![](https://alouma24.ma/wp-content/uploads/2022/12/IMG-20221219-WA0031-780x405.jpg)
حكيمة أحاجو
بهدف إعادة الدفء للعلاقات الثنائية، والتحضير لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، إلى المملكة مطلع العام المقبل، وضعت زيارة كاترين كولونا، وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، حدا للأزمة الصامتة التي مرت منها العلاقات المغربية الفرنسية لأزيد من عام، وهمت على الخصوص الموقف الفرنسي من الحكم الذاتي، والذي وصفه المغرب بـ”الضبابي”، وكذا أزمة التأشيرات التي ألقت بظلالها على العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الصدد، عبر ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في ندوة صحافية مشتركة مع رئيسة الدبلوماسية الفرنسية عقب مباحثات بينهما، أن الشراكة المكثفة بين فرنسا والمغرب لم تتزعزع قط في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والأمنية والتربوية.
وأوضح أنه تحدث والوزيرة الفرنسية حول كيفية إعادة إحياء آليات التعاون بين البلدين”، مؤكدا على “الطموح المشترك لتطوير هذه العلاقة”، وأشار إلى أن مباحثاته مع نظيرته الفرنسية كانت “مناسبة لننظر إلى واقع العلاقة بأسسها الصلبة ومظاهرها المتعددة والمتنوعة، ولكن أيضا لبعض الإكراهات التي تواجهها من حين لآخر”.
من جهتها، أكدت كاترين كولونا على تعميق العمل المشترك والمضي قدما بوتيرة جيدة لفائدة حوار قائم على الاحترام، والتبادل المفتوح، والروح البناءة، مضيفة أن ذلك يتطلب التكيف مع الانتظارات المشروعة للمغرب، الذي يتغير ويتطور.
وفي موضوعي نقطتي الخلاف التي كانت بين البلدين في موضوع إصرار المغرب على الاعتراف الفرنسي بسيادته على أقاليمه الجنوبية، مثلما فعلت الولايات المتحدة أواخر عام 2020، وأزمة التأشيرات التي قلصت عدد المغاربة المسموح لهم بالدخول للتراب الفرنسي، فقد شددت وزيرة الخارجية الفرنسية على موقف بلادها “الداعم للمغرب” والمتعلق بالمخطط المغربي للحكم الذاتي، مبرزة أنه موقف معروف لدى المغاربة، خاصة وأن باريس قد عبرت عنه بالأمم المتحدة في الوقت الذي كانت فيه “الوحيدة التي تريد تطوير بعض الأفكار” بشأنه. وقالت “نحن لا نتغير، والمغرب يدرك أنه يمكن أن يعتمد على دعم فرنسا”.
وأضافت كولونا أن “موقف فرنسا واضح وثابت”، معربة عن أملها استئناف المفاوضات بين الأطراف من أجل التوصل إلى حل عادل وواقعي”، مشيرة إلى ثبات الموقف الفرنسي، وخاصة ذلك المتعلق بتجديد ولاية بعثة المينورسو، والتي حظيت بتقدير من المغرب”.
وفي موضوع التأشيرات، قالت المسؤولة الفرنسية، إن البلدين سيعيدان علاقتهما القنصلية الكاملة، بهدف “النهوض بالتبادلات البشرية، وتشجيع التناغم العميق بين المجتمعين، وهو ما يجعل هذه العلاقة الثنائية متفردة”، مضيفة أن “الرأسمال البشري الذي يوجد بيننا يشكل مصدر قوة لكلا البلدين”، وأن “هذه التبادلات ستظل حجر الأساس لعلاقاتنا الثنائية ومحركها في المستقبل” قبل أن تستدرك “قمنا بما يتعين القيام به. لقد تم الأمر”.
وفي معرض تعليقه عن الزيارة، التي قامت بها وزيرة الخارجية الفرنسية، لبلادنا قال الحسن أشهبار، أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ”رسالة الأمة”، إن زيارة كاترين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية، إلى المغرب تعد حدثا سياسيا ودبلوماسيا بارزا ومميزا. وأضاف أن زيارتها تأتى في ظل حالة فتور غير مسبوقة، ميزت العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، وبالتالي فالأهم فيها هو ما تمخض عنها من مخرجات أبرزها، انتهاء أزمة التأشيرات التي امتدت أكثر من سنة، بعد ما قررت فرنسا تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، وما خلفته من ردود فعل شعبية رافضة.
وذكر أن المملكة المغربية آنذاك لم تعلق ولم تصدر أي تصريح، حسب ما أكده وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة في الندوة الصحافية مع الوزيرة الفرنسية، حيث قال إن المغرب احترم القرار الفرنسي باعتباره قرارا سياديا ولم يشأ التعليق عليه.
واعتبر المحلل السياسي، أن القرار الفرنسي بإعادة التعاملات القنصلية، إلى سابق عهدها، أتى لإدراكه بأن المغرب يسير وفق مبادئ ثابتة تحترم سيادته الخارجية، وبأن مثل هذه القرارات لم تأثر عليه بأي حال من الأحوال، وبأن الخاسر الأكبر هو فرنسا، خاصة في ما يتعلق بالتعاون في مجال الهجرة، ففرنسا أرادت الضغط على المغرب عبر ملف التأشيرات من أجل دفعه إلى التنازل في ما يتعلق بقضية إعادة المهاجرين غير الشرعيين (المتواجدين فوق التراب الفرنسي).
وفي سياق متصل، أكد أشهبار أن هذه الزيارة لم تخلو من الحديث عن قضية الصحراء المغربية، بضيافة وزيرة الخارجية الفرنسية، والتي أكدت على دعم بلادها لقضية الحكم الذاتي، الذي اقترحه المغرب كآلية وحيدة لحل قضية الصحراء المغربية المفتعلة، كما أنها أشارت بالحرف إلى أنه يمكن للمملكة المغربية أن تعول على فرنسا في قضية الصحراء المغربية .
وفي هذا الصدد، قال أشهبار إن “هذا التصريح يمكن أن ينظر إليه بشكل إيجابي، لكن رغم ذلك فهذا التصريح لا يمكن أن يرضي الفاعل الدبلوماسي والسياسي المغربي، على اعتبار أن المغرب يطلب من فرنسا موقفا صريحا و واضحا من قضية الصحراء المغربية، وهو الاعتراف بمغربية الصحراء، خاصة أن جلالة الملك كان واضحا في خطابه حين ما قال بأن قضية الصحراء المغربية تحتاج إلى أن يتعامل معها الفاعلون الدوليون بصراحة، وأن تكون مواقفهم واضحة ويعبروا عنها بدون مراوغات، وإن صح التعبير كذلك فهذه الزيارة ربما تناولت نقطة مهمة هي مسألة الإعداد لزيارة محتملة ومرتقبة للرئيس الفرنسي إلى المغرب، خلال الربع الأول من السنة المقبلة، ولا شك أن هذه الزيارة إن تمت بطبيعة الحال قد تؤدي إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين”.
ودعا أشهبار فرنسا إلى الوضوح في موضوع قضية الصحراء المغربية، وكذلك بتخلي فرنسا عن بعض الممارسات بتواطؤ مع بعض القوى الإقليمية ضدا على المصالح العليا للمملكة، مؤكدا أن الرابح الأكبر من هذه التطورات هو المملكة المغربية، التي لم تغير مواقفها الدبلوماسية من فرنسا، ولم تقدم أي تنازلات، في المقابل يلاحظ أن فرنسا أدركت أنه لا غنى لها على وضع يدها في يد المغرب، بالنظر إلى أهميته الإستراتيجية ووزنه الدبلوماسي إقليميا ودوليا في وقت تزداد فيه العزلة الفرنسية داخل إفريقيا وخارجها، خاصة منذ تولي ماكرون زمام الحكم في فرنسا.