مجتمع

الوسيط يوصي بالرفع من مستوى الاستثمار في الصحة

حليمة المزروعي

أوصى الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، في تقريره حول رصد وتقييم السياسة الصحية بالمغرب، خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين 2012-2016، و2017-2021، بضرورة الرفع من مستوى الاستثمار في الصحة وتمويل المنظومة الصحية، وتعبئة الاستثمارات وموارد تمويلها باتجاه الانتقال من منظومة للصحة العلاجية إلى منظومة للصحة الوقائية والاستثمار الأمثل فيها.

وطالب الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، في الشق المتعلق بتمويل قطاع الصحة، ضمن تقريره الذي شمل مجموعة من الجوانب المتعلقة بالقطاع، بضرورة اعتماد نظام للتمويل العمومي للصحة يقوم على تنويع مصادر التدفقات المالية، وعلى الابتكار في تعبئة الموارد وكيفيات استعمالها وقواعد توزيعها، وزيادة الإنفاق العام على الصحة، وذلك بالرفع من ميزانيتها لتصل إلى 10 في المائة على الأقل من الميزانية العامة.

واعتبر التقرير المذكور، أن تحقيق التمويل الكافي والمستدام، وتقليص نسبة الإنفاق من الدخل الشخصي على الصحة، يظل أحد أهم التحديات التي تجابه النظم الصحية، خصوصا في البلدان ذات الدخل المتوسط مثل المغرب، مؤكدا على تقييم فعالية التمويل العمومي في المجال والإشكالات المرتبطة به، من خلال مقاربة المعطيات المتعلقة بمؤشرات نسب الإنفاق العمومي حسب مصادر التمويل، وفعالية نفقات الاستثمار العمومي من خلال المقارنة بين عنصري الاستثمار والتسيير ضمن بنية نفقات وزارة الصحة.

وجرى التوقف، حسب التقرير، عند مؤشرات النتائج لقياس أثر منظومة التمويل الصحي، وذلك من خلال مؤشري نسبة الأسر والأفراد المشمولين بأحد أنظمة التأمين الصحي ووضعية الإنفاق الصحي الكارثي، حيث قدرت وزارة الصحة أن 2 في المائة من العائلات تجد نفسها أمام كارثة مالية، وما يناهز 1,4 في المائة من الأسر تنحدر إلى عتبة الفقر بسبب النفقات المباشرة من أجل العلاج.

 ولاحظ التقرير، أن الميزانية العامة والميزانية المخصصة لوزارة الصحة،  خلال 2017 و2021، انتقلت من 14.294.72.000 درهما سنة 2017 إلى 19.774.145.000 درهما سنة 2021، وهو ما يشكل متوسط معدل تغير سنوي بنسبة ارتفاع بلغت 7,66 في المائة، مشيرا إلى أن نصيب الفرد من إجمالي نفقات وزارة الصحة لا يتعدى 561 درهما.

وسجلت الاعتمادات المفتوحة الخاصة بميزانية التسيير، حسب التقرير، ارتفاعا من 11.894.752.000 درهما سنة 2017، إلى 15.574.145.000 درهما سنة 2021، بمتوسط معدل نمو سنوي يساوي 6,19، في حين ارتفعت تلك الخاصة بميزانية الاستثمار إلى 4.200.000.000 درهم، بعد أن كانت سنة 2017 تبلغ 2.400.000.000 درهم، بمتوسط معدل نمو سنوي يساوي 15 في المائة.

وكشف الوسيط، أن  نفقات التسيير، احتكرت حوالي 79 في المائة من إجمالي نفقات ميزانية وزارة الصحة، مبرزا أن حوالي 67 في المائة من ميزانية التسيير، تعود للنفقات الخاصة بأجور الموظفين والأعوان، وهو ما يؤشر على المفارقة بين ارتفاع نفقات الموارد البشرية على مستوى الميزانية وما يصاحبه من نقص في التأطير الطبي وشبه الطبي على مستوى الممارسة الصحية.

ويؤشر ارتفاع نفقات التسيير، حسب التقرير، على وضعية ركود في فعالية الإنفاق الصحي، حيث لا تتجاوز ميزانية الاستثمار 21 في المائة بما يعنيه ذلك من ضعف الأداء الاستثماري لوزارة الصحة وما ينتج عن ذلك من بطء في التعاطي مع مشاكل القطاع على مستوى توفير الخدمات الصحية وتجويدها.

وأشار التقرير ذاته إلى أن التمويل العمومي في مجال الصحة بالمغرب يقوم على نظام مختلط ومتعدد المصادر، فبالإضافة إلى الأموال المُعبَّأة في إطار الميزانية القطاعية للوزارة، هناك مصادر أخرى تتمثل في نفقات المؤسسات العمومية كالوكالة الوطنية للتأمين الصحي والمراكز الاستشفائية الجامعية، ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والتابعة للقطاع كالمراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية، والمخصصات من الميزانية العامة أيضا للحسابات والصناديق المرصدة لأمور ذات خصوصية، كالحساب الخاص بالصيدلية المركزية، وصندوق دعم التماسك الاجتماعي، وصندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية…

 وتوقف التقرير عند التدفقات المالية في قطاع الصحة، والجهات التي ساهمت في تمويله برسم سنة 2017، حيث بلغت النفقات المخصصة للقطاع من طرف مختلف المساهمين والقطاعات، حسب الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، إجمالي يناهز 60 مليار درهم، وهي تمثل حوالي 5,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

وسجل التقرير، استنادا إلى معطيات الإنفاق الصحي، حسب مصادر التمويل لسنة 2017، أن الأسر ما تزال تتحمل المساهمة الكبرى من بين بقية المساهمين في تمويل المنظومة الصحية، إذ تصل مساهمتها إلى 48,49 في المائة، وهي تحملات تفوق بكثير مستوى إنفاق الدولة بما يزيد عن ثلاث مرات.

وبلغت نسبة الأشخاص المشمولين بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض عام 2018، حسب مضامين التقرير، ما يفوق 10 ملايين شخص، حيث بلغ عدد الأشخاص المستفيدين من نظام المساعدة الطبية إلى حدود عام 2016 أيضا أكثر من 10 ملايين شخص، أي أزيد من 4 ملايين أسرة، ينتمي 48 في المائة منهم إلى الوسط القروي، و53 في المائة منهم إناث، ويشكل الأشخاص في وضعية الفقر غالبيتهم بنسبة 88 في المائة.

وتابع التقرير، “حتى سنة 2018، وصل العدد الإجمالي للمؤمَّنين 24,4 مليون شخص، وهو ما يعني أن حوالي 31 في المائة من السكان لا يستفيدون من التأمين الصحي، وحتى بالنسبة للمستفيدين تبقى مشكلة ارتفاع نسبة الباقي على عاتق المؤمَّن لهم من تكاليف العلاج (32 في المائة بالقطاع العام و40 في المائة بالقطاع الخاص) تحد من فعالية أنظمة التأمين وتعيق الولوج المنصف إلى الخدمات العلاجية.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق