رياضة

“سوق واقف” يحاكي “جامع لفنا” !

قطر/خالد حداد- عبدالله أسعد

تحول “سوق واقف” أحد أشهر المعالم التاريخية في دولة قطر، بالنظر لحرص السياح القادمين من جميع أنحاء العالم على زيارته والاستمتاع بطابعه التراثي، حيث يتضمن الكثير من المعالم الفريدة والمباني التراثية القديمة التي تضفي شكلا جماليا مميزا على المكان، (تحول) من منطقة جذب سياحي لتناول المأكولات والتعرف على تراث هذا البلد العربي، إلى ما يشبه ساحة “جامع لفنا” بمدينة مراكش.

 وتشكل “الحلقة” التي تعد أحد أبرز مميزات الساحة المراكشية الشهيرة، الخيط الناظم لهذا التشبيه أو المقارنة إن صح القول، حيث تحولت مناطق عديدة من”سوق واقف” إلى مسرح لعرض ثقافة مجموعة من البلدان المشاركة في النسخة الـ 22 من كأس العالم المقامة حاليا في قطر خلال الفترة الممتدة من 20 نونبر إلى 18 دجنبر.

أجواء مشتعلة

كل الطرق تؤدي إلى “سوق واقف”، فما إن تبدأ الشمس في إسدال ستارها والمغادرة ساحبة معها درجات الحرارة المرتفعة نسبيا في النهار، ليحل محلها هواء رطب ومنعش مساء، حتى تبدأ جماهير المونديال رحلتها نحو أحد أشهر المعالم التاريخية في قطر، لتعيش ليلة من ليالي الأنس الاستثنائية، وسط إجراءات أمنية مشددة، وتنظيم دقيق لكل مداخل ومخارج السوق، لضبط عملية التحرك داخل مرافقه على خلفية التدفق الكبير لأمواج الزوار والمشجعين، سواء القادمين من خارج قطر أو المقيمين بها.

قبل الوصول إلى الساحة الكبرى للسوق لا بد أن تمر عبر طريق تصطف على جانبيه المطاعم والمقاهي التي تقدم مختلف أصناف المأكولات والمشروبات العربية على الخصوص، وتبدو مهمة إيجاد مكان لتناول وجبة ولو سريعة خلال فترة الذروة بالمهمة “المستحيلة”، بالنظر للازدحام الشديد، لكن إن حظيت بهذه الفرصة، فتأكد أنك ستشاهد “كرنفالا” من العروض التشجيعية تمر أمامك في كل لحظة، وسط أجواء حماسية استثنائية وغير مسبوقة، لمناصرين يحملون أعلام بلدانهم ويهتفون بأهازيجهم.

“كل يغني على ليلاه”

الحلقة التي تشتهر بها ساحة “جامع لفنا” بمراكش، حاضرة بسحرها في جنبات “سوق واقف”، وساحته الوسطى التي تحولت إلى مسرح لتقديم عروض التشجيع، وأيضا لعرض ثقافة البلدان من خلال ترديد أغان شعبية وأهازيج محلية.

ورغم أن المسافة الفاصلة بين كل “حلقة” وأخرى، ليست كبيرة، إلا أن الأمور تمر بشكل عاد دون أي انفلاتات، حيث أن كل مجموعة ” تغني على ليلاها” وتنشغل بنفسها وبجذب أكبر عدد من المشاهدين، علما أن النصيب الأكبر من هذه العروض هو للجماهير العربية، سواء التي تشارك منتخبات بلدانها في كأس العالم، أو تلك التي أتت للاستمتاع بأجواء أول مونديال يقام على أرض عربية.

من المغرب إلى تونس مرورا بالسعودية والجزائر، ينطلق “كرنفال” التشجيع بالتجمع أولا في أحد جنبات الساحة الكبيرة للسوق، والاستعانة بمكبرات صوت لإثارة انتباه أكبر عدد من المشاهدين، قبل أن يبدأ العرض الذي يكون مشابها للتشجيعات التي تردد في الملاعب تارة، وقد يتحول إلى ما يشبه العرس ثارة أخرى، بإطلاق موسيقى شعبية تشكل جزء من تراث البلد المعني.

التميز المغربي

تعد الجماهير المغربية من بين الأكثر حضورا في مونديال قطر إلى جانب نظيرتها التونسية، وهذه حقيقة يمكن أن تلمسها، بمجرد أن تصل إلى “سوق واقف”، إذ لا يمكن أن تقطع مترا أو مترين دون أن تصادف مشجعا يرتدي قميص “أسود الأطلس” أو “نسور قرطاج”.

الحضور المغربي القوي يتمثل أيضا في تنوع شرائح المشجعين من شباب وشابات ورجال ونساء وأطفال، الكل يرتدي القميص الوطني، ويرفع الأعلام، وما إن يسمع أي منهم صوتا قادما من أحد مكبرات الصوت، يحمل معه أنغاما أو أهازيج مغربية، حتى تجده يهرول لإيجاد “الحلقة” المنشودة، بعد أن يشده الحنين ويدفعه للانخراط في الاحتفال والتشجيع، وسط أجواء حماسية كبيرة.

 ورغم أن العديد من المشجعين يرتدون أقمصة أنديتهم المفضلة في المغرب ويحملون شعاراتها، إلا أن مغربيتهم تطغى على كل شيء وتلغي كل الفوارق، وتوحدهم حول الراية الوطنية.

من “جيبوها يا لولاد ” مرورا بـ “هيهو مبروك علينا” وانتهاء بأغاني شعبية أخرى، تخطف التجمعات المغربية الأنظار، ويلتئم حولها عدد كبير من المتابعين، والحديث هنا ليس عن المغاربة فقط، وإنما أيضا عن زوار من جنسيات أخرى، يجذبهم الحماس الجماهيري، لدرجة أن البعض منهم قد لا يتمالك نفسه، فتجده وسط “المعمعة”، يرقص ويهتف على أنغام الموسيقى الشعبية، وهذا معطى عاينته “الرسالة الرياضية” مع جزائريين وسعوديين ومصريين وفلسطينيين، ما دفع أحد الظرفاء للتعليق على المشهد بالقول مبتسما “الشعبي هو الموسيقى الوحيدة فالعالم اللي كلشي يشطح عليها”.

ثقة وتفاؤل

أغلب الجماهير المغربية التي قابلتها “الرسالة الرياضية” في ساحة “سوق واقف” تتحدث بلغة واحدة، هي الثقة والتفاؤل، بخصوص حظوظ المنتخب الوطني في التألق خلال النسخة الـ 22 من كأس العالم التي انطلقت يوم الأحد الماضي، وستمتد إلى غاية 20 دجنبر، موعد المشهد الختامي الذي سيقام على ملعب “لوسيل”.

ورغم أن المهمة تبدو صعبة في مجموعة سادسة قوية بتواجد كرواتيا وبلجيكا وكندا، إلا أن مشجعي “الأسود” يثقون في قدرة العناصر الوطنية على تشريف بلدهم، وتقديم نسخة استثنائية في أول مونديال يقام على أرض عربية، مطالبين اللاعبين بتقديم أقصى ما لديهم، ومواجهة هذا التحدي برباطة جأش، لإسعاد أزيد من 40 مليون مغربي.

البداية ستكون أمام كرواتيا اليوم الأربعاء بملعب “البيت”، وسط ترقب كبير وتحضيرات لتقديم الدعم والمساندة للاعبين في المدرجات، حيث ينتظر أن يكون الحضور الجماهيري المغربي غفيرا، علما أن المباراة ستجري بشبابيك مغلقة.

 الكل متحمس وينتظر ضربة البداية، والحركات الإحمائية والبروفات التحضيرية لتشجيع “الأسود” في امتحان كرواتيا، اختتمت أمس الثلاثاء بـ “سوق واقف”، علما أن المنتخب الوطني سيحظى أيضا بدعم الجماهير العربية الحاضرة في قطر والتي ترى فيه حسب ما أكده العديدون لـ “الرسالة الرياضية” أنه المنتخب العربي الأكثر قدرة على الذهاب بعيدا في هذه البطولة بالنظر لما يتوفر عليه من لاعبين مميزين يلعبون في أقوى البطولات الأوروبية، لعل أبرزهم الرباعي حكيم زياش لاعب تشلسي الإنجليزي، وأشرف حكيمي مدافع باريس سان جيرمان الفرنسي، ونصير مزراوي لاعب بايرن ميونيخ، وعبد الرزاق حمد الله، مهاجم اتحاد جدة الذي يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الجماهير القطرية والسعودية على وجه الخصوص، وسيكون من بين أكثر الأسماء التي ستوجه إليها أنظار العرب في هذا المونديال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق