مجتمع

الدار البيضاء.. التعاضدية العامة للتربية الوطنية بين الماضي والحاضر

الطيب الشارف //
قطعت التعاضدية العامة للتربية الوطنية مع الممارسات السابقة، والتي ظلت لعقود دون أن تهب عليها رياح التغيير ، تلك الممارسات التي عاينها المتتبعون والمنخرطون بهذه الهياة، والتي عرفت سيطرة محكمة من طرف من كانوا يسيرون دواليبها، والذين كانوا الى عهد قريب يضربون عرض الحائط بالقانون النظم للتعاضد(1963)،بمثابة الظهير الشريف الذي اعطى من خلال نصوصه دفعة قوية لهذا المجال الحيوي والذي يغطي مصاريف وتكاليف العلاجات المختلفة لفئات عريضة من نساء ورجال التعليم وذوي حقوقهم.
فقد كان التأجيل يطال الجموع العامة لسنوات، بل كانت تمرر في سرية تامة ، ودون علم المنخرطين الذين يشكلون الكتلة الناخبة من اجل اختيار من يمثلونهم داخل أجهزة هذه التعاضدية ،من مندوبين ومتصرفين.
فقد كان المسيرون السابقون، يعمدون الى انتقاء المناديب عبر الهاتف فقط ، في الوقت الذي ينص فيه الظهير الشريف المذكور على احترام اجال الانتخابات ، والاعلان عنها في وقتها، وشروط الترشح لهياكلها في مختلف وسائل الإعلام ، المساهمة خصوصا في الصحافة المكتوبة، حتى يتسنى لكافة المنخرطين المشاركة بكثافة تحقيقا للمساواة، وضمانا للشفافية والوضوح ، والديمقراطية.
كل ذلك أثر على مسار هذه الهيئة الاجتماعية، وجعلها تقدم خدمات على المقاس،
مع انتشار مستخدمين اشباح بالإضافة إلى أن عملية تصفية الملفات ، وارجاع مصاريف العلاج والاستشفاء فكان شعار المرحلة السابقة هو: “ادفع واتسنى” حيث تطول مدة ارجاع تلك المصاريف، وهو ما اثر على المنتسبين لهذه التعاضدية وذوي حقوقهم، ناهيك عن انعدام عملية التواصل، ومعرفة ما يروج داخل التعاضدية على اعتبار أن المنخرطين هم القاعدة الصلبة لكل هياكلها.
هذه الوضعية التي اسالت الكثير من المداد، حركت ذوي الإرادات الحسنة لوضع حد لهذه المرحلة التي كان يسودها سوء التدبير، وينقصها الابتكار، واتسمت بالضبابية في كل المعاملات لتوريد الخدمات لفائدة المنخرطين (عيادات الاسنان ،المصالح الخارجية لاستقبال المنخرطين في ظروف جيدة، وغيرها، كل ذلك جعلت رياح التغيير تهب على هذه التعاضدية العامة للتربية الوطنية ،خلال الجمع العام 49 ،والمنعقد أيام 4 و 7 يوليوز 2013 الذي عرف انتخاب رئيس جديد يحمل شعار التغبير ، لينطلق ورش الاصلاح لصالح نساء ورجال التعليم، فكانت مسؤولية تطهير مالية التعاضدية ،لأنها هي محور كل تغيير ، والقطع مع الممارسات السلبية السابقة ، اذ شرع الرئيس الجديد بمعية اعضاء المكتب التنفيذي للتعاضدية، والمجلس الاداري طبعا ، في حصر لائحة المستخدمين الأشباح ،الذين كانوا يستنزفون مالية هذه الهياة بدون حسيب او رقيب ، حفاظا على اموال المتعاضدين وذوي حقوقهم.

وبمجهودات الرئيس وأعضاء المكتب والمحلي الاداري والمناديب الذين تم انتخابهم بطرق ديمقراطية طبقا للشكليات التي حددها الظهير الشريف المنظم للتعاضد تم تطهير التعاضدية من كل المخلفات السلبية السابقة، حيث أصبح البحث عن حكامة وتدبير جيدين لمالية التعاضدية والتي تصب جميعها في صلب اهتمامات كل المتدخلين بالتعاضدية، وتم الانكباب على حل مشاكل المتعاضدين والانصات اليهم عبر مناديب التعاضدية المنتخبين والذين لم يدخروا جهدا في اسماع صوت من يمثلونهم لدى المصالح المركزية على المستوى الوطني.
وهكذا اصبحت ملفات المرض تعالج في زمن قياسي تعالج في لا يتعدى 72 ساعة ، في انتظار صرفها، كما كانت فلسفة خلق مكاتب الاتصال وليدة القيادة الجديدة والشابة والتي آلت على نفسها خدمة المتعاضدين، وذوي حقوقهم ، وتم الشروع في فتح مكاتب الاتصال التي تجاوز عددها خمسون مكتبا، غطت أرجاء المملكة تلبية لطلبات المناديب. كما أن الاهتمام بالجانب الاجتماعي لبعض الفئات من نساء ورجال التعليم، اصبح قضية أولى من خلال السهر على حالات خاصة لدوي الاحتياجات، أوالذين يعيشون ضائقة مالية لبعض الفئات حيث أعطى تعليماته من أجل المساعدة في كل ما يرتبط بالحالة الصحية لهم.
كما أن الجموع العامة، أصبحت تعقد في وقتها وفق رؤية استباقية  لقضايا المنخرطين من أجل معالجة الملفات العالقة والبحث عن شراكات واتفاقيات مع المصحات الخاصة  للتخفيف من مصاريف التطبيب والعلاج، وهو ما شكل هاجسا لرئيس التعاضدية بكل مكوناتها لحماية المنخرطين من جشع المصحات الخاصة.

أما الجانب المالي للتعاضدية  فالدراسة الإكتوارية الأخيرة لمالية التعاضدية التي قام بها مكتب الخبرة أكدت على وجود فائض في مالية التعاضدية  يلبي كل حاجيات منخرطيها، كل ذلك يدخل في باب تفعيل التوجهات الإستراتيجية التي حدد معالمها الجمع العام ال 49 الذي شكل مناسبة مهمة في مسار التعاضدية العامة للتربية الوطنية ومنعطفا جديدا سيخرج التعاضدية من برك الوحل والظلام إلى بر الأمان والنور ،حيث كانت الضرورة ملحة إلى تبني مشروع عصرنة و تحديث التعاضدية باعتباره إحدى الركائز الأساسية في تقوية التعاضدية لكسب رهان تجويد الخدمات وربح رهان التنافسية، و تقوية التواصل مع المنخرطين على مستوى ربوع المملكة فضلا على توحيد الجهود ، والتنسيق بين كافة المكونات التعاضدية باعتبار التعاضد دعامة مهمة في ثقافة التضامن والتآزر ، ونظاما مؤسسا للنظام التغطية الصحية الإجبارية و التكميلية ، ويعبر عن تطلعات جديدة تجعل منه فاعلا رئيسيا في الإسهام في مجال الحماية الاجتماعية التي اطلقها قائد البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده.
كل هذا يؤكد على أن رسالة التعاضد تبقى في عمقها مشروعا اجتماعيا وإنسانيا حيا، يحتاج إلى تكثيف الجهود  وينأى عن كل انتقاد لا يرتكز على أسس موضوعية ورصينة،علما بأن أبواب  مؤسسات التعاضدية مفتوحة أمام الجميع، لتحقق النتائج الجيدة والمبتغاة ويؤكد على أن التعاضدية العامة للتربية الوطنية ماضية في محو ذلك الماضي الذي دام لعدة عقود دون تغيير يذكر ، وذلك من خلال الشفافية والوضوح في كل شيء،والأهم هو تقديم الافضل للمنخرطين لأنهم جوهر التعاضد،وقاعدته الصلبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق