المتعارف عليها، ولا أنه عنوان فخر واعتزاز، إن لم يكن هو عين الضعف والفشل، والحكم على بلاد الجزائر بالعزلة التامة في منطقتها وجوارها، وخسارتها ديبلوماسيا واقتصاديا وجغرافيا لمصالح يصعب تعويضها، بل هزيمتها أخلاقيا أمام المغرب وأمام أنظار العالم لمعركة إثبات وجود مسمى الدولة الجزائرية بمؤسساتها الحكمة والحاكمة والحكيمة المفتقدة، في ظل العبث والتهور والقرارات العشوائية غير المدروسة التي انعكست كلها سلبيا، وبدون استثناء، على تدبير العصابة لسياستها الداخلية والخارجية. لم تكتف العصابة بالترويج المزيف والمغلوط وبدون آثار إيجابية ملموسة على نهضة البلاد وأمن العباد، لهذا المنجز العظيم في التهور والعربدة والغباء، بل دعت بشكل مبطن ومكشوف إلى إعادة انتخاب تبون على رأس الدولة، لمواصلة مسيرة قطع ما تبقى من علاقات قائمة أو محتملة مع المغرب، وزيادة منسوب العداء، فالمغرب- العدو ضروري في التعبئة للحملة الانتخابية الرئاسية، إن لم يكن هذا العدو المستحضر دوما، هو المشروع الأبرز للولاية الثانية لتبون، ولمسيرة العصابة العسكرية الجزائرية نحو التحكم التام في كل مناحي الحياة المدنية والسياسية في البلاد، والتي كشفت عنها الصفقة الأخيرة بين المرشح تبون والمتحكمين في رقبته من مجرمي العصابة، والتي أعلن عنها في اليومين الماضيين والمتمثلة في التوقيع على مرسوم رئاسي يقضي بانتداب وتعيين ضباط عسكريين لشغل مناصب ووظائف مدنية في الإدارات العمومية أو بقطاعات “استراتيجية وحساسة”، وذلك حتى تكتمل دائرة سيطرة الجيش بالتمام والكمال على ما تبقى من مدنية الدولة الجزائرية ومن مؤسسات اقتصادية حيوية ستتم عسكرتها وتحويلها إلى مصدر إثراء وعدوان على ثروات الشعب الجزائري.

فَتَحْتَ غطاء الحاجة الملحة والسيادية إلى العدو المغربي، وإلى الفزاعة المغربية، لتخويف وتطويع الجزائريين، سيتم نهب العصابة لمؤسسات البلاد وتخريبها، وتخدير الشعب الجزائري بوديعة الشهداء، وبالعدو المتربص، وبتدخل الجيش الشعبي المجاهد والوفي واليقظ، وبالقوة الضاربة المتأهبة، وبالمؤامرات المحدقة، وبالنيران الموقدة في الغابات…

ولهذا اتجهت العديد من أبواق العصابة ودعاتها على أبواب جهنم المروجة لعهدة ثانية لتبون، لإدراج المغرب ضمن حملته الانتخابية، دغدغةً لمشاعر الخوف الشعبي والرهاب الجماعي، وبحثا عن البطل المرعب للعدو المغربي، وتقول بلسان حالها إن انتخاب أي رئيس جديد للجزائر من غير تبون سيكون نصرا للعدو المغربي ونجاحا للتهدئة على الحدود وخفضا للتوتر بين البلدين، مما ليس فيه مصلحة الجزائر؛ أي مصلحة العصابة. فالعصابة تتغذى، في روتينها اليومي، على ملف النزاع المصطنع مع المغرب، وتستغل هذه الفتنة في الرياضة كما في الثقافة والسياسة بل وفي الطبيخ والعجين، فأينما تتجه الأنظار في الجزائر إلى خصاص أو أزمة في الزيت أو الحليب أو الدقيق أو الماء أو الهواء، فثمة أصابع للعصابة تشير إلى أن وراءها المغرب بكل مسمياته ورموزه وحضوره وإشعاعه وأبنائه ومؤسساته من مخزن ولقجع و… إن البحث المرضي المزمن عن المغرب منقذا لتبون وللعصابة من الإفلاس والفشل الذريع في إنجاز المشاريع الحيوية، وإدارة الدولة بما فيها إدارة الأزمات والخلافات، هو طوق النجاة المتبقي للعصابة من الغرق في شر أعمالها، فهل تنطلي على الشعب الجزائري حيلة “المغرب المرتعد الفرائص” والمرتعش الأطراف من عودة العصابة وتبونها البطل المرعب في ولاية ثانية أو عهدة كما يسمونها، لاستكمال برنامج الإرعاب والإرهاب، الذي لا يتجاوز في الواقع والحقيقة إرهاب وإرعاب الشعب الجزائري ببعبع مصنوع ومختلق جملة وتفصيلا، كمبرر وهمي لاستمرار تخريب الجزائر، وتسفيه علاقاتها الإقليمية والدولية، وتضليل شعبها، ومواصلة نهب ثرواتها، وصرف الأنظار عن أسئلة التنمية والديموقراطية والحريات والحقوق والدولة المدنية التي طرحها وترك الحراك الشعبي الجزائري رسالتها إلى النظام الغادر والخائن المجهض والمرعب لنظام العصابة، بدون إجابة مقنعة لا من بهلوان المرادية، ولا من مجرمي العشرية السوداء في ثكنة عنتر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق