
الرباط- عبد الحق العضيمي /
كشف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن المسودة الأولى لمشروع المراجعة الشاملة والمتكاملة لمجموعة القانون الجنائي تم الانتهاء منها، موضحا في جواب كتابي بمجلس النواب، أنه “يتم حاليا الاشتغال على تدقيق صياغة المشروع وتجويد مضامينه على مستوى مصالح وزارة العدل في إطار لجنة تقنية تتألف من قضاة وأطر متخصصة في المجال الجنائي، وذلك في انتظار إشراك مختلف الفاعلين والمساهمين في مجال العدالة الجنائية”.
وبخصوص أسباب سحب المشروع من البرلمان، أبرز وهبي أن “مقاربة وزارة العدل في البداية كانت تهدف إلى إخراج مشروع متكامل للقانون الجنائي إلى حيز الوجود وذلك مراعاة لبنية النص وحفاظا على الفلسفة العامة التي تحكم مقتضياته، لكن الإكراه المرتبط بمحدودية الزمن التشريعي حال دون السير على هذا النهج وهو ما دفع الولاية الحكومية السابقة إلى اعتماد مقاربة تجزيئية تجسدت في مشروع مراجعة مجموعة القانون الجنائي الذي تضمن ما يقارب 84 مادة، لامست بعض المقتضيات داخل النص المذكور”.
وأكد وزير العدل، أن هذا المشروع “أثير بشأنه نقاش كبير خلال مسطرة المصادقة التشريعية أثناء تقديم التعديلات بعد تقديمه ومناقشته مناقشة عامة وتفصيلية، خاصة ما يرتبط بالمقاربة المعتمدة في تحديد الفصول المعدلة أو ما يرتبط ببعض المواضيع التي طالها التعديل”، مضيفا بالقول “إن الموضوع يرتبط بطبيعة المقاربة اعتمادها في مراجعة مجموعة القانون الجنائي كأحد أقدم النصوص المؤطرة للعدالة الجنائية الذي صدر في 26 نونبر 1962 ودخل حيز التنفيذ في 17 يونيو 1963، وظل يخضع لتعديلات جزئية بين الفينة والأخرى بلغ ما مجموعها 30 تعديلا ارتبط جزء كبير منها بتأطير بعض الجرائم المستحدثة كالإرهاب والجريمة المعلوماتية وغسل الأموال والاتجار بالبشر والتعذيب وغيرها”.
وتابع الوزير، أن الهدف من سحب المشروع هو “تقديم مشروع متكامل يلامس كافة النصوص الواردة فيه وفق مقاربة تشريعية شاملة توفر أجوبة للعديد من النقط المطروحة كدسترة مجموعة من المقتضيات الزجرية التجريمية والحمائية وتدويل القواعد الجنائية من خلال مصادقة المغرب على العديد من المواثيق الدولية سواء ذات الصلة بمكافحة الجريمة أو بحقوق الإنسان وما يرتبط بمجال تحديد نطاق ممارسة بعض الحقوق والحريات وإيجاد حلول للعديد من النقاشات المفتوحة والإشكالات العملية المطروحة على مستوى الممارسة، زيادة على مسايرة بعض التوجهات الحديثة على مستوى العديد من الأنظمة الجنائية المقارنة”.
وذكر وهبي، أن مجموعة القانون الجنائي المغربي “عرفت تطورا تاريخيا ارتبط في غالب الأحيان بالظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمملكة، وكذا بضرورة السعي نحو تحقيق الملاءمة مع توجهات النظم الجنائية الحديثة في مجالي التجريم والعقاب”، مشيرا إلى أنه “مع صدور الوثيقة الدستورية لسنة 2011 وما واكب ذلك من مصادقة المملكة على العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية التي تتعلق مضامينها بالجرائم ضد الإنسانية، الاختفاء القسري، الجريمة المنظمة، الاتجار الدولي في المخدرات، الإرهاب، الاتجار بالبشر، غسل الأموال وتهريبها، الاختطاف والتعذيب، التمييز والكراهية وغيرها من صور الجريمة العابرة للحدود، ظهرت ضرورة ملحة للقيام بمراجعة شاملة لأحكام مجموعة القانون الجنائي لاسيما بعد انخراط بلادنا في مسلسل الإصلاح العميق لمنظومة العدالة”.