مجتمع

تسجيل صوتي بين قضاة يحدث رجة في جسم العدالة.. الفرقة الوطنية تتكلف بالتحقيق والمحامون غاضبون وحماة المال العام يتابعون تطورات القضية

نورالدين عفير //

اتخذت مجريات التسريب الصوتي بين قضاة حول ملف رائج بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، أبعادا متعددة، جعلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تفتح تحقيقات معمقة لاستجلاء الحقيقة، فيما توحد المحامون للاحتجاج على ما ورد من إساءة إلى هيئة الدفاع، بينما يتابع حماة المال العام تطورات القضية التي أحدثت رجة في جسم العدالة بالمغرب. وبعد انتشار تسجيل صوتي مطول مدته تقارب 29 دقيقة على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري، أعلن ناجيم بنسامي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، السبت 9 يوليوز الجاري، “أنه على إثر تداول تسجيل صوتي منسوب لقضاة حول وجود تدخل في تدبير ملف قضائي معروض على أنظار هيئة قضائية يتابع فيه أحد الأشخاص في حالة اعتقال، وعبارات تمس بسمعة بعض أعضاء هيئة الدفاع، أعطت النيابة العامة تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء من أجل إجراء بحث يروم التحقق من حقيقة وظروف وخلفيات ما ورد بالشريط الصوتي من معطيات، والاستماع إلى كل من له علاقة بالموضوع، وإجراء جميع التحريات اللازمة لبلوغ ذلك، كما تعهد الوكيل العام للملك بترتيب الآثار القانونية اللازمة حالما تنتهي الأبحاث”.
من جهتها، سارعت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، إلى التعبير عن غضبها بعد تضمن التسجيل الصوتي إساءة إلى أسرة المحاماة ونعت بعد أفرادها بالسماسرة والنصابة، حيث اعتبرت الجمعية “أن مضمون التسجيل الصوتي المسرب لقضاة، يتضمن إساءة ومساس بقدسية رسالة المحاماة”.
وكشفت الجمعية، أنها ربطت الاتصال مع كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، حيث أكد الرئيسان لعبد الواحد الأنصاري، رئيس الجمعية، أن ما تضمنه التسجيل “لا يعبر إطلاقا عن رأي السادة القضاة لا أفرادا ولا مؤسسات”. وأكدت الجمعية، أنه بمجرد علم الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة، بالتسجيل، أمرا كل فيما يخصه، بإجراء الأبحاث اللازمة بشأنه، مع حرصهما وتأكيدهما على ترتيب كل الآثار القانونية وبكل حزم وصرامة بعد التوصل بنتائج الأبحاث المأمور بها. ودعا رئيس الجمعية إلى عقد اجتماع استثنائي طارئ، يخصص للتداول بشأن هذه الواقعة في كل أبعادها وتجلياتها.
من جانبها، دعت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية المقرر تنظيمها اليوم الأربعاء، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، معتبرة أن الدعوة إلى الوقفة والمشاركة فيها تعد بمثابة “استجابة لنداء جمعية المحامين الشباب بالدارالبيضاء وإيمانا بضرورة تفعيل الوسائل الاحتجاجية المشروعة للتنديد باستشراء الفساد والتصدي للتدخل والتأثير في القضاء من طرف كل من يسعى إلى تقويض سيادة القانون”.
وطالب المحامون الشباب المجلس الأعلى للسلطة القضائية بـ”فتح تحقيق نزيه وشفاف مع الأسماء المساهمة في التسجيل بشأن الوقائع المضمنة به، وترتيب الآثار القانونية على ذلك بالنسبة للمفرط والمتدخل في استقلالية القضاء على حد سواء”.
أما حماة المال العام ممثلين في الجمعية المغربية لحماية المال العام، فقد أكدت أول أمس الاثنين، عبر مكتبها الوطني أنها “تتابع بقلق وانشغال كبيرين التطورات الأخيرة بالجسم القضائي والمتعلقة باعتقال رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية ببني ملال على خلفية شبهة تورطه في قضية ابتزاز ورشوة، فضلا عن مضمون مكالمة هاتفية يشتبه أنها بين رئيسة غرفة بمحكمة النقض وأعضاء بغرفة الجنايات بالدار البيضاء”، مشيرة إلى أن بعد نقاش تأثيرات ذلك وغيره من الممارسات على نزاهة واستقلالية السلطة القضائية كضامن للحريات والحقوق، فإنها “تثمن قرار اعتقال رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية ببني ملال وكل الإجراءات المتخذة لتخليق نظام العدالة ببلادنا وتطالب رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بتسريع نتائج البحث المعلن عنه بخصوص مضمون المكالمة الهاتفية المنسوبة لرئيسة غرفة بمحكمة النقض وبعض أعضاء غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء وترتيب النتائج القانونية على ذلك، خاصة أن التدخل في شؤون القضاء بإصدار التعليمات أو باستغلال النفوذ أو بأية وسيلة أخرى يشكل مظهرا من مظاهر الفساد القضائي ويتعارض مع مقتضيات الفصل 109 من الدستور ومع مدونة الأخلاقيات القضائية والعهود الدولية ذات الصلة بالسلطة القضائية”.
ويتعلق المقطع الصوتي بحديث دار بين مجموعة من المسؤولين القضائيين حول ما سموه بـ”ابتزاز أمهات من قبل محامية بغرض تمكين أبنائهن من الخروج من أسوار السجن، حيث حمل التسجيل حديثا مفصلا عن واقعة دارت بين رئيسة غرفة محكمة النقض ومستشارين بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث اعتبرت من خلاله رئيسة الغرفة أن ما قامت به المحامية يشكل ابتزازا للأمهات عن طريق طلبها مبالغ مالية منهن قدرت بعشرين ألف درهم لكل قاض، واصفة المحامية التي تنوب عنهما بـ”السمسارة على ظهر القضاة”.
وكشفت رئيسة الغرفة في المكالمة الهاتفية، أن والدتي المعتقلين عاملتا نظافة، وأخبرتها بأن المحامية وعدتهما بالتدخل لحل ملف ابنيهما مقابل مبالغ مالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق