
مصطفى قسيوي
أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، معتبرا أن “العدالة قد تحققت بعد أن قتلت الولايات المتحدة الظواهري في غارة بطائرة بدون طيار”.
وأضاف بايدن، في خطاب من البيت الأبيض بثته القنوات التلفزيونية الأمريكية، أن “الزعيم الإرهابي لم يعد موجودا بعدما قتل في غارة بطائرة بدون طيار، يوم السبت”، متابعا أنه “لم يعد الناس في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى الخوف من القاتل الشرير”.
وأكد الرئيس الأمريكي، أن الظواهري “صنع مقاطع فيديو، خلال الأسابيع الأخيرة، تدعو أتباعه إلى مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا، والآن العدالة تحققت ولم يعد هذا الزعيم الإرهابي موجودا”.
ووجه الرئيس الأمريكي تحذيرا صارما لـ “أي شخص يسعى لإلحاق الضرر بأمريكا”، حيث قال “أوضحنا مرة أخرى الليلة أنه بغض النظر عن المدة التي يتم استغراقها، وبغض النظر عن المكان الذي تختبئ فيه، إذا كنت تمثل تهديدا لشعبنا، فالولايات المتحدة ستعثر عليك”.
وذكر بايدن، أن الضربة الدقيقة التي استهدفت الظواهري، في نهاية هذا الأسبوع، كانت نتيجة “مثابرة ومهارة غير عادية” من الاستخبارات الأمريكية، مضيفا “لقد حددت الاستخبارات موقع الظواهري في وقت سابق من هذه السنة، حيث انتقل إلى وسط مدينة كابول ولم شمل أفراد عائلته، وبعد النظر بعناية في الدليل الواضح والمقنع على موقع الظواهري، سمحت بتوجيه ضربة دقيقة من شأنها أن تخرجه من ساحة المعركة إلى الأبد”.
وأوضح بايدن، أن تلك المهمة “تم التخطيط لها بعناية لتقليل مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين الآخرين بشكل صارم”، وتمت الموافقة عليها قبل أسبوع واحد فقط.
ومن جهته، أكد مسؤول أمريكي، أن الغارة الأمريكية بطائرة بدون طيار التي قتلت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في العاصمة الأفغانية كابول، الأحد الماضي، كانت نتاج شهور من التخطيط السري للغاية من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، ودائرة ضيقة من كبار مستشاريه، الذين قاموا ببناء نموذج مصغر للمنزل الذي تواجد فيه الظواهري.
وكشف المسؤول الكبير في الإدارة الأمريكية عن تفاصيل العملية والتخطيط لها بينما كان بايدن يستعد للإعلان عنها يوم أول أمس الاثنين، حيث ذكر المسؤول الأمريكي، أنه تم إطلاع الرئيس الأمريكي لأول مرة في أبريل الماضي على وجود الظواهري في منزل آمن في كابول، وكان المسؤولون الأمريكيون على علم بشبكة تدعم الزعيم الإرهابي في العاصمة الأفغانية منذ شهور، وقد تعرفوا على زوجته وابنته وأطفالها، من خلال مصادر متعددة للاستخبارات.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الظواهري لم يغادر المكان الذي وصل إليه هذه السنة، ومع مرور أشهر، بدأ المسؤولون الأمريكيون في تحليل المعلومات بشأن المنزل ومحيطه بما في ذلك خروج الظواهري بشكل دوري إلى شرفة المنزل لفترات طويلة، مع التركيز على تطوير عملية للقضاء على الهدف الإرهابي رقم واحد في العالم دون المساس بسلامة المبنى.
وأضاف المسؤول الأمريكي، أنه كان على رأس أولويات بايدن وأعضاء فريقه تجنب مقتل المدنيين، بما في ذلك أفراد عائلة الظواهري الذين كانوا يعيشون في المبنى، مشيرا إلى أن وجود المنزل في وسط مدينة كابول كان يمثل تحديا، إذ كان المسؤولون عن تنفيذ العملية مدركين لتخطيطهم والمعلومات التي يجب أن تكون صحيحة قبل تقديم أي خيارات إلى بايدن، وكانوا حذرين للغاية من تسرب المعلومات ومن ثم تم إبلاغ مجموعة صغيرة جدا ومختارة” في مجموعة متفرقة من الوكالات الأمنية الرئيسية بالخطط، ومع حلول شهري يونيو ويوليوز ، كان بايدن على إطلاع دائم بالتطورات، حيث جمع كبار مسؤولي الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض لتلقي إحاطة بشأن العملية المقترحة، وجلس
حول الطاولة مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، ومديرة المخابرات الوطنية أفريل هينز، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ونائبه جون فينر، ومستشارة الأمن الداخلي إليزابيث شيروود راندال، حيث كان الرئيس الأمريكي “منخرطا بعمق في المعلومات الاستخبارية، ووجه أسئلة مفصلة حول ما عرفناه وكيف عرفناه”.
وأوضح المسؤول الأمريكي، أنه كانت من الأمور ذات الأهمية الخاصة نموذج مصغر لمنزل الظواهري الذي بناه مسؤولو المخابرات ونقلوه إلى البيت الأبيض ليقوم الرئيس بفحصه، وقال المسؤول إن بايدن تساءل عن تفاصيل متعلقة بالعملية منها ضوء الشمس ونوعية مواد البناء وأي تأثير للطقس على العملية.
كما ركز بشكل خاص على ضمان أن كل خطوة قد تم اتخاذها لضمان أن العملية ستقلل من خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وطلب من فريقه مزيدا من المعلومات حول خطط البناية، وكيف يمكن أن تؤثر الضربة عليها، وسافر إلى كامب ديفيد في وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليوم، فيما ظل فريقه متأخرا، حيث اجتمع عدة مرات في غرفة العمليات خلال الأسابيع التالية لإكمال التخطيط والإجابة على أسئلة الرئيس الأمريكي والتأكد من أنهم اتخذوا كل الإجراءات لتقليل المخاطر، فيما كانت هناك جهود موازية من قبل كبار محامي الإدارة لفحص المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالظواهري وإرساء الأساس القانوني للعملية.
وفي 25 يوليوز، وأثناء وجوده في العزل الصحي بالبيت الأبيض، إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، تلقى بايدن من فريقه إحاطة أخيرة، حيث تساءل عن أي خيارات إضافية يمكن أن تقلل من الخسائر في صفوف المدنيين، كما استفسر عن رأي كل مسؤول من فريقه، وفي النهاية، أذن بتنفيذ “ضربة جوية دقيقة للقضاء على الهدف، حيث أطلق بعد 5 أيام، صاروخان من طراز “هيل فاير” على شرفة المنزل الآمن في كابول، لتؤكد مصادر متعددة من الاستخبارات مقتل الظواهري، فيما لم تتم إصابة أفراد عائلته، الذين كانوا في أماكن أخرى من المنزل.
وأشار المسؤول الأمريكي في حديثه عن تفاصيل العملية التي راح ضحيتها زعيم تنظيم القاعدة، إلى أنه لم يكن هناك أمريكيون في كابول وقت الغارة، بينما كانت شخصيات بارزة من حركة “حقاني” على علم بوجود الظواهري في المنطقة في “انتهاك واضح لاتفاق الدوحة”، بل واتخذت خطوات لإخفاء وجوده بعد الضربة الناجحة، وتقييد الوصول إلى المنزل الآمن ونقل أفراد من عائلته، بما في ذلك ابنته وأطفالها.
وأوضح المسؤول ذاته، أن الولايات المتحدة لم تنبه مسؤولي طالبان قبل الغارة، وبعد الضغط عليه.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد عرضت مكافأة تصل إلى 25 مليون دولار للحصول على معلومات تؤدي مباشرة إلى إلقاء القبض على الظواهري الذي أشار تقرير للأمم المتحدة في شهر يونيومن السنة الماضية 2021، إلى أنه كان موجودا في مكان ما في المنطقة الحدودية لأفغانستان وباكستان.