الرباط- عبد الحق العضيمي //
قضت المحكمة الدستورية في قرار جديد بإلغاء انتخاب محمد البرنيشي، عن حزب الأصالة والمعاصرة، وعلي الجغاوي، المنتمي لحزب الاستقلال، عضوين بمجلس النواب، إثر الاقتراع المجرى في 8 سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية ”جرسيف” (إقليم جرسيف)، مع الدعوة إلى إجراء انتخابات جزئية بهذه الدائرة، عملا بمقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وجاء في قرار المحكمة الذي يأتي بعد طعن قدمه سعيد بعزيز – بصفته مترشحا- أن المطعون في انتخابهما، قاما خلال الحملة الانتخابية بتنظيم جولات ميدانية بالأسواق الأسبوعية ومحيطها، وبشوارع مدينة جرسيف، ضمت عشرات ومئات من الأشخاص، مع استخدام آليات ثقيلة وقوافل للسيارات تفوق الأعداد المسموح بها في تنظيم المواكب الانتخابية، في إطار الضوابط المتخذة بمناسبة حالة الطوارئ الصحية، كما عمدا إلى تنظيم تجمعات عمومية “بجماهير غفيرة” تقدر بالمئات، إذ قام المطعون في انتخابه الأول (البرنيشي) بتنظيم مسيرات متعددة “بشكل شبه يومي”، ضمت مئات من عمال وعاملات النسيج، والمطعون في انتخابه الثاني (الجغاوي) بتنظيم مسيرات مشابهة ضمت مئات المستخدمين المياومين، مما يشكل، بحسب المحكمة، “مسا بمبدإ المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين ومخالفة للأحكام الخاصة بحالة الطوارئ الصحية”.
وأوضح القرار أن حالة الطوارئ الصحية كانت سارية المفعول بسائر أرجاء التراب الوطني إبان الحملة الانتخابية التي جرت برسم الاقتراع موضوع الطعن، وذلك بمقتضى المرسوم رقم 2.21.643 الصادر في 16 من محرم 1443 (25 أغسطس 2021)، الذي أقر في المادة الأولى منه تمديد حالة الطوارئ الصحية من يوم السبت 10 يوليو 2021 في الساعة السادسة مساء إلى غاية يوم الأحد 31 أكتوبر 2021 في نفس الساعة.
وأدلى الطاعن لتعزيز مأخذه، بعدة محاضر معاينة اختيارية منجزة من قبل مفوضين قضائيين، منها محضر انصب على “معاينة مسيرتين انتخابيتين، بمدينة جرسيف على مستوى الطريق الفاصلة بين حي حمرية الحضرية وحي حمرية القروية، الأولى يتقدمها جرار، وضمت حوالي 220 فردا يرتدون صدريات وقبعات ويحمل بعضهم أعلاما برمز الحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه الأول، ويقومون بمعيته بإلقاء منشورات انتخابية وترديد بعض الشعارات، والثانية تتقدمها سيارة، وضمت حوالي 190 شخصا معظمهم يرتدون صدريات وقبعات بيضاء برمز الحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه الثاني، ويقومون بمعيته بتوزيع منشورات لفائدته، وبإلقائها أحيانا”،و وبقرصين مدمجين، تضمنا، علاقة بالمأخذ المثار، تسعة أشرطة فيديو، خمسة منها توثق لأنشطة حملة انتخابية نظمها المطعون في انتخابه الأول، (أربعة مواكب انتخابية، وتجمع واحد)، وأربعة منها توثق لأنشطة حملة انتخابية نظمها المطعون في انتخابه الثاني، (مواكب انتخابية)، وشاركت في جميع هذه الأنشطة ، أعداد تتراوح بين العشرات والمئات، يرتدي معظمهم صدريات وقبعات ويحملون أعلاما برمزي الحزبين اللذين ترشح باسمهما المطعون في انتخابهما المذكوران، وتقدمتها عربات ذات محرك من أنواع مختلفة (سيارات وجرارات ودراجات نارية ثلاثية العجلات) عليها ملصقات برمزي الحزبين المذكورين.
واستندت المحكمة في اتخاذ قرارها إلى الفقرة الأولى من المادة الثالثة من المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، تنص على أنه “على الرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، تقوم الحكومة خلال فترة إعلان حالة الطوارئ، باتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم.”؛
وتابعت موضحة أن “مقتضيات هذه المادة، بوصفها نصا تشريعيا خاصا، نافذا خلال فترة الطوارئ الصحية المعلن عنها، وما تتخذه الحكومة، استنادا لهذه المقتضيات من أعمال، وبالنظر للظرف الخاص المتمثل في ضرورة مواجهة تفشي جائحة كورونا كوفيد-19 حفاظا على الصحة والسلامة العامتين، يسري مفعولها، تبعا لذلك، على الاجتماعات العمومية المنظمة خلال فترة الحملة الانتخابية، استثناء من التشريع الجاري به العمل في شأن التجمعات العمومية الذي تحيل عليه الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب”.
أوردت المحكمة أنه، “إنفاذا لمقتضيات المرسوم بقانون المشار إليه، أصدرت وزارة الداخلية في 23 و24 أغسطس 2021 دوريتين موجهتين إلى السادة الولاة والعمال، تضمنتا إجراءات تتعلق بتنظيم الحملة الانتخابية في إطار التدابير الاحترازية المرتبطة بالحد من تفشي الوباء، نصتا، علاقة بالمأخذ المثار، على عدم تجاوز التجمعات والأنشطة في الفضاءات المغلقة والمفتوحة أكثر من 25 شخصا، مع إلزامية الحصول على ترخيص من لدن السلطات المحلية في حالة تجاوز هذا العدد، وعدم السماح بتنظيم التجمعات الانتخابية في الفضاءات المفتوحة التي تعرف حركية مكثفة واكتظاظا يصعب معه فرض احترام التدابير الاحترازية، وضوابط أخرى تتعلق بالجولات الميدانية بالسيارات أو سيرا على الأقدام وبتوزيع المنشورات، مع إلزامية ارتداء الكمامة واحترام التباعد الاجتماعي في كل الأنشطة المرتبطة بالحملة الانتخابية، وهي ضوابط ملزمة، تبعا لذلك، لسائر المشاركين في أنشطة الحملات الانتخابية برسم الاقتراع موضوع الطعن”.