“كورونا” و”التضخم” يفاقمان الفوارق الاجتماعية ويغرقان 3.2 ملايين مغربي إضافي في الفقر والهشاشة

الرباط- عبد الحق العضيمي
أعلنت المندوبية السامية للتخطيط، أن تداعيات وباء “كوفيد-19” والصدمة التضخمية الحالية أغرقتا 3 ملايين و200 مليون مغربي إضافي في الفقر أو الهشاشة، مشيرة إلى انخفاض مستوى معيشة الأسر بنسبة 2,2 في المائة سنويا بين عامي 2019 و2021.
وقالت المندوبية، في مذكرة بعنوان “تطور الفوارق الاجتماعية في سياق آثار كوفيد-19 وارتفاع الأسعار”، توصلت ” الأمة24″ بنسخة منها، إن “حوالي 3,2 ملايين شخص إضافي تعرضوا للفقر (1,15 مليون شخص) أو إلى الهشاشة (2,05 مليون شخص)، تحت التأثير المزدوج للأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد – 19 والتضخم”.
وأوضحت المندوبية، أن 45 في المائة من إجمالي هذا الارتفاع العددي يعزى إلى تبعات الجائحة و55 في المائة إلى ارتفاع الأثمنة عند الاستهلاك.
وتابعت المؤسسة الإحصائية، أن “التقديرات تشير إلى فقدان ما يقرب سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على الفقر و الهشاشة”، منبهة في هذا الصدد إلى تراجع وضعية الفقر والهشاشة بالمغرب إلى مستويات سنة 2014.
أرقام المندوبية، التي استندت إلى بنيات النفقات حسب البحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر 2013/2014 ومعطيات البحث الشهري للأثمان عند الاستهلاك والبحث الوطني حول مصادر الدخل 2019، بالإضافة إلى معطيات المرحلة الثالثة من البحث الوطني حول تداعيات جائحة “كوفيد-19” على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر 2021/2022، أشارت إلى أن الانكماش المسجل في مستوى المعيشة أدى إلى “تفاقم الفوارق الاجتماعية والفقر والهشاشة”. وزادت أن الآثار السلبية لجائحة “كوفيد-19” على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر تسببت أيضا “في زيادة الفوارق الاجتماعية”.
وفي هذا السياق، أوضحت المندوبية، أن “نسبة النفقات ارتفعت لدى خمس الأسر الأكثر يسرا من 46,1 في المائة سنة 2019 إلى 47,7 في المائة سنة 2021، مقابل انخفاض من 7في المائة إلى 6,5 في المائة بالنسبة لخمس الأسر الأقل يسرا”.
وفقا لمؤشر جيني، تضيف المندوبية، ارتفعت الفوارق الاجتماعية بنقطتين مئويتين تقريبا خلال هذه الفترة، حيث انتقلت من 38,5 في المائة إلى 40,3 في المائة على المستوى الوطني، ومن 37,2 في المائة إلى 39,1 في المائة في المناطق الحضرية ومن 30,2 في المائة إلى 31,9 في المائة في المناطق القروية .
وأوردت بأن معدل الفقر المطلق ارتفع خلال نفس الفترة، من 1,7 في المائة إلى 3 في المائة في سنة 2021 على المستوى الوطني، ومن 3,9 في المائة إلى 6,8 في المائة في المناطق القروية، ومن 0,5 في المائة إلى 1 في المائة في المناطق الحضرية.
وموازاة مع ذلك، عرفت الهشاشة ارتفاعا ملحوظا حيث انتقلت من 7,3 في المائة سنة 2019 إلى 10 في المائة سنة 2021 على المستوى الوطني، ومن 11,9 في المائة إلى 17,4 في المائة في المناطق القروية ومن 4,6 في المائة إلى 5,9 في المائة في المناطق الحضرية.
وبالنسبة لآثار جائحة “كوفيد-19” على مستوى معيشة الأسر، قالت المندوبية، إنه “خلال الفترة ما بين أكتوبر 2019 ودجنبر 2021، انخفض متوسط مستوى معيشة الأسر، المقاس بالنفقات الاستهلاكية الجارية للفرد، من 20400 درهم إلى 20040 درهما على المستوى الوطني، ومن 24620 درهما إلى 24260 درهما في الوسط الحضري، ومن 12800 درهم إلى 12420 درهما في الوسط القروي”.
واستطرد المصدر ذاته، أنه خلال الفترة نفسها، انخفض مستوى معيشة خمس الأسر الأقل يسرا من 7000 درهم إلى 6860 درهما، أي بمعدل انخفاض سنوي قدره 2,3 في المائة بالقيمة الحقيقية. وانخفض مستوى معيشة خمس الأسر الأكثر يسرا بنسبة 2,5 في المائة ، من 47780 درهما إلى 46620 درهما. أما بالنسبة لـ 60 في المائة من الأسر الوسيطة، فقد انخفض مستوى معيشتهم من 15730 درهما إلى 15570 درهما، أي بمعدل انخفاض سنوي قدره 1,9 في المائة، تقول المذكرة.
وحسب الفئة السوسيو- مهنية لأرباب الأسر، أفادت المندوبية بأن متوسط مستوى المعيشة سنويا قد انخفض بنسبة 3,6 في المائة لدى العمال غير المؤهلين، إذ انتقل من 14130 درهما سنة 2019 إلى 13440 درهما في 2021، وبنسبة 3,6 بالمائة لدى الحرفيين والعمال المؤهلين، من 17850 درهما إلى 16970 درهما، ولدى التجار والوسطاء التجاريين بنسبة 2,8 في المائة، بعد إن انتقل من 19920 درهما إلى 19270 درهما، وكذا لدى المستغلين والعمال الزراعيين، بـ2.4 في المائة، منتقلا من 12950 درهما إلى 12650 درهما، وبـ1,8 بالمائة لدى أوساط المسؤولين التسلسليين والأطر العليا.
المعطيات الإحصائية للمندوبية لفتت أيضا إلى تغير نمط بنية الاستهلاك، بسبب الأزمة الصحية، حيث أشارت في هذا الصدد إلى خفض الأسر بشكل حاد نفقاتها المخصصة لـ “التجهيزات المنزلية” بنسبة 19,1 في المائة سنويًا بالأسعار الثابتة.
كما سجلت نفقات الأنشطة الترفيهية انخفاضًا سنويا هاما بلغ 14,3 في المائة. في حين، بلغ هذا الانخفاض 5.9 في المائة بالنسبة للباس والأحذية و2.4 في المائة بالنسبة للتغذية، و2 في المائة بالنسبة للنقل.
وبالمقابل، تورد المندوبية في مذكرتها، عرفت النفقات الصحية ونفقات الاتصال ارتفاعا سنويا بلغ على التوالي 10,9 في المائة و4,6 في المائة، موضحة أن هذه الزيادة تعزى إلى ارتفاع كلفة نفقات التدابير الوقائية للحد من انتشار وباء “كوفيد-19” وإلى تكثيف استعمال تكنولوجيا الاتصال مند بداية الأزمة الصحية.
من جانب آخر، توقفت المندوبية عند آثار التضخم حسب الفئات الاجتماعية على المستوى المعيشي للأسر، مبرزة أنه” خلال الفترة الممتدة بين يناير ويوليوز 2022، ارتفعت الأثمان عند الاستهلاك بشكل أسرع وبلغ متوسط معدل التضخم، على أساس سنوي، 5,5 في المائة أي بمستوى يفوق خمس مرات المستوى المسجل بين سنتي 2017 و2021″، قبل أن تضيف “غير أن متوسط التضخم يخفي تباينات حسب وسط الإقامة، حيث إن ارتفاع الأسعار بالنسبة للأسر القروية (6,2 في المائة) يفوق ارتفاعها بالنسبة للأسر الحضرية (5,2 في المائة)، عازية هذا الارتفاع بشكل أساسي “لارتفاع أسعار المنتجات والخدمات اليومية، كالنقل والمواد الغذائية”.
المندوبية، خلصت إلى أن التأثير المضاعف لجائحة “كوفيد-19” والتضخم الفئوي على مستوى معيشة الأسر، من المنتظر أن يؤدي “إلى تراجع مستوى معيشة الفرد، بالقيمة الحقيقية، بنسبة 7,2 في المائة على المستوى الوطني، بين سنتي 2019 و2022، منتقلا من 20400 درهم إلى 18940 درهما، و6,6 في المائة بالوسط الحضري، (من 24620 درهما إلى 23000 درهم)، وبـ8,9 في المائة بالوسط القروي (من 12800 درهم إلى 11650 درهما).
وحسب الفئة الاجتماعية، توقعت المندوبية أن يتراجع مستوى معيشة الفرد بنسبة 8 في المائة لدى الأسر الأقل يسرا، خلال نفس الفترة، من 7000 درهم إلى 6440 درهما، و6,6 في المائة لدى الأسر الوسيطة، إلى 14700 درهم، و7,5 في المائة لدى لأسر الأكثر يسرا إلى 44200 درهم.