مجتمع

الحكومة “تقبر” قانونا لحماية المختلين عقليا بعد طي صفحة “بويا عمر

الرباط- عبد الحق العضيمي //

أعلن مجلس النواب، أن الحكومة تقدمت بطلب لسحب مشروع القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها من البرلمان.

جاء الإعلان على لسان محمد بودريقة، أمين المجلس، خلال بداية جلسة الأسئلة الشفوية أول أمس الاثنين، حيث أوضح أن مكتب مجلس النواب تلقى مراسلة من رئيس الحكومة، عزيز أخنوش بشأن سحب مشروع القانون رقم 71.13 المذكور.

مشروع القانون المسحوب الذي ظل “محتجزا” داخل “ثلاجة” لجنة القطاعات الاجتماعية منذ سنة 2016 دون أن يخضع للنقاش، كان يهدف إلى “حماية الحقوق الأساسية والحريات الفردية للأشخاص المصابين باضطرابات عقلية وتحديد المبادئ العامة التي يجب أن يخضع لها التكفل بهؤلاء الأشخاص بالإضافة إلى تحديد المؤسسات الصحية التي تعنى بالوقاية من الاضطرابات العقلية وبعلاج الأشخاص المصابين بها”.

وتوعد المشروع كل من أخضع شخصا مصابا باضطرابات عقلية لمعاملة غير إنسانية أو مهينة تسبب له معاناة جسدية أو نفسية لا يبررها التكفل الطبي بهذا الشخص، بـ”الحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 10 آلاف إلى 50 ألف درهم.”

كما نص المشروع على معاقبة كل مدير مؤسسة استشفائية للصحة العقلية، أغفل وضع المريض تحت الملاحظة الطبية، بـ”الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 20 ألفا إلى 50 ألف درهم”.

وفرض المشروع أيضا العقوبة نفسها ضد كل من حرض أو ساعد مريضا خاضعا للاستشفاء اللاإرادي على الهرب من المؤسسة الاستشفائية المقبول بها أو حاول تحريضه أو مساعدته على ذلك.

علاوة على ذلك، تضمن مشروع القانون عقوبات حبسية وغرامات ثقيلة ضد كل طبيب أو مدير مؤسسة للصحة العقلية الذي يقبل شخصا مصابا باضطرابات عقلية للاستشفاء الإرادي ويبقي عليه في هذا الاستشفاء دون الحصول مسبقا على موافقته، حيث نص على معاقبة المتورطين في هذه الأفعال بـ”الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 50 ألفا إلى 100 ألف درهم”. كما أقر العقوبة ذاتها “في حق كل طبيب أو مدير مؤسسة للصحة العقلية قام بتحويل الاستشفاء الإرادي إلى استشفاء لا إرادي خرقا للقانون”.

مشروع القانون الذي سعى إلى عدم تكرار مآسي “معتقل بويا عمر”، اقترح إعمال العقوبات المنصوص عليها في الفصل 436 من مجموعة القانون الجنائي في حق “كل من استقبل شخصا مصابا باضطرابات عقلية أو حبسه أو احتجزه قصد التكفل به في مكان آخر غير المؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية، والعيادات الخاصة بالأمراض العقلية والمراكز العمومية أو الخاصة المتخصصة في التكفل بصنف من أصناف الاضطرابات العقلية أو بفئة من فئات الأشخاص المصابين بها، وكذا مؤسسات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج، أو المراكز الصحية والوحدات الطبية المتحركة التابعة لشبكة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية .

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد أوصى في رأي له بإعادة النظر في مشروع القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، قبل المصادقة عليه، وذلك بالتشاور مع الجمعيات المهنية، ونقابات أطباء الأمراض العقلية، والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية، وجمعيات المرتفقين والمجتمع المدني.

وسبق لخالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن كشف معطيات “مقلقة” بشأن الصحة النفسية والعقلية للمغاربة، إذ أفاد في معرض جوابه عن سؤال كتابي بمجلس النواب، بأن “48.9 في المائة من المغاربة يعانون أو عانوا من اضطراب نفسي في فترة ما في عمرهم”. وتابع “أن 26 في المائة من المغاربة عانوا من الاكتئاب خلال حياتهم، و9 في المائة من اضطرابات القلق، و5.6 في المائة من اضطرابات ذهانية، و1 في المائة من الفصام”.

وزاد الوزير، أن “هذه الاضطرابات تتميز بكلفتها الثقيلة سواء على الصعيد الاجتماعي، أو الاقتصادي، وكذا بانتشار ظاهرة الوصم التي تؤدي إلى التمييز، مما يحد من إمكانية ولوج الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات إلى العلاج”.

وارتباطا بالموارد البشرية، قال آيت الطالب إن “المغرب يتوفر على أقل من طبيب نفسي واحد لكل 100 ألف نسمة، مقارنة مع المعدل العالمي المقدر بـ1.7 لكل 100 ألف نسمة، والأوروبي بـ9.4 أطباء لكل 100 ألف”. وعلاقة بالأسرة الاستشفائية، أشار آيت الطالب إلى أن الطاقة السريرية التي يتوفر عليها المغرب لا تتجاوز 6.43 سرير لكل 100 ألف نسمة، موزعة بين 25 مصلحة للطب العقلي مدمجة في المستشفيات العامة، تضم 825 سريرا، و11 مستشفى للأمراض النفسية (الجامعية والعمومية) بـ 1341 سريرا، و3 مصالح استشفائية جامعية لطب الإدمان بـ 46 سريرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق