5 مشاركات متباينة لـ”الأسود” والسادسة لكتابة التاريخ
قطر/ خالد حداد
يخوض المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، غمار النسخة الـ 22 من نهائيات كأس العالم المقررة في قطر خلال الفترة الممتدة من 20 نونبر إلى 18 دجنبر المقبل، وعينه على تكرار إنجاز مونديال 1986، حين تمكن “الأسود” من تسجيل اسمهم كأول منتخب عربي وإفريقي يتخطى عتبة الدور الأول. وسبق للمغرب أن بصم على حضوره في كأس العالم 5 مرات، حيث كانت البداية من المكسيك في 1970، ثم دورة 1986 التي تعد الأبرز والأفضل من حيث النتائج المحققة، وبعدها دورة 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم مونديال فرنسا 1998، قبل أن يمتد الغياب لـ 20 سنة، إلى غاية نسخة روسيا 2018. وعاشت كرة القدم الوطنية ما بين 1970 التي تؤرخ لأول ظهور، وسنة 2018 المرادفة لآخر حضور، على إيقاع نتائج متباينة، أملا في أن تكون دورة قطر محطة مشرقة في تاريخ المشاركات المونديالية لـ “الأسود”، من خلال البصم على ظهور مشرف والوصول إلى أبعد نقطة ممكنة، رغم صعوبة المهمة.
70 و86 نسختان بعناوين بارزة
سيظل يوم 3 يونيو 1970 مسجلا بأحرف من ذهب في سجل الكرة المغربية، لأنه شهد أول ظهور للمنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم، بجيل مميز من اللاعبين الذين كانوا يمارسون جميعا في الدوري المحلي، يتقدمهم الحارس العملاق علال بن قصو، وادريس باموس، وأحمد فرس، وسعيد غاندي وحمان جرير …
وخاض ” الأسود” هذه البطولة بشجاعة كبيرة وبرباطة جأش، رغم أن القرعة لم تكن رحيمة بهم بعد أن أوقعتهم في مجموعة صعبة إلى جانب ألمانيا الغربية التي بلغت نصف النهائي، قبل أن تنهي المسابقة ثالثة، والبيرو بطلة أمريكا الجنوبية، وبلغاريا التي تصدرت المجموعة الأوروبية الثامنة أمام بولونيا وهولندا.
وقاتل زملاء الغزواني أمام منتخب “المانشافت” بقيادة القيصر فرانتس بكنباور والهداف غيرد مولر، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من تفجير المفاجأة، لأنهم تقدموا طيلة الشوط الأول بهدف سجله حمان، قبل أن يتمكن المنتخب الألماني من إدراك التعادل عن طريق اللاعب زيلر، ثم الفوز عبر “القناص” مولر (80)، وتابع المغرب ظهوره المشرف في المباراة الثانية ضد البيرو على الرغم من خسارته بثلاثية، قبل أن يحصد نقطته الأولى في النهائيات بتعادله مع بلغاريا 1-1.
واستفاد المغرب جيدا من درس المونديال المكسيكي الأول سنة 1970 لإعادة ترتيب بيته وإعداد منتخب جيد مثله أحسن تمثيل في النهائيات، واستغرق ذلك 16 عاما بالتحديد إلى غاية نسخة 1986، حيث بات أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ الدور الثاني، بعدما خالف التوقعات في مجموعة صعبة في الدور الأول، حيث أحرج بولونيا وانجلترا بالتعادل معهما سلبا، قبل أن يكتسح البرتغال 3-1، في بطولة استثنائية بكل المقاييس، شهدت ميلاد جيل جديد من اللاعبين الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات كرة القدم الوطنية.
وكان بالإمكان أفضل مما كان في هذه النسخة، لكن المغامرة توقفت في دور الـ 16، بسبب خطأ في الحائط البشري وذكاء نجم ألمانيا الغربية لوتار ماتيوس، حيث صمد “الأسود” إلى غاية الدقيقة 88 عندما انسحب المدافع نور الدين البويحياوي من الحائط البشري، إثر ضربة حرة مباشرة، فاستغل ماتيوس الثغرة، وسدد الكرة بذكاء داخل الشباك منقذا منتخب بلاده من التمديد، ومنهيا مغامرة رفاق بادو الزاكي.
“شمتة” فرنسا وخيبة أمل روسيا
سجلت نسختا فرنسا 1998 وروسيا 2018، حضورا لافتا للمنتخب المغربي في نهائيات كأس العالم، حيث تميزتا بالأداء الجيد والمشرف لـ “الأسود”، لكن دون أن يكون ذلك مقترنا بعبور محطة الدور الأول.
وكشر المنتخب الوطني عن أنيابه ووجه إنذارا شديد اللهجة في مستهل ظهوره في مونديال 1998 بعد عرضه الرائع ضد النرويج، والتعادل مع المنتخب “الاسكندنافي” بـ 2-2، قبل أن يمنى بخسارة منطقية أمام البرازيل بثلاثية لصفر في المباراة الثانية، لكن مباراته الثالثة ضد اسكتلندا ظلت راسخة في الأذهان، بعدما لقن منافسه درسا قاسيا، وتغلب عليها بثلاثية، مؤكدا استحقاقه بلوغ الدور الثاني، إلا أن الخسارة المفاجئة للبرازيل أمام النرويج (1-2) حرمته من هذا الإنجاز.
وذهب “الأسود” ضحية مؤامرة برازيلية نرويجية، حيث اتهم المنتخبان بالتلاعب بنتيجة مباراتهما حتى تصب في مصلحة الأوروبيين الذين كانوا مطالبين بالفوز لبلوغ ثمن النهائي.
من جهتها شهدت دورة 2018 ظهورا قويا للمغرب الذي أوقعته القرعة في مجموعة نارية ضمت البرتغال بطلة أوروبا سنة 2016 وإسبانيا بطلة مونديال 2010، وإيران.
وكانت كل الآمال معلقة على المواجهة الأولى أمام إيران، لكن “الأسود” دفعوا ثمن فرصهم الضائعة ووضعوا أنفسهم أمام مهمة شبه مستحيلة لبلوغ ثمن النهائي، بخسارتهم القاتلة بهدف من نيران صديقة (90+5).
وقدم “أشبال” المدرب هيرفي رونار مباراة بطولية أمام البرتغال، لكنهم خسروا بهدف لصفر في مباراة كان فيها الـ “فار” بمثابة “شاهد ماشفش حاجة”، بعد أن تجاهل التنبيه لعديد الحالات التحكيمية لمصلحة المنتخب المغربي الذي وجد نفسه خارج نسخة روسيا، قبل مواجهة إسبانيا التي قدم فيها عرضا رائعا، وكان قريبا من تحقيق فوزه الثالث في تاريخه، عندما تقدم مرتين على إسبانيا، قبل أن تهتز شباكه في الوقت بدل الضائع ويكتفي بنقطة واحدة على غرار مشاركته الأولى سنة 1970.
أرقام وإحصائيات
تمكن المنتخب المغربي من تحقيق الفوز في مناسبتين خلال مشاركاته الخمس السابقة في كأس العالم الأولى في دورة المكسيك 1986 على حساب البرتغال بـ 3-1، والثانية، في نسخة 1998 بفرنسا، عقب التفوق على منتخب اسكتلندا بـ 3-1 أيضا.
ويعد مصطفى حجي أكثر لاعب مغربي مشاركة في كأس العالم بست مباريات، حيث كان حاضرا في نسختي 1994 و1998، بينما يتصدر الثنائي عبد الرزاق خيري وصلاح الدين بصير قائمة هدافي”الأسود” في المونديال بهدفين لكل منها.
ويعتبر المنتخب المغربي، الفريق العربي الأكثر تسجيلا للأهداف في كأس العالم، بواقع 14 هدفا استهلها بهدفين في مشاركته الأولى بالمكسيك 1970، وأضاف ثلاثة في 1986 بالمكسيك أيضا، وثنائية في مونديال 1994 بأمريكا، ثم خمسة أهداف في فرنسا 1998، بالإضافة لهدفين في الدورة الأخيرة، روسيا 2018.
واستقبل المنتخب المغربي 22 هدفا في خمس مشاركات، بواقع سداسية في المكسيك 1978، وثنائية في مكسيكو 1986، ثم خمسة أهداف في أمريكا 1994 والعدد ذاته في فرنسا 1998، وأربعة أهداف في المونديال الأخير بروسيا 2018.
سادس مشاركة من أجل استعادة مجد مكسيكو 1986
يتطلع المنتخب المغربي لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد خلال مشاركته في دورة قطر، رغم التحديات الصعبة التي تنتظره في مجموعة سادسة، تضم اثنين من أفضل ثلاث منتخبات في دورة روسيا 2018، والحديث هنا عن كرواتيا وصيفة النسخة الماضية، وبلجيكا المحتلة للمرتبة الثالثة، دون إغفال منتخب كندا المرشح ليكون “الحصان الأسود” داخل هذه المجموعة.
ورغم أن كل التكهنات والتوقعات تصب في خانة المنتخبين الكرواتي والبلجيكي، إلا أن “الأسود” يملكون كامل الحظوظ للمنافسة من موقع قوة على إحدى بطاقتي الدور الثاني.
ويطارد أصدقاء العميد رومان سايس مجموعة من الأرقام في نسخة قطر، حيث يسعون لتحقيق الفوز الثالث في تاريخ المشاركات المونديالية، وبلوغ الدور ثمن النهائي لثاني مرة، ولما لا تدوين أسمائهم كأول منتخب عربي يترشح لربع نهائي المونديال.
وبعث “الأسود” إشارات إيجابية خلال آخر 3 مباريات وديتة أمام الشيلي والباراغواي وجورجيا، على أنهم عازمون تمام العزم على التألق وترك بصمتهم واضحة في هذه النسخة، وتمثيل بلدهم أحسن تمثيل وإسعاد الجماهير المغربية الشغوفة، مؤكدين بذلك كسب المزيد من الثقة والتنافسية للاستمرار على نفس المسار والإرادة الجامحة للعب أدورا طلائعية في “العرس” العالمي بقطر.
جيل أوناحي تحت المجهر
حشد “الناخب الوطني” وليد الركراكي كل “الأسلحة” الممكنة على مستوى تركيبته البشرية التي اختارها لخوض امتحان المونديال، حين استعان بمجموعة تمزج بين الخبرة والشباب، منها 17 لاعبا كانوا حاضرين في نسخة روسيا 2018، و9 يخوضون الاستحقاق العالمي لأول مرة.
وحملت القائمة النهائية عديد المفاجآت، لعل أبرزها، عودة المهاجم عبد الرزاق حمد الله، هداف اتحاد جدة السعودي إلى عرين “الأسود”، بعد غياب طويل منذ 2019.
واختار الركراكي توجيه الدعوة لحمد الله بعد أن اعتذر هذا الأخير عما بدر منه في فترة وسابقة، وعبر عن استعداده الكامل ومتمنياته بأن يكون حاضرا مع النخبة المغربية في المونديال.
وشكل بلال الخنوس لاعب جينك البلجيكي ثاني مفاجآت الركراكي، بعد أن اختاره ليكون ضمن الكتيبة التي ستدافع عن سمعة الكرة الوطنية في قطر، رغم صغر سنه الذي لا يتجاوز 18 سنة.
ويعد الخنوس من بين أبرز المواهب الصاعدة في سماء الكرة البلجيكية، وقد اختار الدفاع عن ألوان “الأسود” بدل منتخب “الشياطين الحمر”، رغم الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها مؤخرا، علما أن مدرب بلجيكا روبيرتو مارتينيز، قال لوسائل إعلام محلية إنه في حال انضمام الخنوس لمنتخب المغرب، ستكون الكرة البلجيكية، قد فقدت أحد أفضل المواهب التي أنجبتها في الـ 10 سنوات الأخيرة.
كما اختار الركراكي بدر بانون، مدافع نادي قطر القطري الذي سيشارك لأول مرة في كأس العالم، بعد أن تم حرمانه من الحضور في نسخة روسيا 2018، بقرار من المدرب هيرفي رونار.
واحتفظ الناخب الوطني بأبرز العناصر التي تشكل العمود الفقري للمنتخب خلال السنوات الأخيرة، بداية بالثنائي بونو والمحمدي في حراسة المرمى، وفي الدفاع كل من نايف أكرد ورومان سايس وأشرف حكيمي ونصير مزراوي، وفي الوسط سفيان أمرابط وعز الدين أوناحي وسليم أملاح وإلياس شاعر وحكيم زياش…، بالإضافة إلى بوفال وأبو خلال والنصيري في الهجوم.
وستكون البطولة الوطنية ممثلة بـ 3 لاعبين من نفس الفريق، هم ثلاثي الوداد أحمد رضا التكناوتي ويحيى جبران ويحيى عطية الله.