فاطمة أبوناجي //
تناول سياسيون وخبراء مغاربة وأجانب، عشية أمس الخميس الثالث من نونبر، مستقبل النظام العالمي بعد حرب أوكرانيا، وذلك في إطار فعاليات موسم الثقافي الدولي بأصيلة، الذي اطفال هذا العام شمعته الثالثة والأربعين.
وشملت قائمة المتدخلين في الندوة الموسومة بعنوان أي نظام عالمي بعد حرب أوكرانيا؟ كلا من الأردني مروان المعشر، نائب الرئيس لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ووزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء سابقا، الذي سير الندوة إلى جانب تقديمه مداخلة خاصة، بالإضافة إلى ناصيف حتى من لبنان، وزير الخارجية والمغتربين سابقا، وخوصي ميغيل إنسلوثا من الشيلي سيناتور/ العام لمنظمة الدول الأمريكية سابقا
ووزير العلاقات الخارجية سابقا، وجيم غاما من البرتغال،
رئيس مجلس الجمهورية سابقا
ووزير الخارجية سابقا، ثم أحمد عبد الرؤوف ونيس، وزير الخارجية التونسي سابقا،المصطفى حجازي من مصر وهو خبير في الاستراتيجية السياسية
ومؤسس مجموعة سوسيو_سياسي The Nasaq
ومستشار سياسي لدى رئاسة الجمهورية سابقا، إلى جانب عبد الكريم بن عتيق الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية بباريس، والوزير المنتدب السابق لدى وزير الخارجية المكلف بشؤون المغاربة المقيمين بالخارج، ثم وزير العدل المغربي الذي تخلف عن الموعد دون ان يغفل إيصال مداخلته بالمناسبة، مكتوبة، وزعها المنظمون على الحاضرين.
وسلط المتدخلون، سالفو الذكر، الضوء على انشغالات العالم بأسره حول طبيعة التحولات الكبرى التي ستحدد نوعية وجوهر النظام الدولي الذي تشكل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والمعطيات الميدانية والسياسية والاستراتيجية والاقتصادية التي تؤثر في هذه التحولات، التي وصفها الكثيرون ب”العميقة والمعقدة”.
وتطرق المتدخلون لتحولات النظام العالمي الجديد بعد حرب أوكرانيا الراهنة من خلال أربعة محاور مهمة تتعلق ب”النظام العالمي وتحديات الصراع المسلح في أوروبا”، و “الصراع الروسي الأمريكي .. حرب باردة أو الحرب المعولمة الأولى”، و “النظام العالمي والمجال الأسيوي الإفريقي”، و “تحولات النظام العالمي وفكرة القطبية المتعددة”.
وأجمع المشاركون في اللقاء على أن الوضع أبان عن مستجدات في المواقف السياسية للدول والأقطاب المعتادة، في مقابل عدم وضوح خريطة التحالفات القادمة على المديين القصير والمتوسط، معتبرين أن الوضع شديد التعقيد، وقد تغلب دول كثيرة مصالحها الخاصة السياسية والأمنية والاقتصادية على المصالح العامة الكونية، وقد يؤدي الوضع الحالي الى ظهور تحالفات لا تشبه التحالفات التي اعتادها العالم في السنين الأخيرة.
ورأى المتدخلون أن الكثير من الدول العربية اتخذت موقفا حياديا، وفي الوقت ذاته عبرت عن موقفها من الوضع الراهن بوضوح وبراغماتية قد تساهم في تعزيز موقع الدول المعنية في الخريطة الجيواستراتيجية العالمية، مؤكدين أن الكثير من دول العالم العربي عامة لها من المقومات الاقتصادية والسياسية لأن تصبح من الدول المؤثرة على الصعيد الدولي رغم صعوبة ذلك.
ودعا المشاركون في الندوة الى مساهمة كل الدول في ضمان التأثير الإيجابي للتنظيمات الدولية والإقليمية وإعادة النظر في طريقة اشتغالها وتدخلاتها وفق مقاربات جديدة، معتبرين أن العالم العربي يجب أن يدافع عن مصالحه، وليس من الضروري أن تكون شراكاته وتحالفاته شبيهة بالتحالفات التقليدية.
وفي هذا السياق، رأى المتدخلون أن العديد من البلدان العربية والإفريقية، التي لها حضور في الساحة العالمية والمؤسسات الدولية والإقليمية، تدرك تمام الإدراك أن الدول المعنية باتخاذها موقفا من الحرب الحالية لا يعني أو يفرض بالضرورة الاصطفاف مع طرف ضد طرف آخر ، مشددين على أن دول العالم في ظل الوضع الراهن عليها تغليب منطق الحوار وتحصين المكاسب التي حققتها الإنسانية جمعاء على مدى عقود من الزمن.
وفي كلمته، الخاصة، محمد بنعيسى أمين عام المنتدى الثقافي بأصيلة الأكبر والأشهر في المغرب، أكد أن الندوة تخرج إلى العلن وإلى دائرة النقاش الفكري والسياسي، ما ينشغل به الجميع اليوم، من أفكار وتساؤلات بصدد مصير العالم، ومآل توازناته السياسية، بعد أن استقر منذ منتصف القرن الماضي، على قواعدَ تَرْسم ملامح التوازن بين القوى الكبرى، وتضمن الحد الأدنى من السلام العالمي.
وأبرز بنعيسى أن مداخلات المشاركين في الندوة تستشرف بعض معالم الأفق السياسي والأمني والاقتصادي الذي رسمت ملامحَه تطوراتُ الحرب في أوكرانيا، وانعكاساته على عالمنا العربي بعد أن لامست مختلف الدول والأنظمة، وأدرك خطورتها المواطنون بمختلف مراتبهم ودرجات وعيِهم. وأشار المتحدث نفسه الى أن الندوة الراهنة تهدف من بين ما تهدف إليه، إلى تسليط الضوء على ملامح القطبية الجديدة الذي ظهرت للوجود إثر حربِ أوكرانيا، بين الغرب (الولايات المتحدة وأوروبا) وذراعه العسكري (حلف الناتو) من جهة، وروسيا وحلفائها، والأطراف الدولية الداعمة لها من جهة أخرى.
وأضاف الديبلوماسي والمثقف المغربي المحنك أن الوضع أفضى إلى تَشَكُّلِ نزوعٍ ظاهر إلى عدم الانحياز في المواقف إزاء الحرب الأوكرانية لدى العديد من دول الجنوب، وبصفة خاصة البلدان العربية والإفريقية، التي تراوحت مواقفها بين الحياد الحذر أو عدم التورط في إبداء موقف واضح من الوضع القائم.
أما بخصوص كلمة وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، التي وزعت مكتوبة على الحاضرين، فجاء فيها أن عنوان الندوة يدعو الجميع لاستشراف مآلات الأزمة العالمية الحالية عبر تقدير مدى خطورتها وأبعادها المتشعبة، معتبرا أن الوضع يفرض طرح سؤال جوهري حول ماهية وشكل النظام العالمي الذي سيتشكل بعد حرب أوكرانيا.
ورأى وهبي أن الحرب الأوكرانية-الروسية أصبحت واجهة لصراعات دولية ستحدد شكل النظام العالمي الجديد، مشددا على أن العالم بأسره يمر بلحظة تاريخية وغير مسبوقة، وأمام هذه الحرب المعلنة بالوسائل العسكرية والسرية وبالوسائل السياسية، وجد العالم الثالث تحديدا نفسه يحصي خسائره الاقتصادية مع التطلع إلى تاريخ انتهاء هذه الحرب مجهولة المصير والآفاق.
وأضاف وهبي في ورقته أن المغرب، الذي تعتبر أوروبا وأمريكا شريكين استراتيجيين وتاريخيين له، تبنى منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، موقفا واضحا وثابتا يقوم على مبدأين أساسيين: أولهما مبدأ عدم استخدام القوة لتسوية المنازعات بين الدول، وتشجيع جميع المبادرات والإجراءات التي تعزز التسوية السلمية للنزاعات، والثاني يرتكز على احترام السلامة الإقليمية والسيادة والوحدة الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.