سياسةمجتمعوطني

الداكي: عازمون على إنجاح البروتوكول  الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف

حكيمة أحاجو

أكد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الأهمية البالغة التي يكتسيها موضوع مناهضة العنف ضد النساء، كونه استهدف وضع آليات لتجويد الخدمات المقدمة للنساء ضحايا العنف وضمان مراعاة خصوصية أوضاعهن واستجابتها لحاجياتهن الضرورية وحاجيات أطفالهن إن وجدوا.

وأوضح في اللقاء الدراسي، الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة، بتعاون مع منظمة الأمم المتحدة لتمكين المرأة والمساواة “ONUFEMMES”، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر، وفي إطار تفعيل التزامات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، الذي تم إطلاقه تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، أن المجتمع ينتظر الشيء الكثير بشأن هذه القضية، مؤكدا أن رئاسة النيابة العامة عاقدة العزم على تسخير كل الإمكانات المتاحة لجعل البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف، آلية فعالة في حماية الحقوق الإنسانية للمرأة، وتعميم مبادئه الفضلى على كافة تراب المملكة، كممارسة جيدة لنهج مقاربة تشاركية تتوخى إحداث تغييرات نحو الأفضل بالاعتماد على الانخراط اللامشروط لمختلف شركائنا في هذا الورش التنسيقي الهام.

وأضاف الداكي، أن المكانة التي خص بها جلالة الملك محمد السادس، المرأة المغربية، وما فتئ يبرزها في خطاباته السامية، وكذا رسائله لمختلف التظاهرات الكبرى المهتمة بشأن المرأة.

وفي هذا الإطار، استحضر الداكي نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك بمناسبة الذكرى الـ 23 لاعتلائه عرش أسلافه المنعمين يوم 30 يوليوز 2022، الذي جاء فيه “أن بناء مغرب التقدم والكرامة، الذي نريده، لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية، لذا نشدد مرة أخرى، على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية، في كل المجالات، وقد حرصنا منذ اعتلائنا العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها، ومن أهم الإصلاحات التي قمنا بها، إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه.. فالأمر هنا، لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية؛ وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها”.

وشدد المسؤول القضائي على أن مناهضة العنف ضد النساء يستجيب للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز الحقوق الأساسية للمرأة المغربية، وتحقيق مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات ومشاركتها الكاملة في التنمية وبناء الوطن، وهو يندرج في سياق تتبع وتقييم تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف، والذي تم التوقيع عليه من طرف كل من رئاسة النيابة العامة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة والمنبثق عن إعلان مراكش 2020 الذي أناط برئاسة النيابة العامة مهمة إعداده وتنسيقه وتفعيله بشراكة مع باقي الأطراف الموقعة عليه.

وأفاد المتحدث بأن الأمر لم يعد يقتصر على توفير الحماية للمرأة والاعتراف لها بحقوقها والتكفل بها فحسب، بل أصبح يتطلب ضمان مستوى متميز من الخدمات التي تقدم لفائدة النساء ضحايا العنف وأطفالهن من قبل القائمين على هذه الخدمات بغية تعزيز ولوج المرأة للعدالة ولمختلف الخدمات الصحية والاجتماعية بشكل منسجم وفعال ووفق نسق يروم توحيد الجهود وتكاثفها في سبيل تحقيق انتصاف المرأة ضحية العنف والحيلولة دون تكرار معاناتها أثناء طلبها للخدمات التي يكفلها القانون، والسعي أبعد من ذلك إلى مواكبتها لبناء أفق إيجابي يحقق تمكينها واستقلاليتها وقدرتها على الاندماج في المجتمع والمشاركة الفعلية في التنمية.

ومن هذا المنطلق، أفاد بأن البروتوكول الترابي للتكفل بهذه الفئة من النساء ضحايا العنف يهدف، بالأساس إلى جعل التكفل بالنساء ضحايا العنف أولوية من أولويات السياسات القطاعية للموقعين عليه في إطار مناهضة العنف ضد النساء ورصد كل الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق هذه الغاية، مبرزا أن تبني أي مخطط مهما كانت درجة أهميته وسمو أهدافه لا يمكن استكمال مراميه في محيد عن اعتماد آلية للتقييم  تعنى بوضع مؤشرات دقيقة لمواكبة وتتبع الأداء المبتغى من وضعه، وقياس مدى رضى المرتفق بالخدمات التي يسعى إلى ضمانها وتحقيقها.

وكشف رئيس النيابة العامة، أن المؤسسة التي يرأسها عملت بتنسيق مع شركائها في تفعيل البروتوكول، وبعد مرور سنة من تاريخ التوقيع عليه، على إعداد استمارة تقييم جودة الخدمات المقدمة لفائدة النساء، سواء من خلال تقييم أداء النيابات العامة بهذا الخصوص أو قياس جودة  خدمات المصالح الطبية أو الخدمات المقدمة من طرف مراكز الإيواء المخصصة للنساء والفتيات ضحايا العنف، وتم التوافق على مضامين هذه الآلية التقييمية إثر تقديمها بحضور كافة الشركاء في لقاء نظم لهذه الغاية، حيث عقد اللقاء التنسيقي الأول لتتبع وتقييم تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف الذي انعقد يومي 1 و2 يونيو 2022 بالرباط، بحضور كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وقضاة النيابة العامة المكلفين بخلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف، فضلا عن ممثلي كل القطاعات الأخرى المعنية لاسيما ضباط الشرطة القضائية.

وذكر المتحدث، أن رئاسة النيابة العامة، وجهت دورية للنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة بتاريخ 4 غشت 2022 حول تقييم العمل بالبروتوكول مرفقة بجدول تقييمي خاص بالنيابة العامة، يضم 100 سؤال حول مجالات تدخل القضاء في موضوع التكفل بالنساء ضحايا العنف، بغية الوقوف على جودة الخدمات المقدمة للنساء والحرص على سلامة الإجراءات القانونية والقضائية والتذكير بالإجراءات الحمائية الأساسية وبضرورة الحرص على مراعاة خصوصيات المرأة وأوضاعها وعدم المساس بكرامتها الإنسانية.

وفي الإطار ذاته، قال الداكي إن رئاسة النيابة العامة، حرصت على التنسيق مع شركاء البروتوكول من أجل تجميع المعطيات التقييمية القطاعية، وشكلت فريق عمل قام بالسهر على تفريغ استمارات التقييم للوقوف على النتائج المستخلصة وقياس مدى تفعيل مقدمي الخدمات لالتزام كل قطاع بتحقيق الأهداف المسطرة من وضع البروتوكول مع استخلاص أوجه القوة، وكذا مكامن الضعف التي تتسم بها مختلف الممارسات والتجارب المرصودة، وذلك بغية ترصيد المكتسبات التي تم تحقيقها، وكذا الوقوف على التحديات التي حالت دون تحقيق باقي النتائج المرجوة.

وأشار، في هذا الإطار، إلى أنه تم الوقوف على العديد من المكتسبات الجديرة بالإشادة كتعميم وحدات التكفل بالنساء ضحايا العنف ومراعاة للتخصص والتكوين في القائمين على هذه الوحدات، وكذا تحري الموضوعية والتجرد في جميع إجراءات التكفل بهذه الفئة، إلى جانب تفعيل المؤشر المتعلق بالعناية بوضعية الضحية والاهتمام بها بقدر الاهتمام بزجر أفعال العنف المرتكبة ضدها، مع الحرص على سلامة الضحية من خلال الإعمال الفوري لتدابير الحماية، والتشخيص الدقيق للحاجيات الأولية والعاجلة للمرأة الضحية وأطفالها والشروع فورا في تقديم الخدمات المطلوبة من طرفها.

وفي سياق متصل، سجل ما اعتبره نقط ضعف في بعض الخدمات، لأسباب ترجع إما لضعف الإمكانات اللوجستيكية أو قلة الموارد البشرية من جهة أو لأسباب ترتبط بالجانب المعرفي وضعف التوعية بالحقوق المكفولة للنساء ضحايا من جهة ثانية، مبرزا أنه ينبغي تسليط الضوء على تثبيت المكتسبات المستخلصة من هذا التقييم في مقابل العمل على تدارس مكامن الضعف والخلل قصد العمل على تجاوزها ووضع الآليات الكفيلة بتحقيق ممارسات فضلى في هذا الإطار.

واستطرد الداكي مشددا على أن رئاسة النيابة العامة تراهن على تطوير أداء النيابة العامة في كافة المجالات وأدائها بوجه خاص في قضايا حماية الفئات الهشة وحماية حقوق المرأة، والحرص على تعزيز ولوجها لخدمة قضائية في مستوى تطلعنا، خدمة قضائية تحقق العدالة والإنصاف من جهة، وتحقيق التكامل مع باقي مسارات التكفل الاجتماعي من جهة أخرى، كما نراهن من أجل رفع هذا التحدي على تعزيز دور النيابة العامة في تنسيق التكفل بالنساء ضحايا العنف تطبيقا للصلاحيات القانونية المسندة لها بمقتضى القانون 13- 103 المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة، وباستمرار التتبع والتقييم لهذا البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف باعتباره آلية حقيقية لالتقائية التدخل وضمان نجاعته وفعاليته لفائدة المرأة ضحية العنف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق