حكيمة أحاجو
أعلنت منظمة العفو الدولية، أن مجمل الأحكام التي تصدرها المحاكم الجزائرية في حق المعارضين، ونشطاء الحراك، هي أحكام جماعية بالإعدام تشوبها محاكمات جائرة ومزاعم بالتعذيب، وأنه منذ أبريل 2021، لجأت السلطات الجزائرية على نطاق واسع إلى استخدام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات في البلاد لمقاضاة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين بسبب “القيام بأفعال إرهابية”.
وبحسب المنظمة، فإن محاكمات 54 شخصا حُكم عليهم بالإعدام بسبب الأحداث التي وقعت في منطقة القبائل، في شمال شرق الجزائر شهر غشت 2021، والتي تضمنت قتل ناشط والتنكيل به، شابها انتهاكات لإجراءات المحاكمة العادلة وادعاءات بالتعذيب، بينما تمّت مقاضاة ستة أشخاص على الأقل بسبب انتماءاتهم السياسية. وقالت إنه من بين الـ 54 شخصا، الذين حكم عليهم بالإعدام في إطار إجراءات جماعية في نونبر 2022، أدين خمسة غيابيا، أحدهم امرأة، حيث أصدرت غرفة الاتهام في محكمة الجزائر العاصمة، أحكاما بالإعدام في حق ستة من نشطاء حركة “الماك” بمنطقة القبائل، بعدما صنفتها السلطات الجزائرية على أنها منظمة “إرهابية” في يونيو2021.
وأوضحت المنظمة، في مقال على موقعها على الانترنيت، أن خمسة من أعضاء “الماك” المحكوم عليهم بالإعدام، قالوا للمحكمة إنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
وفي تصريح إعلامي لآمنة القلالي، نائبة مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، قالت: “إن السلطات الجزائرية، بلجوئها إلى عقوبة الإعدام في إجراءات جماعية موجزة عقب محاكمات بالغة الجور، لا تكشف عن ازدرائها التام للحياة البشرية فحسب، بل تبعث أيضا برسالة مروعة بشأن كيفية تحقيق العدالة في الجزائر اليوم”.
وأضافت المسؤولة الحقوقية، أنه لا يمكن تبرير فرض عقوبة الإعدام أبدا، بغض النظر عن الجريمة المرتكبة، مشددة على أنه يجب إلغاء أحكام الإعدام وأحكام الإدانة القاسية هذه بصورة ملحة وعاجلة.
ودعت القلالي إلى التحقيق بشكل مستعجل في حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، كما طالبت بإعادة محاكمة جميع المدانين غيابيا أو الذين تمت مقاضاتهم بسبب انتماءاتهم السياسية.
وفي هذا الصدد، ذكرت المنظمة، أن محاكمة 54 معتقلا على خلفية أحداث منطقة القبائل، عرفت انتهاكات في إجراءات المحاكمة العادلة، كما أنهم أدينوا وحكم عليهم بالإعدام بتهم مختلفة، منها القتل والإرهاب وإضرام النيران، على خلفية قتل الناشط جمال بن إسماعيل والتنكيل به في تيزي وزو، وإضرام النيران في منطقة القبائل في شمال شرق الجزائر، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصا، فضلا عن عضويتهم في حركة “الماك” بمنطقة القبائل، كما اتهموا بـ “التعذيب والتحريض عليه” و”التعدي بالعنف على رجال القوة العمومية” و”نشر خطاب الكراهية والتمييز”.
وكشف المصدر ذاته، أن ما لا يقل عن 62 من المعتقلين على خلفية نفس الأحداث، وجهت إليهم تهم مماثلة في المحاكمة ليصل العدد الإجمالي للمحاكمات في هذه القضية إلى 116، وحكم على 28 منهم بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين و10 سنوات.
وفي السياق ذاته، توقفت نائبة مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، عند عدد من الخروقات والانتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة، منها عدم إخطار المحكمة للمتهمين بالتهم الموجهة إليهم أو بوقت ومكان المحاكمة، في انتهاك للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، كما شملت غياب تسعة شهود عن المحاكمة التي جرت خلف أبواب مغلقة بين 15 و24 نونبر2021، ولم تحضرها عائلات ضحايا أحداث غشت 2021.
وفي تصريح نسبته المنظمة لأحد المحامين، فقد تعرض المتهمون بالوقوف وراء أحداث القبائل، للصعق بالكهرباء والتهديد بالاغتصاب أثناء الاحتجاز، كما أن خمسة على الأقل من المدانين قالوا للقاضي إن أقوالهم انتُزعت بالإكراه وباستعمال الصعق بالكهرباء، وتم إيهامهم بالغرق، وهددوا بالاغتصاب أثناء احتجازهم من قبل عناصر الأمن.
وأضافت أن أربعة متهمين على الأقل من المحكوم عليهم بالإعدام غيابيا لم يكونوا في الجزائر عندما وقعت الجرائم المزعومة، منهم أكسيل بلعباسي، القيادي بحركة الماك، والذي يعيش في فرنسا ولم يزر الجزائر منذ غشت 2019، ومراد اتيم، الذي يعيش ويعمل في كندا كمدير لتلفزيون تقفايليت ” Taqvaylit TV” للبث التلفزيوني عبر الإنترنت، بعد أن عمل سابقا كمنسق لحركة “القبائل” بأمريكا الشمالية، والذي لم يزر بدوره الجزائر منذ عام 2016.
يشار إلى أن الجزائر لم تلغ بعد عقوبة الإعدام، ولم تصادق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام