الرباط- عبد الحق العضيمي //
“يا ريت أنه نلقو شي واحد لي يشري لاسامير ويشلغها.. يا ريت”، بهذه العبارة رد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، على الانتقادات التي وجهت له من طرف فرق المعارضة بمجلس النواب، بشأن استمرار تعطيل نشاط مصفاة “سامير”، وعدم تدخل الحكومة لاستئناف الإنتاج والتخزين بهذه المصفاة، المتواجدة بمدينة المحمدية، والمتوقفة عن العمل منذ سنة 2015.
وقال أخنوش خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، أول أمس الاثنين، إن “الدولة لم توقف تشغيل شركة التكرير “سامير”، وأضاف “بل لديها إشكالية قانونية مع مالكها بردهات المحاكم الدولية”، في إشارة منه إلى الملياردير السعودي محمد حسين العمودي.
أخنوش، لم يفوت فرصة التعقيب على مداخلات الفرق والمجموعة النيابية عقب جوابه على سؤال محوري حول “التداعيات الدولية على الأسعار” أمام البرلمان دون أن يرد على اتهامات عبد الله بوانو، رئيس مجموعة العدالة والتنمية لشركات المحروقات بتحقيق أرباح “خيالية” وصلت إلى 17 مليار درهم بعد تحرير الأسعار قبل سنوات، مؤكدا أن “كل ما يروج بشأن هذا الموضوع مجرد كذب”، ثم أضاف “هناك أمور لا تستحق أن يرد عليها، كونها تحولت إلى أسطوانة يجري ترديدها منذ سنوات، لكن نتائج الانتخابات كشفت كل شيء”.
وتابع أخنوش مخاطبا بوانو “تغالطون المغاربة، أو لديكم خلل ما، لكن، إذا كان هدفكم من وراء ذلك هو إرجاع المحروقات إلى صندوق المقاصة، وزيادة تكاليفه بـ 3 ملايير درهم، بعدما كنتم قد أخرجتم هذه المادة من هذا الصندوق، فعليك أن تستشير رئيسك أولا، وبعدها عد إلي لنتحدث في الموضوع”، ليضيف متهكما “لا أعتقد أن رئيسك السي بوانو غادي يبغي”، في إشارة منه إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة الأسبق، الذي كان من أشد المدافعين عن إلغاء الدعم العمومي على المحروقات.
وتسبب جواب أخنوش في اشعال ملاسنات بين نواب “البيجيدي” ونواب التجمع الوطني للأحرار، تم خلالها تبادل الاتهامات، وهي “الجلبة” التي استمرت لثلاثة دقائق، الأمر الذي حول الجلسة إلى ما يشبه “حلبة ملاكمة” وفق تعبير أخنوش، الذي خاطب أحد نواب مجموعة “البيجيدي” بقوله “اتق الله راك صايم”.
انتقادات أخنوش “لإخوان بوانو” لم تتوقف عند هذا الحد، بل تعدت ذلك إلى اتهام حزبهم الذي قاد الحكومة لـ10 سنوات بإخفاء معطيات حول انتهاء عقد تزويد المغرب بالغاز الجزائري، وقال رئيس الحكومة إن “هذا الحزب الذي يتحدث اليوم على السيادة الطاقية، هو نفسه الذي تركنا حتى آخر لحظة ليعلن أن عقد الغاز مع الجزائر انتهى”، ليتساءل “واش هادي مسؤولية؟”.
أخنوش، الذي تحرر من هدوئه المعتاد، واصل قصفه للعدالة والتنمية بتحميله مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وقال “ليسمحو لي، فهذا الحزب هو من رفع جميع الأسعار، وهو من اتخذ القرار بتحرير قطاع المحروقات، وعلى مدى 10 سنوات من تدبيره للشأن العام لم يستطع توفير مخزون استراتيجي للمحروقات”.
وبعدما شدد على أن المغاربة يتابعون كل صغيرة وكبيرة، ويعرفون كل شيء وليسوا في حاجة لمن يكذب عليهم، نبه رئيس الحكومة إلى أن “الشعب المغربي يحتاج إلى من يطمئنه على اقتصاد البلاد، ويريد أن يعرف أن المسؤولين الذي وضع فيهم ثقته واخذين طريقهم الصحيح لحل الأزمة”.
من جانب آخر، أكد أخنوش، أن المغرب “كسائر دول العالم، يجتاز مرحلة من اللايقين الاقتصادي، ومن الصدمات المتتالية التي يمكن أن تفند كل الفرضيات”.
وأبرز أن الحكومة عملت منذ اندلاع الأزمة الروسية- الأوكرانية، وقبلها أثناء مواجهة تداعيات “كوفيد 19” على اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات وتدابير عمومية مستعجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وضمان تزويد الأسواق بكل المواد الغذائية والأساسية، “رغم أن الظروف الخارجية المفاجئة والتحولات المناخية غير المستقرة، أربكت الفرضيات التي اعتمدها القانون المالي المبنية على توقع نسبة نمو 3.2 في المائة، وهي فرضيات كانت تتماشى مع التوقعات العالمية لشهر أكتوبر 2021 وكانت مواتية للاقتصاد الوطني”.
وتابع أنه “وفي ظل الوضعية المضطربة التي نعيشها وما رافقها من توترات تضخمية، خصوصا فيما يتعلق بأسعار المواد الطاقية والغذائية، أعطت الحكومة أولوية قصوى لتتبع كل التطورات المتعلقة بالأسعار واتخذت مجموعة من التدابير لضمان استقرارها حفاظا على القدرة الشرائية للأسر المغربية”.
وزاد أنه “أمام كل هذه التحديات، تجاوبت الحكومة من خلال تعبئة موارد مالية استثنائية، وتصويب اختياراتها الميزاناتية بدقة واستباقية وفعالية”، مشيرا إلى أن مخصصات صندوق المقاصة بلغت 21,1 مليار درهم متم سنة 2021 مقابل توقعات كانت في حدود 12,5 مليار درهم نفس السنة”، متوقعا أن ترتفع تحملات صندوق المقاصة بما يفوق 15 مليار درهم إضافية، مقارنة بتوقعات قانون مالية سنة 2022، التي كانت قد حددتها في 17 مليار درهم.
من جهة أخرى، أكد أخنوش، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الظرفية الحالية كان لها وقع إيجابي على القدرة الشرائية للمواطنين، وحالت دون وقوع صدمات على مستوى الأسعار، مضيفا أنه “لولا منظومة الدعم والإجراءات ذات الطابع الاجتماعي التي اتخذتها الحكومة بتوجيهات ملكية سامية فإن واقع الأسعار كان سيتخذ منحنيات رهيبة”.
وفي هذا الصدد، استعرض أخنوش جانبا من البرامج الاجتماعية والتنموية، في مقدمتها “أوراش”، و”فرصة”، وتفعيل مشروع السجل الاجتماعي، فضلا عن تخصيص حوالي 8 مليارات درهم كزيادة في كتلة الأجور، لأداء متأخرات ترقية الموظفين بعد سنتين من التجميد، وتسوية وضعية عدد من الموظفين، وضخ 13 مليار درهم في الاقتصاد الوطني لأداء مستحقات المقاولات من الضريبة على القيمة المضافة.
كما عملت الحكومة، يضيف أخنوش، على مواكبة القطاعات المتضررة من الأزمة الحالية من خلال “تخصيص 2 مليار درهم لإنعاش القطاع السياحي، وتنفيذ المخطط الاستعجالي لمواجهة آثار ضعف التساقطات، بتخصيص غلاف مالي يناهز 10 مليارات درهم لدعم القطاع الفلاحي أمام التداعيات المناخية التي طبعت الموسم الفلاحي الحالي”.
وارتباطا بالحوار الاجتماعي، أفاد أخنوش بأن “إرساء دعائم حوار اجتماعي حقيقي بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين يعتبر الوسيلة الأسلم والطريقة المثلى من أجل تقليص منسوب التأثيرات السلبية وتحسين المناخ الاجتماعي والاقتصادي، وإيجاد حلول مبتكرة وتسوية متوازنة بين الأطراف المتدخلة”.
وشدد على أن الحكومة “عازمة على تحويل الحوار الاجتماعي إلى فضاء لصناعة الحلول، خصوصا في هذا الظرف الاستثنائي، وبلورة الخيارات الاجتماعية التي تتماشى مع الأولويات الاجتماعية”.