الرباط-عبد الحق العضيمي
بعد أيام من مصادقة مجلس المستشارين، وافق مجلس النواب، في جلسة عمومية يوم الأربعاء الماضي، بالأغلبية، على مشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية.
وحظي مشروع القانون بتأييد 119 نائبا، مع امتناع نائب واحد عن التصويت، فيما لم يعارض هذا النص أي برلماني من فرق المعارضة.
وفي معرض تقديمه لمشروع هذا القانون أمام أعضاء المجلس، أوضح خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن هذا النص يأتي “تنزيلا للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى إعادة النظر، بشكل جذري، في المنظومة الصحية، كما يعتبر تجسيدا لما نص عليه القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية”.
وقال الوزير إن “الأهداف المتوخى تحقيقها بموجب هذا المشروع ستشكل، متى تم الإسراع في مواكبتها من خلال النصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقها، إطارا متكاملا وفعالا لتحقيق الإصلاح المنشود للمنظومة الصحية الوطنية بما يضمن الاعتناء بصحة المواطنات والمواطنين والرفع من مستوى نظام الرعاية الصحية، ويسهم، بالتالي، في جعل الصحة رافعة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وركيزة أساسية في إنجاح ورش الحماية الاجتماعية”.
وجاء في ديباجة المشروع، أن النهوض بالقطاع الصحي، والعمل على تطويره، والرفع من أدائه، يعتبر مسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية من جهة، والقطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات المهنية والساكنة من جهة أخرى”.
وتشدد الديباجة على أن الإصلاح العميق للمنظومة الصحية الوطنية أصبح “ضرورة ملحة وأولوية وطنية ضمن أولويات السياسة العامة للدولة الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري، والاعتناء بصحة المواطنين كشرط أساسي وجوهري لنجاح النموذج التنموي المنشود”.
ويلزم مشروع القانون الإطار، الدولة بـ”اتخاذ التدابير الضرورية لتفعيل التزاماتها في مجال الصحة ولاسيما تلك المتعلقة بإعلام الساكنة بالمخاطر الصحية وبالسلوكات والتدابير الاحتياطية التي يتعين اتباعها للوقاية منها والحماية الصحية والولوج إلى الخدمات الصحية الملائمة المتوفرة”، وكذا “ضمان حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص”، و”احترام حق المريض في الحصول على المعلومة المتعلقة بمرضه”، و”مكافحة كل أشكال التمييز أو الوصم التي يمكن أن يتعرض لها شخص بسبب مرضه أو إعاقته أو خصائصه الجينية”، وذلك بمساهمة المنظمات المهنية والجمعيات الناشطة في المجال الصحي.
وبموجب النص الجديد، ستسهر الدولة على وضع سياسة دوائية تهدف إلى ضمان وفرة الدواء، وتحسين جودته، وتخفيض ثمنه، كما ستسهر على توفير المواد والمستلزمات الطبية اللازمة لحفظ صحة الأشخاص وضمان سلامتهم.
كما يلزم مشروع القانون الإطار الدولة أيضا بـ”العمل على تعزيز تنمية صناعة دوائية محلية وتشجيع تطوير الأدوية الجنيسة، وتحديد قواعد السلامة والجودة في مجال صنع الأدوية واستيرادها وتصديرها وتوزيعها وصرفها، وكذا تحديد شروط سلامة المنتجات الصيدلية غير الدوائية والمستلزمات الطبية، وتشجيع وتطوير البحث العلمي في مجال الدواء والعلوم الطبية والصحية، والعمل على توفير الدم ومشتقاته، بكل الوسائل المتاحة، مع الحرص على ضمان سلامة هذه المواد وجودتها.
وفي علاقة بعرض العلاجات، أوجب مشروع القانون على الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان توزيع متكافئ ومنصف لعرض العلاجات على مجموع التراب الوطني حسب خصوصيات كل جهة وحاجياتها.
وفي هذا الإطار، ينص المشروع على تنظيم عرض العلاجات على صعيد كل جهة وفق الخريطة الصحية الجهوية لعرض العلاجات، وذلك على أساس “احترام مسلك العلاجات الذي يبتدئ وجوبا بالمرور بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية بالنسبة إلى القطاع العام أو من طبيب الطب العام بالنسبة إلى القطاع الخاص”.
من جانب آخر، ينص مشروع القانون على أن “تتولى المؤسسات الصحية، كل منها حسب غرضها، تقديم خدمات الوقاية والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل، سواء تطلب ذلك الاستشفاء بالمؤسسة الصحية أم لا”.
ويؤكد القانون الجديد على ضرورة “تنظيم كل مؤسسة صحية، حسب غرضها ووفق المقتضيات التشريعية والتنظيمية الخاصة بها، لتوفير أقصى شروط السلامة الصحية الممكنة للمرضى، واستقبالهم في ظروف تتلاءم مع حالتهم الصحية، وعند الاقتضاء في حالة الاستعجال، وإحالتهم، إن اقتضى الحال، على المؤسسة الصحية المناسبة”.
وارتباطا بتنظيم وتدبير المؤسسات الصحية التابعة للقطاعين العام أو الخاص، ينص المشروع على إخضاع هذه الاخيرة كيفما كان شكلها القانوني، للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمزاولة الطب والمهن الصحية الأخرى.
ويتيح المشروع كذلك للمؤسسات الصحية المساهمة في القيام بمجموعة من المهام الأخرى، منها التكوين في مجال الصحة والتكوين المستمر لمهنيي الصحة بتنسيق، كما خولها إمكانية تطوير علاقات الشراكة مع الهيئات المهنية والجمعيات ومع أي منظمة أخرى للمجتمع المدني لتشجيع مساهمتها في تحقيق أهداف المنظومة الصحية الوطنية.
ويقر مشروع القانون الإطار مراجعة شاملة لحكامة المنظومة الصحية بكل مكوناتها، من خلال إعادة الاعتبار للموارد البشرية العاملة في القطاع الصحي، وتحسين أنظمة التكوين الصحي بهذا القطاع، وجلب الكفاءات الطبية العاملة بالخارج، وإحداث منظومة معلوماتية صحية وطنية مندمجة، ونظام لاعتماد المؤسسات الصحية، وإحداث هيئات متخصصة للتدبير والحكامة، ويتعلق الأمر أساسا بالهيئة العليا للصحة، التي ستضطلع بمهام التأطير التقني لورش التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، والمجموعات الصحية الترابية التي ستتولى تنفيذ سياسة الدولة في مجال الصحة على الصعيد الجهوي، علاوة على إحداث مؤسسة عمومية للأدوية والمنتجات الصحية، ومؤسسة عمومية أخرى خاصة بتوفير الدم ومشتقاته