
الرباط- عبد الحق العضيمي //
يبدو أن الشكايات المتزايدة، التي ترفعها الجمعيات الناشطة في مجال حماية المال العام ضد المنتخبين والمسؤولين بشبهة تبديد واختلاس المال العام، مازالت تثير حنق وزير العدل، عبد اللطيف وهبي. فبعد إعلانه بمجلس المستشارين، قبل نحو سنتين، عن إدراج تعديلات على قانون المسطرة الجنائية لمنع الجمعيات من تقديم الشكايات، عاد المسؤول الحكومي، ليجدد امتعاضه من تناسل هذه المنظمات بشكل كبير، مشددا على ضرورة وضع حد لما وصفه بـ”إسهال” الشكايات الكيدية والوشايات الكاذبة.
وقال وهبي، الذي كان يتحدث في اجتماع للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، المخصص لمناقشة مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، إن “جمعيات حماية المال العام تناسلت بشكل كبير، وأضحت تتنافس فيما بينها لرفع أكبر عدد ممكن من الشكايات ضد المنتخبين والمسؤولين، وذلك على الرغم من أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات برأتهم، وكذا تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية لوزارة الداخلية، والتي تشير فقط إلى وجود اختلالات تستدعي تنفيذ التوصيات اللازمة”. وتابع مخاطبا البرلمانين “أستغرب من الكم الهائل للشكايات التي تصلنا في الوزارة، والتي تقدر بالآلاف”، كاشفا أنه عين موظفا ليتولى مهمة فحص فحوى هذه الشكايات، قبل أن يطلب هذا الأخير إعفاءه من هذه المهمة بسبب كثرتها.
وأوضح وهبي، أنه تبين بعد الفحص أن معظم هذه الشكايات هي مجرد ادعاءات واتهامات بلا أدلة، وغالبيتها تتعلق بنزاعات شخصية، من قبيل أن مرشحا لم يفز في الانتخابات يقدم شكاية ضد خصمه الفائز، علاوة على شكايات أخرى ضد مدراء مؤسسات ومقاولات عمومية وبرلمانيين، ليضيف “بل حتى الأساتذة لم يسلموا منها”. وزاد قائلا: “اللي ناض الصباح ومالقى ما يدير يدير شكاية”، موردا في هذا السياق أن وزارته توصلت بشكاية تتهم “سانديك” إقامة سكنية باختلاس أموال الساكنة، ليتساءل وهبي: “هل يندرج هذا الأمر ضمن اختصاص وزارة العدل؟”.
وبعدما حذر مما وصفه بــ”التوظيف السيئ والرديء للشكايات”، كشف وزير العدل أن مشروع القانون الجنائي الجديد المرتقب أن تحيله الحكومة على البرلمان قريبا، يتوعد أصحاب الشكايات الكيدية والوشايات الكاذبة بعقوبة مشددة تصل إلى 10 سنوات سجنا نافذا، بدلا من الحبس موقوف التنفيذ المعمول به في التشريع الجنائي الحالي. من جانب آخر، شهد اجتماع اللجنة سجالا حادا بين الأغلبية والمعارضة، بشأن موعد انعقاده، حيث رفض نواب المعارضة التئامه بحجة مخالفته للنظام الداخلي للمجلس، مذكرين باتفاق سابق لمكتب اللجنة ينص على تأجيل مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية إلى ما بعد افتتاح الدورة الربيعية بعد شهر رمضان، بينما تمسك رئيس اللجنة ومكونات فرق الأغلبية بقانونية انعقاده.
وأشار رئيس اللجنة إلى أن مكتب هذا الأخير عقد اجتماعا عن بُعد وتم فيه الاتفاق على عقد الاجتماع وبدء المناقشة العامة لمشروع القانون. وفي ظل تمسك كل طرف بموقفه، اختار وزير العدل الانسحاب من القاعة التي احتضنت الاجتماع، حيث خاطب الحاضرين بالقول: “سأغادر إلى حين التوصل إلى اتفاق”. قرار الوزير لم يعجب النواب الحاضرين، قبل أن يعود ليوضح بأن انسحابه كان لسبب قانوني، مؤكدا أنه كوزير لا دخل له في النقاش الذي دار بين الأغلبية والمعارضة. وزاد قائلا :”الحكومة غير معنية بهذا النقاش، لأن مسؤوليتي السياسية انتهت مع تقديم مشاريع القوانين أمامكم”.