سياسةوطني

“المجلس الأعلى للتربية” يدعو إلى “الجرأة” لإصلاح “أعطاب التعليم” و”تجنب “التسابق السياسي”

الرباط- عبد الحق العضيمي

دشن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أولى اجتماعاته لولايته الثانية، بلقاء افتتاحي خصص لتقديم الأعضاء الجدد الذين يمثلون مختلف الهيئات والمؤسسات والفاعلين والخبراء في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بالمملكة، وعددهم 90 عضوا.
وفي كلمة له بالمناسبة، خاطب الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أعضاء هذه المؤسسة الدستورية قائلا: “إن لحظة تعيينكم أعضاء في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تشكل منطلقا جديدا لأفق جديد لعمل هذه المؤسسة الدستورية، التي أحدثت بالأساس للمواكبة اليقِظة لإصلاح المنظومة التربوية المتواترة، بنفس تعاوني وثيق، وللاستمرار الأكيد في التفعيل الأمثل لمهام هذا المجلس، وذلك عبر إبداء آرائه حول السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، وتقييم السياسات والبرامج العمومية، وتقديم كل توصية أو اقتراح كفيل بالإسهام في النهوض بالمدرسة المغربية وتعزيز ثقة الجميع فيها”.
واستحضر المالكي في كلمته، التوجيهات الملكية بمناسبة تعيينه على رأس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي شدد فيها جلالة الملك على ضرورة “التفعيل الأمثل للمهام التي أوكلها الدستور لهذه المؤسسة”.
وتابع المالكي وهو يتحدث إلى أعضاء التركيبة الجديدة للمجلس الذين سيشتغل معهم على امتداد الـ 5 سنوات المقبلة، أن “كل واحدة وكل واحد منا، يستشعر، في هذه اللحظة، حجم الرهانات التي يعقدها صاحب الجلالة، على مجلسنا، وحجم انتظارات مجتمعنا للنهوض بالمدرسة المغربية والارتقاء بمنظومتنا التربوية. ويدرك مدى جسامة هذه المهام، وما تستلزمه من كشف المكتسبات ومكامن العجز وتحديد التحديات التي يجب رفعها لتحسين جودة التربية والتكوين في المستقبل، وعلى رأسها الانفتاح على اللغات الإنسانية بكل آفاقها الكونية ومدخراتها الحضارية والثقافية، وذلك في أفق الرهان الوطني الدائم على الانفتاح على الآخر، وتقوية سبل الحوار والتعاون الدولي”.
وزاد المالكي، أن هذه المهام تستلزم كذلك “بذل الجهد لإرساء النقاش الديمقراطي المفتوح ودمج المقاربة التشاركية من أجل تقوية الانخراط في الإصلاح وتحفيز التعبئة حول عوامل إنجاحها، وكذا التجرد من الأنانيات القطاعية، والانغلاق السياسي أو الذاتي، والانتصار لقيم الحوار والتوافق والعقلانية، وإلى الحس الجماعي لمعالجة قضايا المدرسة المغربية وإعطائها الأولوية في حواراتنا ونقاشاتنا، آخذين بعين الاعتبار أننا نتحمل مسؤوليات تاريخية وأخلاقية ونؤدي واجبا تربويا وعلميا وفكريا وثقافيا وتقنيا بالأساس”. واستطرد “لسنا في معرض المنافسة أو التسابق السياسي أو الإيديولوجي أو الاجتماعي. بل نحن هنا، معا وسويا لنتحاور، ولنتكامل، ولننصت لبعضنا البعض، ولنبلور الأفكار والمقترحات والتوصيات بروح جماعية، وبحس وطني، وروح خلاقة”.
ووفق رئيسه، فإن مهام المجلس، تتطلب أيضا “الاحتكام إلى التفكير المتبصر، والتضامن الفكري، والجرأة في التحليل والاقتراح، وإقامة المسافة الاستراتيجية الضرورية التي تمكن من الاهتمام بالرهانات والاختيارات الكبرى ذات القيمة المضافة بالنسبة للمنظومة”، فضلا عن الانفتاح “على الرأي الآخر، وعدم حصر التفكير في المسائل التربوية، والاستناد إلى المقاربة المقارِنة بين أنظمة تربوية دولية نموذجية ذات قيمة مرجعية”.
واسترسل المالكي قائلا: “إنه ليس لدي أدنى شك في أنه بمقدورنا تحقيق كل هذه الغايات والتوجيهات، لاسيما بفضل تركيبة مجلسنا، التي تجعله زاخرا بصفوة من الخبراء والفاعلين في الحقل التربوي بالخصوص، والمجتمعي عموما، مما يجعله فضاء أمثل للنقاش الكفيل بإذكاء التفكير العلمي والاستراتيجي في القضايا التي تدخل في نطاق مهامه”.
من جانب آخر، شدد المالكي على ضرورة التنسيق والتعاون مع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية، وفتح آفاق أرحب لهذا التعاون وهذا التنسيق على مختلف الواجهات، وبمختلف الوسائل والآليات الممكنة.
وأكد المسؤول ذاته على التزام المجلس من أجل الاستمرار في الاستجابة الفورية لطلبات الرأي حول القضايا الجوهرية للمنظومة التربوية، وتدارس وإبداء الرأي في النصوص القانونية التي ستحيلها عليه الحكومة أو البرلمان، والإسهام في إرساء المقومات التشريعية والنصوص الناظمة لسير وعمل المنظومة بمكوناتها المختلفة.
كما شدد على ضرورة التمسك بالمكاسب وترصيد المنجز الإيجابي واعتماد منهجية تنتصر لقيم الحوار والتوافق والتنسيق والتكامل مع مجموع المكونات والمؤسسات ذات الصلة، وذلك عملا بتوجيهات صاحب الجلالة والاسترشاد بنهجه السديد في مجموع القضايا الوطنية الكبرى.
المالكي تعهد ضمن كلمته بالانفتاح على جهات المملكة الاثنتي عشرة للاقتراب أكثر من تجليات ومظاهر المغرب الغني بتعدده الثقافي واللغوي والاجتماعي، والإنصات لمختلف التجارب والآراء والملاحظات والمقترحات العملية والواقعية.
هذا، ولم يفوت الرئيس الجديد للمجلس المناسبة دون أن ينوه بالمجهودات التي بذلها سلفه عمر عزيمان خلاله ترؤسه لهذه المؤسسة، مبرزا أن الرئيس السابق للمجلس، ومستشار صاحب الجلالة، “كان له الفضل الملموس في وضع أسس هذه المؤسسة الدستورية في صيغتها المعدلة في أعقاب اعتماد دستور المملكة سنة 2011، وإرساء هياكلها ومستلزمات اشتغالها، وتبني مقاربات متجددة ومبتكرة لاشتغالها، وإنتاج مجموعة وافرة من التقارير والدراسات والتقييمات والآراء التي ساهمت بشكل كبير في بلورة رؤية متواصلة، منفتحة ومتفاعلة مع تطورات المجتمع، ومنجزات الفكر المعاصر والاجتهادات العلمية والنظرية والتكنولوجية في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق