سياسةوطني

البرلمان يطلب وضع حد لتضارب المصالح ويكشف وصفته لمحاربة “الموظفين الأشباح”

الرباط- عبد الحق العضيمي //

دعت مجموعة العمل الموضوعاتية بمجلس النواب، المكلفة بتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، الحكومة إلى سن قانون لمنع “تضارب المصالح”.

وأوضحت المجموعة الموضوعاتية في تقريرها، الذي اطلع موقع “الأمة 24” على نسخة منه، أن سن هذا القانون يمكن أن يضع حدا لحالات تضارب المصالح، لاسيما في مجال الصفقات العمومية.

وأشارت المجموعة إلى أن القانون الذي طالبت بإصداره يجب أن يقدم تعريفا واضحا لمفهوم تضارب المصالح، وأن يحدد بشكل دقيق العقوبات الزجرية ضد الأفراد الذين يمتنعون عن التصريح أو يقدمون تصريحات بشكل متأخر عن موعد وضعها، أو يقدمون تصريحات غير مكتملة أو ناقصة أو غير قادرين على تبرير الزيادات المرصودة في ثرواتهم.

كما دعا التقرير أيضا إلى تبني منظومة جديدة للتصريح بالممتلكات، تشمل إنشاء قاعدة معطيات موحدة ومترابطة مع الإدارات الأخرى،  بالإضافة إلى اعتماد نظام للتحقق من صحة التصريحات المقدمة.

وبخصوص ظاهرة “الموظفين الأشباح”، أكد التقرير على ضرورة محاربتها بشكل فعال، حيث دعا في هذا الصدد جميع القطاعات العمومية إلى اتخاذ إجراءات واقعية وعملية لمكافحة التغيب غير المشروع عن العمل.

وأوصت المجموعة الموضوعاتية في هذا الصدد، باعتماد “الوسم الإلكتروني” كوسيلة لضبط الحضور إلى مقرات العمل.

من جانب آخر، اقترح التقرير توسيع صلاحيات وزارة إصلاح الإدارة لتمكينها من القيام بمهامها بشكل أفقي على مستوى جميع القطاعات الحكومية، للإشراف وتتبع تنفيذ السياسات والبرامج الحكومية المتعلقة بالإدارة.

وأكد التقرير أن إعادة هيكلة هذه الوزارة وباقي القطاعات الأخرى “يشكل ركيزة أساسية في منظومة الإصلاح”.

وتابع أن “وجود هذا القطاع كقطاع منتدب لدى رئيس الحكومة دون صلاحيات قانونية وتقريرية لممارسة مهام إصلاح الإدارة العمومية وتتبعِ تنفيذ الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة على مستوى باقي القطاعات وكذا دون صلاحيات لقياس أثر تفعيل الخطة على المجتمع، يجعل دوره محدودا جدا وباهتا، ولا يرقى إلى مستوى أن يكون راعيا لإصلاح الإدارة العمومية والوظيفة العمومية، فبالأحرى أن يفرض رؤيته التدبيرية والتنظيمية على جميع القطاعات كإصدار المرسوم المتعلق بتنظيم القطاعات والإدارات العمومية الأخرى”.

التقرير الذي يقدم تحليلا للاختلالات والأعطاب التي تعاني منها الإدارة العمومية، أوصى أيضا بإصلاح الهياكل المركزية والجهوية المكلفة بالتفتيش والافتحاص الداخلي (المفتشيات العامة) وإعادة النظر في اختصاصاتها.

كما دعا التقرير إلى تسريع إحداث المرصد الوطني للمرافق العمومية لضمان رصد مستوى نجاعة أداء المرافق العمومية ومتابعة تنفيذ وتقديم خدماتها.

وعلى مستوى الموارد البشرية، حث التقرير على ضرورة التطبيق الفعلي للتدبير التوقعي للموارد البشرية، مع الأخذ بعين الاعتبار إعداد أجيال جديدة من القيادات الإدارية من خلال تنمية المهارات والكفاءات بشكل يتلاءم مع تطور أساليب التدبير والقيادة.

وطالب التقرير كذلك بمراجعة وإعادة النظر في القانون المنظم للوظيفة العمومية لمواكبة المستجدات القانونية والتدبيرية.

واقترحت الوثيقة البرلمانية إحداث وظيفة عمومية جهوية وتشجيع الكفاءات المحلية، واعتماد التعاقد لاستقطاب الكفاءات إلى الإدارة العمومية.

وطالب التقرير بتفويض تدبير الموارد البشرية بالمصالح الخارجية للمسؤولين المحليين، وإعطاء أهمية أكبر لمسألة التكوين والتكوين المستمر عبر إقرار إطار قانوني للتكوين المستمر يحدد حقوق وواجبات الموظفين ويتضمن تدابير ملزمة من قبيل “إدماج التكوين المستمر ضمن الشروط المطلوبة للترقي، وفرض عقوبات على الموظفين الذين يرفضون أو يتغيبون عن دورات هذا التكوين”.

وأوصى التقرير أيضا بتطوير منظومة الترقي من خلال “إعادة النظر في الإطار التنظيمي المتعلق بالترقية والتنقيط بتبني المردودية والكفاءة بدل الأقدمية والاعتماد على التقييم حسب الأهداف المنجزة”.

وأشار التقرير إلى أهمية تحديد مدة تحمل المسؤوليات والمناصب العليا وحصر التمديد فيها لفترة أو فترتين كأقصى تقدير، وذلك من أجل فتح المجال أمام طاقات وكفاءات جديدة لتحمل المسؤولية.

ونبه أعضاء المجموعة الموضوعاتية في تقريرهم إلى ضرورة ربط التعيين في مناصب المسؤولية بالكفاءة والابتعاد عن التعيينات المسيسة.

ووردت ضمن توصيات التقرير أهمية تحفيز موظفي الإدارة العمومية خصوصا الأطر العليا ومتحملي مناصب المسؤولية على ضرورة الابتكار في مجال الإدارة عبر إحداث جوائز وطنية وقطاعية تحفز على تبني الابتكار والإبداع في الإدارات العمومية، والتخلي بشكل تدريجي عن النسق التقليدي.

ويرى نواب المجموعة الموضوعاتية، أن تبني خيار التحفيز سكون له تأثير إيجابي على نجاعة وأثر السياسات والبرامج العمومية.

من جانب آخر، أوصى التقرير بتفعيل الالتزام بالنزاهة والشفافية واحترام تكافؤ الفرص في مباريات التوظيف، وذلك من خلال إحداث لجن للإشراف على هذه المباريات بقرار من رئيس الحكومة، على أن تضم هذه اللجن في عضويتها أعضاء من خارج القطاع المعني بعملية التوظيف.

ومن بين التوصيات اللافتة أيضا، دعوة المجموعة الموضوعاتية الحكومة إلى “إقرار نظام أجور عادل ومنسجم من أجل خلق تحفيز يؤدي إلى تطوير الكفاءات وتجويد الخدمات العمومية المقدمة، مع الحرص مستقبلا على تجنب منح أي تعويضات أو علاوات غير مستحقة أو غير مسندة بقواعد قانونية”.

علاوة على ذلك، طالب التقرير بتوحيد نظام الوظيفة العمومية عبر دمج الأنظمة الأساسية الخاصة في نظام موحد يضمن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع القطاعات، وتبني آليات لتتبع الأداء الإداري للموظف بالإدارات العمومية كيفما كانت درجته.

وعلى مستوى التخطيط، أكد التقرير على ضرورة تسطير سياسات عمومية واستراتيجيات مستقبلية بأهداف عامة واضحة، شاملة ومركزة، بعيدة عن العمومية وملزمة لكافة القطاعات مع اعتماد آليات تنسيقية لضمان التفعيل المتساوي والمتكافئ بين كافة القطاعات مع توضيح التزامات كل قطاع.

وشددت الوثيقة نفسها على أهمية إعداد تقارير موضوعاتية ودورية من طرف القطاعات الوزارية تبين سلسلة التكامل والتنسيق والإنجاز التي تهم مختلف الأهداف والمشاريع المتقاطعة بين السياسات والبرامج العمومية المختلفة، والتي تتقاطع في نفس الأهداف أو تتكامل مع بعضها البعض.

وأكدت أيضا على تقوية دور وزارة الاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية باعتبارها قطاعا حديثا من شأنه أن يساهم في التنسيق بين مختلف البرامج والسياسات القطاعية وفق الاختصاصات الموكلة إليها.

وحث التقرير على العمل على إعداد قاعدة معطيات دقيقة ومرقمنة تُسهل الولوج والاطلاع على مضامين مختلف المخططات والبرامج العمومية ونسب إنجازها، والتسريع بإحداث اللجنة الوطنية لتنسيق السياسات العمومية برئاسة رئيس الحكومة واللجن الجهوية للسهر على ضمان الالتقائية على المستويين المركزي والترابي.

وفيما يتعلق بالجانب التشريعي، أوصى التقرير بتبسيط التشريعات المرتبطة بالمنظومة الإدارية قبل تبسيط المساطر الإدارية، مشددا في السياق ذاته، على ضرورة إغناء ودعم أحكام وضوابط قانون تبسيط المساطر الإدارية بمقتضيات جديدة ترتب المسؤولية الشخصية على الموظفين المخالفين لمقتضيات هذا القانون، كمطالبة المرتفقين بوثائق ومستندات غير منصوص عليها أو غير منشورة بالبوابة الوطنية.

وفي هذا الإطار، اقترح التقرير ترتيب المسؤولية عن كل إخلال أو عدم احترام للقوة الإلزامية لمقتضيات أي قانون من طرف المسؤولين الإداريين، وعدم الالتزام بضمان الاستمرارية في أداء الخدمات العمومية. وبعدما أكد على الحاجة لإصدار المرسوم المتعلق بتحسين استقبال المرتفقين، دعا التقرير إلى تسريع مسطرة المصادقة على النصوص التنظيمية المتعلقة بإصلاح الإدارة المحالة من وإلى الأمانة العامة للحكومة وبعض القطاعات الحكومية، مع مراجعة القانون رقم 19 – 54 بمثابة ميثاق المرافق العمومية وإعطائه الدقة اللازمة والإلزامية والجرأة في تنظيم المرافق العمومية، بالإضافة إلى مراجعة القانون الأساسي للوظيفة العمومية، من أجل تمكين الموظفين العموميين من التبليغ عن التصرفات التي تدخل في خانة جرائم الفساد والتي يطلعون عليها، وذلك دون خوف على مسارهم المهني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق