تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. الداكي: رئاسة النيابة العامة تولي اهتماما خاصا بتظلمات مغاربة العالم
حكيمة أحاجو //
قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن إيمان رئاسة النيابة العامة بضرورة إيلاء العناية الخاصة لتيسير ولوج أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، وتتبع مآل قضاياهم وتقديم شكاياتهم وتظلماتهم ومعرفة مآلها، نظرا لقصر مدة مقامهم بوطنهم الأم، وبعدهم عنه، نظرا لالتزاماتهم المهنية والعائلية، جعلها تستحضر ضرورة إيجاد آليات تساعد على التعجيل بالبت في هذه الشكايات والتظلمات، وتوفير إمكانية لإيداعها وتتبعها من طرفهم عن بُعد دون الحاجة لحضورهم.
في كلمة له بمناسبة الندوة الوطنية حول موضوع “الولوج للعدالة والمساعدة القانونية”، المنظمة يومي 13 و14 يونيو الجاري بمدينة طنجة، أكد الداكي أنه أصدر تعليماته للنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة، لتوفير استقبال جيد لمغاربة العالم، وتقديم جميع الخدمات بالسرعة والفعالية اللازمتين، في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل، مذكرا بأن الدورية الثلاثية التي تم توقيعها بتاريخ 19 ماي 2022 من طرف رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووزير العدل، ورئيس النيابة العامة، أكدت على إحداث لجان مركزية بالمؤسسات الثلاث تتولى عملية استقبال أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج لمعالجة طلباتهم ودراسة شكاياتهم وتظلماتهم المرتبطة بقطاع العدالة في مختلف ربوع المغرب.
أفاد المتحدث بأنه أمر بإحداث خلايا جهوية بمحاكم الاستئناف وخلايا محلية على مستوى المحاكم الابتدائية، تتألف في تركيبتها من قاض للحكم وقاض للنيابة العامة وموظفين ممن تتوفر فيهم المؤهلات المناسبة والقدرة على الإنصات لمشاكل المهاجرين، مع إرشادهم وتمكينهم من مختلف الخدمات، بالسرعة والفعالية اللازمة والعمل على التنسيق بين الخلايا المحلية أو الجهوية والمركزية لتذليل الصعاب وإيجاد الحلول الملائمة للإشكالات المطروحة.
في السياق ذاته، شدد الداكي على أن رئاسة النيابة العامة باعتبارها من مكونات السلطة القضائية، ومؤسسة من مؤسسات الدولة تشتغل وفق إستراتيجية واضحة المعالم، مستمدة من الالتزامات الدستورية والقانونية الجاري بها العمل، في انسجام تام مع كافة السياسات العمومية التي تضعها الدولة، وبإيمان مطلق بضرورة تعاون السلطات وتوازنها.
اعتبر أن الحق في الولوج إلى العدالة وتيسير المساعدة القانونية لمرتفقي العدالة ركيزتان أساسيتان من ركائز توفير المحاكمة العادلة، وتكريس مبدأ القضاء في خدمة المواطن، وعلى هذا الأساس فإن رئاسة النيابة العامة لن تذخر جهدا من أجل ترسيخ دعائم المبادئ السالفة، وتنزيلها بالشكل الذي يخدم مصالح عموم المواطنين ويصون حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم في ظل التوجيهات الملكية.
أفاد الداكي بأن رئاسة النيابة العامة بذلت مجهودات جبارة لتيسير الولوج إلى العدالة لجميع المرتفقين، حيث خصصت فضاء رحبا لاستقبال جميع مرتفقيها سواء من المشتكين أو غيرهم، كما جندت مجموعة من القضاة والأطر قصد الاستماع لتظلمات المواطنين ودراستها وإعطائها الاتجاه القانوني المناسب، مع الحرص على إشعارهم بمآلها في أقرب الآجال بكل الطرق المتاحة، كما خصصت رقما هاتفيا مباشرا للرد على جميع مكالمات المواطنين بخصوص مآل شكاياتهم لتجنب عناء التنقل إلى مقر رئاسة النيابة العامة.
وفي هذا الإطار، عملت رئاسة النيابة العامة على إرساء آلية الشكاية الإلكترونية، من أجل تسهيل ولوج المشتكين للعدالة الجنائية عبر إيداع شكاياتهم بطريقة إلكترونية أينما وجدوا، خاصة أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، وذلك بغية تجنيبهم عناء التنقل ومصاريفه، وضمان السرعة والفعالية في معالجة هذه الشكايات، وتعكس الأرقام والمعطيات الإحصائية الإقبال الهام على الشكاية الإلكترونية بحيث بلغ مجموعها منذ بدء العمل بها في سابع فبراير 2020 ما يفوق 28000 شكاية إلكترونية، علما أنها قدمت خدمة كبيرة أثناء فترة الحجر الصحي وما صاحبها من قيود على التنقل سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
وأضاف رئيس النيابة العامة، أن ورش تطوير الشكايات كمدخل للولوج الى العدالة لا يزال مستمرا إلى الآن، حيث يتم الاشتغال على تطوير الربط المعلوماتي بين رئاسة النيابة العامة والنيابات العامة بمحاكم المملكة في تلقي ومعالجة الشكايات الإلكترونية، وذلك في أفق إرساء نفس أسلوب التواصل مع باقي أجهزة إنفاذ القانون، على مستوى الشرطة القضائية.
وذكر أن رئاسة النيابة العامة تشتغل على إعداد دليل مرجعي حول المعايير الدولية والوطنية لتلقي ومعالجة وتدبير الشكايات سيكون متاحا خلال الأشهر المقبلة، بهدف خدمة المواطنين وتكريسا للحق في الولوج إلى العدالة.
وفي السياق ذاته، أشار الداكي إلى أن رئاسة النيابة العامة تسعى من خلال تنظيمها لندوة “الولوج للعدالة والمساعدة القانونية”، لبلوغ نتائج إيجابية ومرضية على مستوى تطوير أداء النيابات العامة في مجال تدبير ومعالجة الشكايات، وذلك عبر تسليط الضوء على الاهتمام الكبير الذي توليه لشكايات المواطنين وتظلماتهم، وتكريس اعتبارها من أولوياتها في تنفيذ السياسة الجنائية، وتحسيس مسؤولي وقضاة النيابة العامة بأهمية تدبير ومعالجة الشكايات كمدخل رئيسي لخدمات العدالة الجنائية، وكذا إلى نقل تجربة مؤسسة رئاسة النيابة العامة طيلة الخمس سنوات الفارطة في استقبال ومعالجة الشكايات، والتواصل مع المرتفقين إلى النيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة، وذلك باعتماد مكاتب الواجهة، وتكليف الأطر القضائية والإدارية ذات المؤهلات الخاصة بتلقي ودراسة الشكايات، واعتماد الوسائل الإلكترونية في تلقيها وإشعار المرتفقين بمآلها. وفي هذا الصدد، عبر الداكي عن أمله في أن تتمكن رئاسة النيابة العامة في تجهيز النيابات العامة لدى المحاكم بالوسائل التقنية والمعلوماتية المناسبة والمتطورة للتدبير الإلكتروني للشكايات سواء مع المشتكين أو مصالح الشرطة القضائية ومع رئاسة النيابة العامة أيضا.
من جانب آخر، قال إن رئاسة النيابة العامة، ومنذ شروعها في مزاولة اختصاصاتها الدستورية والقانونية بتاريخ 7 أكتوبر 2017، أولت عناية خاصة لتعزيز حقوق المشتكين والتواصل معهم، وتحسين ظروف استقبالهم والحرص على قضاء أغراضهم القانونية في ظروف تكفل لهم الفعالية والنجاعة، وذلك استجابة لما جاء في الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، وجاء فيه “… إن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات، هو خدمة المواطن، وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا.” كما دعا فيه إلى “أن الصعوبات التي تواجه المواطن في علاقته بالإدارة كثيرة ومتعددة تبتدئ من الاستقبال مرورا بالتواصل إلى معالجة الملفات والوثائق، بحيث أصبحت ترتبط في ذهنه بمسار المحارب”.