طنجة.. ”بنعجلات“ تتحول إلى ”عاصمة“ للتجزيئ السري بالشمال

رشيد عبود :
تفاجأت ساكنة دوار بنعجلات بالجماعة الترابية جزناية، ضواحي طنجة، بحر الأسبوع المنصرم، بظهور تجزئة سكنية عشوائية بشكل مفاجئ، وسط الدوار فوق أرض مجهولة الهوية، قيل بأنها بيعت أكثر من مرة بعقود عرفية، لإضفاء الصفة الشرعية على الحيازة بتعدد الملاك، بدعم من جهات خفية.
وحسب المعطيات الواردة من المنطقة، فإن مافيا التجزيئ السري، تمكنت، في عهد رئيس الجماعة جزناية السابق المدان من طرف غرفة الجنايات الإبتدائية بالحبس والغرامة في قضية تتعلق بالبناء الغير قانوني فوق الملك الغابوي، (تمكنت)، من الحصول على رخصة انفرادية لتهيئة التجزئة ”العجيبة“ ، بعد التلاعب في المساحة الكلية بالتقليص منها على الورق، لتفادي المرور عبر مسطرة وضع طلبات الرخص المتعلقة بها بالمنصة الإلكترونية للتدبير اللامادي لرخص التعمير.
غير أن الخطير في الأمر كله، هو مباشرة أشغال التهيئة في هذه التجزئة (السرية/العلنية)، رغم محاذاتها للمجرى المائي بعد الحديث عن طمره، مما يجعل من تشييد أية بنايات فوقها أو بجانبها، عرضة للإنهيار، وسيشكل حتما، تهديدا حقيقيا لحياة ساكنة التجزئة والمجاورين لها .
الغريب في الأمر، أن هذه الفضائح التي تدخل في باب جرائم التعمير، وفي مخالفة صريحة للقانون 25/90، المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات وتنظيمها وتجهيزها، تحدث على بعد أيام فقط على تنبيه رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي للسلطات المعنية بمدينة طنجة، بضرورة التصدي لإحتلال الملك العمومي والترامي على الملك البحري والغابوي، وأراضي الجموع وأراضي الدولة .
كما يحدث هذا أيضا، أمام صمت رهيب
للمصالح المختصة، لعدم تحريكها المساطر القانونية ضدا على ملفات الترامي على الأراضي والأودية والبناء فوقها، والتنبيه لخطورة الموضوع في هذه المنطقة التي تحولت إلى ”عاصمة“ للبناء العشوائي والتجزيئ السري بالجهة الشمالية للمملكة، مستغلين في ذلك، الفراغ القانوني الذي أحدثه غياب وثيقة تصميم التهيئة لحد الآن، الذي لازالت الساكنة تنتظره منذ 2012، لوضع حد لفوضى التعمير، وسد الطريق على بعض الفاسدين المستفيدين من هذا الوضع الشاذ والغير مقبول، في منطقة باتت اليوم، في تعداد المناطق الحضرية.
إلى ذلك، فقد طالبت جهات مدنية مهتمة، بتدخل والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، المعروف بصرامته في محاربة الفساد والمفسدين، بالتدخل لوضع حد لمثل هذه الخروقات التعميرية الخطيرة، كما تدخل شهر شتنبر 2021، في ”غابة الفرنساوي“ بجماعة جزناية نفسها، مما أسفر حينها عن تهديم العشرات من المباني العشوائية التي شيدت فوق الملك الغابوي، وسقوط أخطر مافيا للتجزيئ السري والتشجيع على البناء العشوائي والتزوير بالمنطقة، والحكم عليها جنائيا، بحوالي قرن سجنا نافذا.
جدير ذكره، أن هناك مجموعة من الظواهر التي فرضت نفسها بقوة على الرأي العام المغربي، ومنها ظاهرة تنامي البناء العشوائي وبقوة، تحت ذريعة الحاجة إلى السكن، هذه الحاجة التي كانت، ولا تزال ملحة بالنسبة لفئات عريضة من الفئات الهشة، وذوي الدخل االمحدود، لكن حل هذا المشكل، لا يمكن أن يكون بالفوضى والاعتداء على المجال.
فظاهرة البناء الغير قانوني، اتخذت أبعادا خطيرة شتى، تتجلى في اكتساح الأراضي الغير المجهزة، وأراضي الجموع التي انتشر فيها البناء العشوائي بسرعة غير متوقعة، والملفت للانتباه أن الأطراف المتورطة في هذا الملف، يتشابهون من حيث وظائفهم وتمثيليتهم وأدوارهم، ممن يصرون على الإستمرار عنوة في ممارستهم العدائية اتجاه المدافعين عن الديمقراطية المجالية والوطن، ابتداء من تسليم شواهد تجزئة الأراضي الغير مجهزة لحيازة العقار، مرورا بالتغاضي عن البناء الغير المرخص، وانتهاء بتسليم شواهد إدارية مشبوهة للربط بشبكة الكهرباء، بدعوى أن البناء قديم.