بالرهان على المقاربتين التحسيسية والتأديبية.. عبد النباوي يتدارك نواقص في المسطرة التأديبية
شدد المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمن المخطط الاستراتيجي للمجلس خلال الفترة 2021-2026، على تخليق القضاء، حيث أكد أن الممارسة العملية في المجال التأديبي كشفت نواقص تعتري هذه المسطرة وتحد من سرعتها وفعاليتها.
وكشف المجلس في التوجه الاستراتيجي الرابع المعنون بـ”تخليق القضاء”، أن مراجعة الإطار القانوني للمسطرة التأديبية أصبح يفرض نفسه بقوة في الأمد القريب من أجل مواكبة الدينامية التي يعرفها ورش تخليق القضاء وطابع الأولوية الذي يحظى به هذا الورش من طرف المجلس، موضحا أن ذلك سيتم من خلال أربعة إجراءات.
ويتمثل الإجراء الأول في السعي إلى مراجعة الإطار القانوني للمسطرة التأديبية المضمنة في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية “المواد من 85 إلى 100″، المتسمة حسب المجلس، بالطول والتعقيد، واضطلاع المجلس بمهام متكررة. أما الإجراء الثاني، فيتعلق بالسعي إلى مراجعة الإطار القانوني لتوقيف القضاة المتورطين في قضايا مخلة بالنزاهة والشرف، بينما يتلخص الإجراء الثالث في السعي إلى تعديل القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة لتوفير الآليات التي تمكن المجلس من إصدار قرارات بإعادة تكوين القضاة في المواد التي قد يرتكبون فيها أخطاء مهنية، بينما يتمثل الإجراء الرابع في تفعيل مسطرة تتبع ومراقبة ثروات القضاة والتصريح بممتلكاتهم.
وجاء في المخطط الاستراتيجي، الذي تتوفر “رسالة الأمة” على نسخة منه، في الشق المتعلق بتخليق القضاء، أنه “بديهي أن تهتم أول استراتيجية للمجلس بهذا المحور الذي يقوم على مقاربات متعددة المنافذ، أولها التحسيس بالأخلاقيات والتعريف بها وتعميم مدونة الأخلاقيات ونشرها بين القضاة وتدارسها على مختلف الأوجه. أما المنفذ الثاني، فيعتمد على التأطير الذي سيتم بواسطة لجنة الأخلاقيات بالمجلس بواسطة المسؤولين القضائيين لدى محاكم الاستئناف الذي يعتبرون مستشاري الأخلاقيات. أما المنفذ الثالث، فهو الدور التأديبي للمجلس الذين يتم وفقا للضمانات والمساطر المقررة في القانون التنظيمي للمجلس ورعيا للمبادئ المنصوص عليها في مدونة الأخلاقيات”.
ويعتبر المجلس، أن التشبع بالمبادئ والقيم الأخلاقية التي تضمنتها مدونة الأخلاقيات القضائية، رهين بتفعيل برنامج تحسيسي يمكن القضاة من تملك هذه المبادئ والقيم، يشرف عليه المجلس الأعلى للسلطة القضائية ويساهم في تنزيله بالإضافة إلى أجهزة المجلس، مختلف الشركاء والمتدخلين والفاعلين، وعلى رأسهم المفتشية العامة للشؤون القضائية والمعهد العالي للقضاء والمسؤولين القضائيين باعتبارهم مستشاري الأخلاقيات، والجمعيات المهنية للقضاة وفق ستة إجراءات، منها الإجراء المتعلق بجعل مدونة الأخلاقيات القضائية مادة أساسية في برنامج تكوين الملحقين القضائيين، والسعي إلى تعديل القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، بالتنصيص على إمكانية توجيه تنبيه للقاضي من طرف المجلس في حالة ارتكابه لإخلال يكفي فيه التنبيه بدل سلوك الإجراءات التأديبية.
وإضافة إلى اعتماد المجلس الأعلى للسلطة القضائية على المقاربتين التحسيسية والتأطيرية لنشر الأخلاقيات المهنية ودعم الالتزام بها، جاء في المخطط الاستراتيجي أن المجلس سيظل يباشر مهمته كسلطة تأديبية في حالة الإخلال بالالتزامات الأخلاقية للقضاة وفقا للمسطرة التأديبية المنصوص عليها في القوانين ذات الصلة، معلنا أن الهدف الرئيسي من التنصيص على هذه الإجراءات في التوجه الاستراتيجي الخاص بـ”تخليق القضاء”، كان هو التصدي لكل مظاهر الفساد الأخلاقي داخل الجسم القضائي من خلال إعمال المقتضيات المنصوص عليها قانونا، والرفع من مستوى الأخلاق القضائية بما يحفظ شرف القضاء وكرامته ومنسوب وقاره ويصون الاستقلالية والحياد والتجرد ويعزز الشفافية والنزاهة.