تحت ضغط جمعيات حقوقية.. إسبانيا تعيد قاصرين مغاربة إلى سبتة المحتلة
مصطفى قسيوي
بعد الضغط الذي مارسته هيئات حقوقية مغربية وإسبانية، والتي اعتبرت ترحيل مجموعة من القاصرين المغاربة الذين دخلوا سبتة المحتلة السنة الماضية، غير قانوني، وبعد اعتراف المدعي العام بمحكمة المدينة المحتلة بأن ترحيل هؤلاء القاصرين إلى المغرب كان عملية غير قانونية وانتهاكا لحقوقهم، تم إعادة خمسة من القاصرين من أصل 55 قاصرا تم ترحيل عدد منهم إلى مركز الحماية الاجتماعية بمارتيل.
وحسب وسائل إعلام إسبانية، فإن قرار إعادة القاصرين الخمسة إلى سبتة المحتلة، والذين تم إيواؤهم في مركزي “بينير” و”لا إسبيرانزا” لرعاية الأطفال، جاء بعد قرار قضائي أثبت أن ترحيلهم إلى المغرب مخالف لقوانين الهجرة، حيث أقر مكتب المدعي العام بمحكمة سبتة المحتلة بارتكاب “جريمة مزعومة تتعلق باستمرار المراوغة” في قضية القاصرين غير المصحوبين، التي تربط بشأنها بين إسبانيا والمغرب اتفاقية تم توقيعها سنة 2007، والتي تنص المادة 5 منها على أن أي إعادة لطفل مهاجر لا يمكن أن تتم إلا مع التقيد الصارم بالتشريعات الإسبانية وقواعد ومبادئ القانون الدولي، وتلك المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل من قبل السلطات الإسبانية المختصة.
وفي هذا الإطار، ذكرت جريدة “ألفارو دو سوتة” المحلية، أن القاصرين المغاربة الذين تم ترحيلهم كانوا على وشك بلوغ 18 سنة، في حين أن قانون الهجرة الإسباني يجيز لهم الإقامة بصفة قانونية بسبتة المحتلة حتى لو كانوا على بعد ثلاثة أشهر من بلوغ سن الرشد، وهو ما اعتمدت عليه المحكمة في قرارها القاضي بإعادتهم إلى المدينة المحتلة، التي حاولت سلطاتها في بعض الأحيان المساومة على هذا الالتزام باستقبال المهاجرين القاصرين، مشيرة في هذا السياق إلى أنه كان من الواجب على المدعي العام الإسباني في شهر أكتوبر الماضي، تذكير وفد حكومة مدريد بسبتة المحتلة بـ “الالتزام القانوني المنوط بها للتراجع عن آثار تصريح الإقامة الممنوح للقاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم حتى تاريخ توفيرهم لخدمات الحماية للقاصرين، وفقا لأحكام المادة 35.7 من القانون الأساسي 4/2000، الذي ينظم حقوق وحريات الأجانب في إسبانيا واندماجهم الاجتماعي، وكذلك المادة 196.4 من المرسوم الملكي 557/2011، الذي يوافق على لوائح القانون الأساسي المذكور أعلاه”.
وكان عدد من القاصرين المغاربة دخلوا مدينة سبتة المحتلة في ماي من سنة 2021، تزامنا مع الأزمة الديبلوماسية الأخيرة، حيث تم ترحيل عدد كبير، فيما أبقت مدينة سبتة المحتلة على العشرات منهم بعدما تعهدت سلطات حكومة مدريد بإعادتهم إلى المغرب في مجموعات مكونة من 15 شخصا، وهو ما أثار جدلا داخل الائتلاف الحكومي، رافقته شكايات من منظمات غير حكومية عدة تطالب بإلغاء عمليات الطرد، بحكم أن عملية الترحيل إلى البلد الأصلي تخضع لمجموعة من الإجراءات القانونية لم تحترمها السلطات الإسبانية وخاصة البروتوكول الذي أعدته وزارة العدل بإسبانيا بمساهمة من الإدارات الأخرى، والذي ينص في مادته الأولى أنه قبل البدء في أي إجراء لإعادة القاصرين ينبغي تقديم تقرير من التمثيل الدبلوماسي لبلد المنشأ عن ظروف أسرة القاصر، كما تقضي المادة 191 من لوائح قانون الهجرة الإسباني، أنه “في حالة عدم وجود مثل هذه المعلومات حول الأسرة، يجب أن يتضمن التقرير التزاما كتابيا من السلطة المختصة بأنها ستتولى المسؤولية عن الطفل، وهذه الوثيقة المطلوبة من خلال المفوضية العامة للهجرة والشؤون الخارجية هي التي تقدم الطلب إلى القنصلية المغربية”.
وكانت العديد من المنظمات الحقوقية الوطنية والإسبانية، طالبت بعدم ترحيل القاصرين المغاربة، ومنها “الشبكة الإسبانية للهجرة ومساعدة اللاجئين”، وجمعية “التنمية المتكاملة ليسكولا”، وهما المنظمتان اللتان طلبتا رسميا من رئيس محكمة التحقيق رقم 2 في سبتة المحتلة بتوجيه اتهام مباشر إلى كل من مندوبة الحكومة، سلفادورا ماتيوس، والنائب الأول لرئيس السلطة التنفيذية الإقليمية، مابيل ديو، لتدخلهما في الترحيل السريع لـ 55 قاصرا مغربيا شهر غشت من السنة الماضية، باعتبار العملية “جريمة جنائية محتملة”، وهو ما أقرت به المحكمة العليا بغرناطة بأن ترحيل القاصرين المغاربة الذين وصلوا إلى سبتة المحتلة السنة الماضية، كان عملية غير قانونية وانتهاكا لحقوقهم.