بنك المغرب يتوقع تباطؤا حادا للاقتصاد الوطني
نورالدين عفير //
توقع بنك المغرب أن يسجل الاقتصاد الوطني هذه السنة تباطؤا حادا إلى جانب تزايد الضغوط التضخمية، بالنظر إلى الظروف المناخية غير المواتية، وتطور الظرفية الدولية المتسمة على وجه الخصوص باستمرار الحرب في أوكرانيا، وبقاء التضخم في مستويات مرتفعة استثنائية، وتشديد السياسات النقدية وتدهور الآفاق الاقتصادية.
وأعلن مجلس بنك المغرب عن هذه التوقعات، أمس الثلاثاء، خلال اجتماعه الفصلي الثاني برسم سنة 2022، الذي تدارس وصادق خلاله على التقرير السنوي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية للبلاد وأنشطة بنك المغرب برسم سنة 2021، مؤكدا أنه أخذا بالاعتبار طبيعة الضغوط التضخمية، خارجية المصدر أساسا، والعودة المرتقبة للتضخم إلى مستويات معتدلة في 2023، مع إدراجه المسبق في توقعاته تأثير القرارات التي اتخذت في إطار الاتفاق الاجتماعي المبرم في 30 أبريل 2022، قرر الإبقاء على التوجه التيسيري للسياسة النقدية، وذلك من أجل مواصلة دعم النشاط الاقتصادي، وبالتالي الحفاظ على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 1,50 بالمائة مع مواصلة تتبع تطور الظرفية الوطنية والدولية عن كثب.
وعلى المستوى الوطني، أكد بنك المغرب أن أسعار الاستهلاك خاصة بفعل الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات الطاقية والغذائية وتسارع التضخم لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين، عرفت ارتفاعا ملموسا خلال الشهور الأربعة الأولى من السنة الحالية مع نمو متوسط بنسبة 4,5 بالمائة على أساس سنوي، فيما من المتوقع أن يتواصل هذا التوجه على المدى القصير، حيث يرتقب أن يصل التضخم حسب توقعات بنك المغرب إلى 5,3 بالمائة في مجموع سنة 2022 قبل أن يتباطأ إلى 2 بالمائة في 2023.
وأشار المجلس إلى أنه بالنظر للظروف المناخية غير المواتية، من المتوقع أن يتراجع إنتاج الحبوب في 2022، حسب تقديرات وزارة الفلاحة، بنسبة 69 بالمائة إلى 32 مليون قنطار، حيث يرتقب أن تنخفض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 15 بالمائة هذه السنة قبل أن تتحسن بنسبة 12,9 بالمائة في سنة 2023 مع فرضية محصول حبوب متوسط قدره 75 مليون قنطار.
وفيما يتعلق بالأنشطة غير الفلاحية، من المتوقع أن يتعزز نموها إلى 3,8 بالمائة، مدعومة بتخفيف القيود الصحية، وأن تعود لتوجهها في 2023 مع نمو بنسبة 2,8 بالمائة، مضيفا أنه بعد الارتفاع الملحوظ بنسبة 7.9 بالمائة في 2021، يتوقع بنك المغرب أن يتباطأ نمو الاقتصاد الوطني إلى 1 بالمائة هذه السنة، ثم أن يتسارع إلى 4 بالمائة في 2023.
وعلى صعيد الحسابات الخارجية، يتوقع بنك المغرب أن تنمو الواردات بنسبة 24,2 بالمائة سنة 2022 ارتباطا بالأساس بارتفاع قيمة الفاتورة الطاقية التي يرتقب أن تصل إلى 122,4 مليار درهم والتزايد المتوقع في مشتريات المواد الخام والمنتجات نصف المصنعة. وفي سنة 2023، من المرتقب ألا يتجاوز الارتفاع 0,3 بالمائة خصوصا بفعل الانخفاض المنتظر في أسعار المنتجات الطاقية.
موازاة مع ذلك، يتوقع أن تتحسن الصادرات بنسبة 22 بالمائة في 2022 وبنسبة 0,8 بالمائة في 2023، مدعومة بالخصوص بمبيعات الفوسفاط ومشتقاته وقطاع السيارات التي يرتقب أن تصل على التوالي إلى102,7 مليار و114,7 مليار درهم سنة 2023. أما مداخيل الأسفار، التي استفادت من إعادة فتح الحدود وإطلاق عملية مرحبا، فمن المرتقب أن تسجل انتعاشا تدريجيا، لتنتقل من34,3 مليار درهم في 2021 إلى54,3 ملیارا في 2022 وإلى70,9 مليارا في 2023، مضيفا أن بعد المستوى القياسي البالغ 93,7 ملیار والمسجل في 2021، يرتقب أن تعود تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى مستويات ما قبل الأزمة، لتصل إلى ما مجموعه 87,3 ملیارا في 2022 وإلى 84 مليارا في 2023، كاشفا أنه في ظل هذه الظروف، من المتوقع أن يتفاقم عجز الحساب الجاري إلى 4,9 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2022، بعد أن بلغ2,3 بالمائة سنة 2021، قبل أن يتراجع إلى 3,8 بالمائة في 2023.
وعلى الصعيد الدولي، كشف بنك المغرب أن القيود المفروضة على الصادرات الروسية وانتعاش الطلب الصادر عن الصين أدى إلى تزايد ارتفاع أسعار المنتجات الطاقية والغذائية، حيث بلغ سعر خام “برنت” حوالي 112,4 دولارا للبرميل في ماي الماضي، فيما يرتقب أن يصل متوسط سعر البرميل إلى 107 دولارات في مجمل السنة قبل أن ينزل إلى93,9 دولارا للبرميل سنة 2023، كما أنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الفحم والغاز الطبيعي مجددا بنسب 127,1 بالمائة و111 بالمائة على التوالي مقارنة بسنة 2021، وأن تنخفض بعد ذلك بنسب29,3 بالمائة و26,5 بالمائة في 2023.
وبالنسبة لأسعار المنتجات الغذائية، يتوقع أن تنهي السنة بارتفاع متوسط قدره 34,3 بالمائة، وأن تتراجع بنسبة 9,2 بالمائة سنة 2023. أما أسعار الفوسفاط ومشتقاته، فمن المرتقب أن تواصل تطورها إلى أن تبلغ مستويات مرتفعة، حيث تشير توقعات البنك الدولي لشهر أبريل إلى بلوغ سعر الفوسفاط الخام 175 دولارا للطن هذه السنة و160 دولار للطن في سنة 2023 والفوسفاط ثنائي الأمونياك 900 دولار للطن ثم 800 دولار للطن في نفس الفترة، كما أنه من المتوقع أن يتواصل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والاضطرابات على مستوى سلاسل الإنتاج والإمداد وكذا الضغوط على أسواق الشغل في بعض الاقتصادات المتقدمة، حيث ستتسبب هذه العوامل في تأجيج الضغوط التضخمية، حيث أوضح بنك المغرب أنه في الولايات المتحدة، يرتقب أن يصل التضخم إلى 7,8 بالمائة في المتوسط هذه السنة، قبل أن ينخفض إلى4,2 بالمائة في 2023 ويتوقع أن يتسارع في منطقة الأورو إلى 7,2 بالمائة في 2022، ثم أن يتراجع إلى 3,2 بالمائة في السنة المقبلة. ونتيجة لتضييق الأوضاع النقدية، من المتوقع أن ينخرط الاقتصاد العالمي في تباطؤ ملموس بعد نموه القوي بنسبة6,1 بالمائة سنة 2021.