
مصطفى قسيوي //
استخفت وسائل الإعلام الإسبانية من تداعيات قرار الجزائر تعليق “معاهدة الصداقة وحسن الجوار”، الذي اعتبرته محدود الأثر، كون المغرب أقوى شريك لمدريد بالمنطقة المتوسطية.
وفي هذا الإطار، قالت جريدة “إل موندو”، إن “المغرب هو الشريك التجاري الأول لمدريد في المنطقة المتوسطية، وأن قرار الجزائر بخصوص تعليق اتفاقية حسن الجوار مع مدريد من طرف واحد محدود الأثر”، حيث أرجعت ذلك لحجم الصادرات الإسبانية نحو الجزائر التي تقدر بـ 0.7 في المائة، من حجم الصادرات الإسبانية لدول العالم، فيما لا تتجاوز الواردات التجارية الإسبانية من الجزائر 2 مليار أورو سنويا”.
واعتبرت الجريدة الإسبانية المذكورة في تقرير لها، أن المغرب هو الشريك التجاري الأكثر أهمية لإسبانيا رغم أنه بلد غير مصدر للغاز، مقارنة بالجزائر التي يبقى حجم التبادل التجاري معها دون المتوسط “رغم أنها بلد مصدر للغاز والبترول”.
وذكر تقرير الجريدة الإسبانية، أن حجم التبادل التجاري بين المغرب وإسبانيا يقدر بـ 4.17 مليار دولار، حيث تحتل إسبانيا الرتبة الأولى من بين دول الاتحاد الأوروبي من حيث الصادرات إلى المغرب، والتي بلغت في 2021 حوالي 8.8 مليارات دولار، فيما بلغت واردات المغرب من إسبانيا 8.8 مليارات دولار.
من جهتها، ذكرت القناة السادسة الإسبانية بأن المصالح التجارية الكبرى لإسبانيا هي مع المغرب وليست مع الجزائر.
وأوردت القناة في تقارير إخبارية بأن الفرق كبير وشاسع بين المعاملات التجارية المغربية المتقدمة ونظيرتها الجزائرية المحدودة، معززة أخبارها بإحصائيات وأرقام رسمية تثبت تفوق ميزان التبادل التجاري بين المغرب وإسبانيا على المعاملات الجزائرية.
وفي السياق ذاته، وجهت بروكسيل ومعها مدريد أصابع الاتهام إلى روسيا في الوقوف وراء القرار الجزائري الطائش، الذي اعتقدت من خلاله أنه ورقة ضغط على حكومة مدريد التي أدارت الظهر للانفصاليين واعترفت بمغربية الصحراء.
وحسب جريدة “إلباييس” الإسبانية، فإن بروكسيل تعتبر روسيا مسؤولة بشكل أو بآخر عما ستؤول إليه العلاقة بين الجزائر ومدريد، حيث أوضحت الجريدة استنادا إلى مصادرها أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لعب دورا في القضية، عندما زار الجزائر بتاريخ 10 ماي الماضي، حيث لوحظ، مؤخرا، وجود اهتمام ملحوظ بالمستوى الاستراتيجي للتنسيق الروسي- الجزائري في مختلف القضايا، ومنها إعادة تحريك نزاع الصحراء المغربية المفتعل.
وأضاف المصدر الإعلامي الإسباني الموثوق، أن الاتحاد الأوروبي يعتبر أن روسيا تسعى إلى التشويش وخلق الأزمات داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما يتجلى، وفق “إلباييس”، في تخطيط موسكو لدفع الجزائر إلى توظيف ورقة الغاز، سواء من أجل خلق توتر في إسبانيا، أو التسبب في توتر بين روما ومدريد، خاصة بعد زيارة الرئيس الجزائري إلى إيطاليا قبل أسبوعين.
ما أوردته جريدة “إلباييس”، أكدته وزيرة الاقتصاد الإسبانية، ناديا كالبينو، أول أمس الإثنين، حيث اعتبرت قرار الجزائر تعليق معاهدة صداقة ثنائية مع بلادها الأسبوع الماضي مفاجئا بسبب انحيازها بشكل متزايد إلى روسيا.
وقالت المسؤولة الحكومية الإسبانية، إنها لاحظت “تقاربا متزايدا بين الجزائر وروسيا في اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي قبل أسابيع قليلة”، مشيرة في تصريح صحفي إلى “أن الجزائر أصبحت منحازة أكثر وأكثر لروسيا، لذلك فإن قرار تعليق المعاهدة لم يفاجئني”.
وسبق للاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية أن حذرا السلطات الجزائرية من تداعيات القيود التجارية المفروضة على إسبانيا، والتهديد بإجراءات “عقابية” في حال ما لم تتم تسوية الخلاف، حيث قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” ونائب رئيسة المفوضية المسؤول عن التجارة “فالديس دومبروفسكيس”، أن هذا القرار “مقلق للغاية،” مؤكدين على أن الاتحاد الأوروبي “مستعد لمعارضة أي نوع من الإجراءات القسرية المطبقة على دولة عضو، لأن مؤسسات الاتحاد هي المسؤولة حصرا عن قضايا التجارة، حيث أوضح المسؤولان الأوروبيان بعد اجتماع في بروكسيل مع وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، أن القرار الجزائري “من شأنه أن يؤدي إلى معاملة تمييزية لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي ويضر بممارسة حقوق الاتحاد بموجب الاتفاقية” .