مجتمع

المغرب يحتضن مؤتمرا دوليا حول الأمن الكيميائي والتهديدات الإرهابية

نورالدين عفير

أكد محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني ومدير مكتب الشرطة الدولية “الأنتربول” بالمغرب، أول أمس الثلاثاء، أن التهديد الإرهابي يبقى قائما وبشدة، كون المواد النووية والإشعاعية والبيولوجية والكيميائية في متناول المجموعات الإرهابية، التي تسعى لفرض نفسها وتنفيذ مخططاتها الإجرامية، سواء على المستوى السيكولوجي والاجتماعي والاقتصادي.

وكشف الدخيسي في أشغال المؤتمر الدولي الثالث المنظم بمراكش حول الأمن الكيميائي والتهديدات الناشئة، بمشاركة أزيد من 230 خبيرا، من 75 بلدا، والذي تنظمه منظمة “الأنتربول”، ووزارة الأمن الداخلي الأمريكي، ووكالة وزارة الدفاع الأمريكي للحد من التهديد، ومكتب التحقيقات الفيدرالية، بشراكة مع  المديرية العامة للأمن الوطني، والشراكة العالمية لمجموعة الدول السبع لمكافحة انتشار أسلحة ومواد الدمار الشامل، (كشف) أن الهدف الرئيسي من المؤتمر الدولي هو خلق فضاء للنقاش وإيجاد الحلول والرفع من قدرات كل الجهات المعنية بالوقاية من مخاطر الحصول والاستعمال غير اللائق للمواد الكيميائية، خصوصا الاستعمال العدواني في أعمال إجرامية خاصة الإرهابية منها.

وأوضح مدير مكتب الشرطة الدولية “الأنتربول” بالمغرب، أن هذه المناظرة الدولية تنظم في وقت يعرف تغييرات متعددة، ويتميز بتحديات وبتهديدات محدقة بأمن وسلامة البلدان، وعلى رأسها التهديد الإرهابي، الذي خلف عدة ضحايا في الأرواح وخسائر عديدة في الممتلكات في مختلف البلدان، والذي يستفيد من وسائل التكنولوجيا الحديثة، ويسعى باستمرار للحصول على أسلحة الدمار الشامل، مشيرا إلى أن التهديد الإرهابي يهدد أمن الوطن والمواطنين ويزعزع استقرارهم، ولو في غياب تنفيذ أعمال التخريبية.

وأفاد المدير المركزي للشرطة القضائية بأن مجموعة من الدول عاشت في السنوات الماضية، عدة أحداث إرهابية باستعمال المواد الكيميائية، والبيولوجية وغيرها، حيث خلفت عددا كبيرا من الضحايا وخسائر كبيرة في الممتلكات، وكان لها الأثر السيئ على المستوى النفسي والاجتماعي والاقتصادي، مبرزا أنه على الصعيد الوطني، اعتمد المغرب منذ الأحداث الإرهابية الأولى التي شهدتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003، مقاربة شاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف، تشمل الجانب التشريعي، الذي عرف تعزيزا للقوانين المجرمة لهذه الأفعال وتشديد العقوبات المترتبة عن اقترافها، والجانب الاجتماعي الخاص بمحاربة الهشاشة الاجتماعية ومساعدة الفئات الهشة لإنجاز مشاريع مدرة للدخل حتى لا تسقط في الإرهاب، والجانب الديني حيث عملت الحكومة على إعادة هيكلة الحقل الديني بشكل يتماشى مع التعاليم السمحاء للشريعة الإسلامية، وكذلك الجانب الأمني بتعزيز الإمكانيات المتوفرة لدى المصالح الأمنية بمختلف مكوناتها.

وفي الجانب الأمني، اعتمد المغرب مقاربة استيباقية لمحاربة الإرهاب والتطرف، مكنت من تفكيك 214 خلية إرهابية بين سنة 2002 و2021، قدم على إثرها 4304 أشخاص أمام العدالة، 88 من هذه الخلايا كان لها ارتباط بتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية “داعش”، وتم تفكيكها ابتداء من سنة 2013، كما تم إجهاض أزيد من 500 مشروع إرهابي، مبرزا أن المصالح الأمنية المغربية تمكنت سنة 2016، من إيقاف عشرة أعضاء خلية تابعة لـ”داعش”، استفادوا من تدريبات خارج أرض الوطن، الذين كانوا يستعدون للقيام بأعمال إرهابية باستعمال عبوات متفجرة من صنع تقليدي، تتضمن مواد بيولوجية، على شكل “توكسين تيتانوس” Toxine de tétanos)).

واعتبر المسؤول الأمني، أن التزام المغرب في مجال محاربة الإرهاب، ترجم بتوقيع المملكة ومصادقتها على مجموعة من الاتفاقيات الدولية الملزمة وغير الملزمة، مع وضع إطار قانوني وتشريعي متطور يتماشى مع التحديات التي تفرضها الظاهرة الإرهابية، وذلك لمحاصرتها والحد من مخاطرها، من بينها القانون 03-03 الخاص بمحاربة الإرهاب، والقانون 14-86، المعدل والمكمل لمقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية الخاصة بالقانون 03-03، المتعلق بتجريم ظاهرة الالتحاق ببؤر التوتر، والقانون 12-02، الخاص بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار الإشعاعية، والقانون 05-43، الخاص بتجريم تبييض الأموال وتجريم الإرهاب، والقانون 30-05، الخاص بالنقل البري للبضائع الخطيرة، والقانون 36-09، الخاص بحضر تطوير وتصنيع وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدميرها…

وشدد محمد الدخيسي على أن المملكة المغربية تعمل بشراكة مع الخبراء الدوليين، على رفع من قدراتها للوقاية والحد من المخاطر النووية والإشعاعية والبيولوجية والكيميائية، خصوصا تلك ذات الصلة بالأفعال الإجرامية، مما جعل الإستراتيجية الوطنية، في مجال محاربة الإرهاب، تتماشى مع التطورات الناجمة والمنبثقة من مخاطر هذه المواد.

و تشكل المناظرة الدولية، التي ستستمر إلى غاية اليوم الخميس، فرصة وفضاء لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى بين خبراء دوليين، من المصالح المكلفة بتطبيق القانون، وممثلي الحكومات، والمنظمات الدولية والجهوية، والجامعيين وقطاع الصناعة الكيميائية، وممثلي القطاعات الأخرى المعنية، من أجل تحسين أمن وسلامة المواد الكيميائية على طول دورة حياتها منذ إنتاجها، مرورا باستعمالها إلى حين التخلص منها، خصوصا من ناحية تفادي الاستعمال السيئ والمسيء للإنسان وللبيئة أو استعمالها في المجال الإجرامي وخصوصا الإرهاب، الذي يهدد الأمن والسلامة الدولية، كما تشهد المناظرة التطرق لمختلف المواضيع المرتبطة بالتطور الذي تعرفه هذه المخاطر، والتقنيات والطرق المستعلمة من طرف الجهات الفاعلة غير الحكومية، للحصول على هذه المواد، بالإضافة للأحداث المسجلة في الآونة الأخيرة المرتبطة بالإرهاب الكيميائي وبالتقنيات المعتمدة للكشف على أي عمل مشبوه والوقاية منه والاستجابة لحاجيات صده بالشكل المناسب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق