انتظارات العصابة
بقلم: الأستاذ عبدالله الفردوس
بينما العالم بأسره يتجه إلى القطع مع الصيغ القديمة الموروثة عن الحرب الباردة، في تدبير النزاعات الإقليمية والدولية، والدفع في اتجاه إيجاد حلول وبدائل خلاقة تُمَكن المجتمع الدولي من حفظ السلام والاستقرار، والاستعداد بشكل تشاركي وتعاوني لاستقبال تغييرات جيوسياسية جذرية لما بعد الوباء والحرب الأوكرانية، تنام العصابة الحاكمة في الجزائر على أحلام العودة بالتاريخ إلى الوراء، وتأجيج الأحقاد والكراهيات، إرضاء لغرورها القديم الذي زاد عن حده، ونسف كل أمل في شفائها من فوبيا الزعامة الورقية والقوة الضاربة في العربدة، التي لا تقهر في التآمر على الشعوب والمتاجرة في قضاياها، ورفع شعارات حماسية مغشوشة لم تعد تنطلي نواياها السيئة والمشينة على المجتمعات العربية والإسلامية والقارية والدولية. بينما العالم كما ذكرنا يتقدم خطوات إلى الأمام لتعزيز فرص التفاهم على تجاوز مخاطر الانسدادات والتعنتات، ودعم الشرعية الدولية في بحث سبل الحلول السياسية والسلمية والواقعية والجدية لعدد من التوترات العالقة، تنتظر العصابة الحاكمة في الجزائر أن تتراجع كل هذه الخطوات التقدمية للبشرية، وأن يتوقف التاريخ لإرضاء تكلسها وجمودها، وحسبنا هنا أن نحصي عددا من انتظارات العصابة التي تنتمي إلى ما قبل السياقات والانعطافات الدولية الجديدة، في اتجاه مستقبل آخر ممكن خارج أجندة العصابات والميليشيات الإرهابية والانفصالية وكافة وكلاء الدول المارقة:
ـ تنتظر العصابة أن تتراجع أمريكا عن قرارها السيادي بالاعتراف بمغربية الصحراء، معتبرة إياه مجرد تغريدة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لا تلزم الرئيس الأمريكي الجديد ولا مؤسسات الدولة بشيء. وبينما العصابة في انتظار العودة بعقارب الساعة الأمريكية إلى ما قبل هذا الاعتراف، ممنية النفس والشعب الجزائري بالانتصار على تغريدة ترامب، تُسقِط الولايات المتحدة الأمريكية انتظارات هذه العصابة في الماء يوما بعد يوم، وها هي الأعوام تمضي عاما بعد عام، وتكاد ولاية الرئيس جو بايدن تنتهي، دون أن يلوح في الأفق إلا مزيد من تكريس القرار الأمريكي، الذي لم يكن مجرد تغريدة عابرة، وإنما سمفونية عالمية تتبع جنازة العصابة وأزلامها أينما حطت بها النعوش، وأجراس تقرع فوق آذانها معلنة فجر يوم جديد.
ـ تنتظر العصابة بثقة غبية أن تسقط حكومة سانشيز في إسبانيا للعودة إلى نقطة الصفر بشأن موقف إسبانيا من سيادة المغرب على صحرائه، والحال أن الدعم الإسباني لمغربية الصحراء يصير يوما بعد يوم موقفا راسخا للدولة الإسبانية، وأن إسبانيا والمغرب قطعا أشواطا بعيدة في تكريس مدخلات ومخرجات الاعتراف الإسباني بشرعية ومصداقية وموثوقية وجدية وواقعية مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية المغربية، عبر توقيع وتفعيل اتفاقات وشراكات ومصالح متبادلة قوية ومتينة، والتوجه إلى مستقبل مفتوح على مواعيد كبرى لصالح الشعبين والدولتين، ومعهما مصالح شعوب المنطقة في الاستقرار والرخاء والازدهار، بدت معها كل المناورات والاستفزازات الجزائرية وسعار العصابة، مجرد فزاعات منتفخة بالهواء الفاسد، أكدت للطرف الإسباني وللمجتمع الدولي أن ثمة رائحة نتنة لجثة هالكة بالجوار تنتظر الإقبار والدفن إلى غير رجعة.
ـ تنتظر العصابة مع كل قرار جديد صادر عن المنتظم الأممي، العودة بملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إلى ما قبل مسلسل التسوية السياسية التفاوضية على حل واقعي ودائم وشامل ومقبول من أطراف النزاع، فالعصابة لا تزال تعتقد في إمكانية رجوع مجلس الأمن إلى قرارات قديمة تجاوزها الزمن، بشأن الاستفتاء المقبور، وقد ظل المنتظم في العقد الأخير من مسلسل التسوية يشطب هذه القرارات لصالح ما يدعوه بالأخذ بعين الاعتبار المستجدات التي أسفرت عنها تطورات ملف النزاع، بما في ذلك تعذر إجراء الاستفتاء، والتوجه نحو بحث الحل السياسي التفاوضي، والإلحاح على تأكيد دور أطراف النزاع، بما فيها تحديدا الجزائر، وتحميلها مسؤولية المشاركة بإيجابية في الصيغة المقترحة للموائد المستديرة، التي لا بديل عنها، كما لا بديل عن السقف الذي اقترحه مخطط الحكم الذاتي لحل النزاع في إطار السيادة المغربية، والموصوف من قبل المجتمع الدولي وفي المقررات الأممية بالجدية والمصداقية والواقعية. وفي نهاية هذا الأسبوع سيؤكد القرار المنتظر من مجلس الأمن، كل هذه المستجدات والتطورات في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بما لا رجعة فيه إلى ما تنتظره العصابة الحاكمة في الجزائر من أوهام لا صلة لها بواقع الأحداث في الميدان وفي المحافل الدولية وفي العلاقات المغربية مع الدول الوازنة عربيا وإفريقيا ودوليا، لتبديد وهم الانفصال وعزل العصابة الحاكمة في الجزائر في أضيق الزوايا التي حشرت نفسها فيها، وأوصلت فيها ملف نزاعها مع المغرب إلى الباب المسدود عليها.
ـ تنتظر العصابة ومعها المغرر بهم من أبناء الشعب الجزائري أن يقتلنا برد هذا العام، بعد أن نجونا من زمهرير العام الماضي على إثر قطع العصابة أنبوب الغاز عن المغرب، ولا تزال العصابة تمني النفس بأن نهلك بردا وتجمدا، في حين أن لا أحد في المغرب شعر بنقص تدفئة أو خصاص غاز أو محروقات، ولا لحقت البلاد بالقطب المتجمد ولا أعدت حطبا من العصر الحجري كما زعموا. والحال أن دولة العصابة هي من يتخبط في غازها الوافر وطوابيرها التي طالت على قدر طول لسانها في البهتان والكذب والزيف. فلينتظروا أن تسقط السماء ونجومها عليهم ويعصف بهم الجمود والتجمد وتكلس المشاعر والأحاسيس، قبل أن يروا المغرب الشامخ ساقطا على أبوابهم أو متوسلا صدقة أو حسنة منهم في عز المرارة التي يتجرعونها مع المياه الملوثة والغازات السامة، فنجوم السماء أقرب إليهم من هذه الانتظارات الخائبة والخائنة.
ما أكثر الانتظارات البائسة والمخجلة للعصابة، بما فيها انتظار إعادة مباراة الجزائر- الكاميرون للتأهل قسرا وعنوة وزورا لكأس العالم، وما أكثر الدول والشعوب والأمم التي تضيفها العصابة إلى قائمة عدوانية انتظاراتها وطوابيرها، وما أكثر الخيبات التي تنتظرها وستمنى بها في هذا المنعطف الأممي والدولي الحاسم الذي يقرب إليها المسافات نحو الهاوية، ويقرب حبل الانتحار إلى عنقها، ويخيب مساعيها بتحويل هذه الانتظارات الخاسئة والعدوانية إلى فضائح بجماجم. ولهؤلاء الخونة والموتورين المنتظرين سقوطنا وسقوط كل الشرفاء نقول: كل انتظار حقير وأنتم بألف خيبة.