مجتمع

المحروقات.. خيار العودة للدعم عبر “المقاصة” لن يكون من أجندة الحكومة !!

الرباط- عبد الحق العضيمي //

قال فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أول أمس الاثنين بمجلس النواب، إن “اللجوء إلى صندوق المقاصة للحفاظ على استقرار شامل للأسعار، يتطلب جهدا ماليا يبلغ 74 مليار درهم أي باعتمادات مالية إضافية تناهز 60 مليار درهم، مقارنة مع توقعات قانون المالية”.
ونبه لقجع ضمن جوابه على أسئلة شفوية حول “انعكاسات الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني”، إلى أن اللجوء إلى هذا الخيار “يفرض إلغاء الاستثمارات العمومية للدولة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقطاعات ذات الأولوية من قبيل الصحة والتعليم، وما لذلك من أثر على الدينامية الاقتصادية الوطنية”.
لقجع، توقف عند خيار ثان يهم تقليص الضرائب على المواد البترولية، والتي يبلغ مستوى مداخيلها السنوية المتوسطة ما مجموعه 26 مليار درهم، موضحا أن تبنيه “سيؤثر سلبا على التوازنات الميزانياتية”، وتابع مخاطبا البرلمانيين “اسمحوا لي أن أقول لكم بأننا في ظل هذا الخيار أمام معادلة صعبة ومعقدة، يستعصي حلها”.
وزاد قائلا: “فمن جهة تطالبون الحكومة بتنفيذ الاستثمارات العمومية المبرمجة في الصحة والتعليم والبنيات التحتية. ومن جهة ثانية، تطلبون منها تقليص المديونية. ومن جهة ثالثة، تقليص الضرائب على المواد البترولية. ومن جهة رابعة، تحمل الارتفاع الكبير في نفقات المقاصة. ومن جهة خامسة، تعبئة الموارد المالية لمواجهة آثار الجفاف وإنعاش قطاع السياحة، ودعم قطاع النقل، وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، اسمحوا لي هذه معادلة متعددة المجاهيل يستعصي حلها”، ليضيف “من لديه الحل فالحكومة كلها آذان صاغية”.
وبالنسبة للحكومة، يورد لقجع، فإن هناك خيار ثالث، وصفه المسؤول الحكومي بـ”الاختيار الأمثل”، ويرتكز على استثمار كافة الهوامش المالية المتاحة، وذلك للحد من ارتفاع الأسعار في إطار متوازن لا يضر بالمصالح العليا للوطن وللمواطنين، آنيا ومستقبلا.
وأبرز أن النتائج المحصل عليها في ظل هذا الخيار “تؤكد نجاعته خاصة ما يتعلق بحصر نسبة التضخم في أقل مستوى ممكن، أي 4 في المائة مقارنة مع بلدان ذات إمكانيات اقتصادية كبيرة أو بلدان تنتمي لنفس المنطقة الجغرافية”، يوضح لقجع، الذي أضاف قائلا: “هاذ الشي ما جاش بالصدفة، بل جا بسياسة إرادية قوية استلزمت قرارات صعبة بحسابات دقيقة. استلزمت منا الموازنة بين مجهود مالي كبير لدعم المواد الأساسية والقطاعات المتضررة، وبين الحفاظ في الوقت نفسه على المجهود التنموي النابع من رؤية ملكية شاملة ذات أبعاد استراتيجية ومن التزامات الحكومة في إطار النموذج التنموي”.
ورفض المسؤول الحكومي بشدة “وضع كل القدرات المالية للدولة لحل وضعية طارئة على حساب مصلحة كافة المغاربة في التنمية، وفي إنجاز الأوراش والمشاريع الكبرى، التي ينتظر منها تحسين حياة المغاربة على مختلف الأصعدة”.
واسترسل متسائلا “واش ممكن نتخلاو على ورش التغطية الاجتماعية وعلى الصحة والتعليم ودعم المقاولة للحفاظ على مناصب الشغل باش ندعمو مواطنين فالثمن ديال ليصانص والمازوط؟ واش معقول أن الأغلبية ديال المواطنين اللي ما كيملكوش سيارات يضيعو فحقهم فالتنمية مقابل استفادة الأقلية من مالكي السيارات الشخصية؟”.
وعرج المتحدث ذاته، على الحديث عن مظاهر انعكاس ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أنه في ظل حالة اللايقين على المستوى العالمي يستحيل التكهن بما ستؤول إليه أسعار المواد الطاقية.
وبلغة الأرقام، كشف لقجع أن سعر شحن القمح اللين بين الاتحاد الأوربي والمغرب، سجل ارتفاعا مهما بلغ متوسطه 27 دولارا للطن بالنسبة للفترة الممتدة من يناير إلى أبريل 2022 أي بارتفاع بلغ 22 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2021.
وأورد أن تكلفة القمح اللين الموجه للمطحنة الصناعية بلغت ما يناهز 483 درهما للقنطار، مقابل السعر المستهدف والمقدر بـ 260 درهما للقنطار، وهو ما يمثل زيادة بـ 223 درهما للقنطار.
كما عرفت أسعار شحن المواد الطاقية، يضيف الوزير المنتدب، ارتفاعا صاحب الزيادة المسجلة في أسواق النفط والغاز الطبيعي.
وفي هذا الإطار، لفت لقجع إلى أن تكلفة نقل طن واحد من غاز البوتان في الحاملات الكبيرة جدا، التي تعتمد التبريد كطريقة للنقل، من الولايات المتحدة الأمريكية إلى المغرب، تأرجحت بين 39 و73 دولارا خلال الفترة الممتدة بين يناير و11 ماي 2022 لتسجل متوسطا قدره 53 دولارا للطن، أي بزيادة تقارب 11 في المائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021 .
من جهة أخرى، سجلت أسعار نقل غاز البوتان المسال داخل القارة الأوربية ارتفاعات حادة خلال سنة 2022 تأرجحت بين 32 في المائة و 53 في المائة ليفرز ذلك ضغطا على تكلفة نقل غاز البوتان من أوروبا إلى المغرب، حيث تجاوز هذا الارتفاع 20 في المائة، يقول الوزير، الذي لفت إلى أن تكلفة المواد البترولية عرفت بدورها منحى تصاعديا، خلال الفترة الممتدة من يناير إلى 11 ماي 2022 .
وتابع أن سعر برميل النفط الخام تأرجح بين 80 و133 دولارا، أي بمتوسط 101 دولار للبرميل وذلك بارتفاع قدره 42 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، مشيرا إلى أن سعر الغازوال اليوم، بلغ 1128 دولارا للطن، مقابل 1224 دولارا للطن بالنسبة للبنزين.
وأكد الوزير أن هذا الوضع أدى إلى ارتفاع ثمن الغازوال في المغرب بنسبة 30 في المائة بين فبراير وماي 2022، في حين ارتفع ثمن الغازوال في الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة بنسبة 46 في المائة في نفس الفترة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق