“نقابة الصحافة” تعدد خروقات شابت التغطية الإعلامية لفاجعة “الطفل ريان”.. وهذا ما أوصت به
الرباط- عبد الحق العضيمي //
كشف تقرير للنقابة الوطنية للصحافة المغربية عن الخروقات المهنية التي رافقت تغطية الصحف الإلكترونية لفاجعة الطفل ريان، والتي تنوعت، بحسبه بين مخالفة بنود المسؤولية المهنية والمسؤولية إزاء المجتمع.
وقالت النقابة في تقريرها الصادر أمس الجمعة، والذي يتوفر موقع “الأمة” على نسخة منه، إن “العديد من المواقع الإخبارية تناقلت بثا حيا بعناوين مختلفة تدعي الوصول إلى الطفل ريان والاقتراب من إخراجه من البئر، وهي أخبار تكررت على مدار الساعة منذ بدء فريق الإنقاذ عملية الحفر حتى لحظة الإعلان عن الوفاة، وبرزت هذه العناوين بكثافة لدى موقعي “شوف تيفي” و”آش واقع”. وأضافت النقابة أن هذا السلوك ترتب عنه “تضارب في المعلومات وخلق لبس لدى الجمهور الذي يتابع تطورات الحادثة وطنيا ودوليا”، لأنه قد جرى نقل مباشر لهذه التغطيات على العديد من القنوات الإخبارية العربية وأبرزها قناة “الجزيرة” و”العربية” و”الغد” و”العربي”.
ومن بين الخروقات أيضا، التي رصدتها النقابة، عمد موقع “الجديد نيوز” إلى نشر تسجيل على حسابه في “تويتر” بعنوان “لحظة إخراج الطفل ريان ونقله لتلقي العلاج اللازم”، فيما تبين أن الخبر زائف، وأن التسجيل قديم لا يرتبط بحادثة محاولة إنقاذ الطفل ريان، بل يعود إلى توثيق عملية إنقاذ نفذتها فرق الدفاع المدني العراقية لطفل سقط داخل بئر بعمق 35 متراً في منطقة تازة جنوبي محافظة كركوك، في 31 دجنبر 2021.
كما لفت التقرير إلى نشر موقع “سوس بلوس” الإخباري صورة يدعي أنها لفريق الإنقاذ المغربي أخذت بواسطة طائرة الدرون، وهو ادعاء غير صحيح، إذ إن الصورة قديمة وتعود إلى توثيق عملية إنقاذ طفل سقط في بئر في إدلب السورية في مارس 2021، ولا علاقة لها بعملية إنقاذ الطفل المغربي ريان نواحي شفشاون.
واعتبرت النقابة أن هذه الممارسات سالفة الذكر تتنافى مع محور “المسؤولية المهنية” من نص الميثاق الوطني لأخلاقيات الصحافة، الذي ينص على مبادئ رئيسية وهي، البحث عن الحقيقة من خلال نشر معلومات صحيحة مستقاة بطرق سليمة ومعالجة بشكل مهني، وتجنب الاختلاق والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة أو فبركة الصور أو الفيديوهات، والافتراء والتحايل على المتلقين في الصحافة والمواقع الإلكترونية، وتجنب تزوير المعطيات من خلال التزام المنابر الإعلامية بالنزاهة في الإعلان عن تغطياتها الموجهة لشركائها وللجمهور.
النقابة، اعتبرت أيضا أن تصوير عدد من المواقع الإلكترونية من قبيل “le360″ و”شوف تيفي” و”أخبارنا” و”الزنقة 20″ و”هبة بريس” و”ماروك ميديا” و”أنتلجينسا”، للطفل ريان في قاع البئر بوجهه الدامي، وفي وضعية إنسانية صعبة، “شكل ضررا بمشاعر عائلته”.
وقالت النقابة إن “هذه الممارسة تعد خرقا لمبدأ الحق في الصورة، حيث لكل شخص الحق في تملك صورته وطرق استعمالها من طرف الغير، اللهم إذا كانت الصورة المستعملة تدخل في إطار ضرورات الإخبار أو مبررة موضوعيا بمصلحة عامة، أو إذا كان المعني بالأمر شخصية عمومية، أو موافقا على التقاط صورته واستعمالها، لكن هذه الشروط لا تتحقق في حالة الطفل ريان فهو قاصر في وضعية مأساوية”.
وتابعت أن “محاورة أسرة الطفل وهم في وضعية إنسانية جد صعبة، وملاحقتهم وتصويرهم وهم في حالة من التأثر الشديد وطرح أسئلة عليهم لا تمت للمهنية الصحفية بصلة”، وهي الممارسة التي قامت بها جل المواقع الإلكترونية التي كانت في موقع الحادث، تؤكد النقابة في تقريرها، الذي اعتبر أن هذا السلوك يعد “انتهاكا لمبدأ احترام الكرامة الإنسانية المنصوص عليه بالميثاق، الذي نص على أنه “من واجب الصحافة احترام كرامة الإنسان في كل التغطيات الإخبارية نصا وصورة وصوتا، ولا يجوز استغلال لحظات الضعف الإنساني أو الإعاقة العقلية أو الجسدية لخرق مبدأ احترام الكرامة الإنسانية، كما لا يجوز نقل صور البشاعة أو العنف أو التشوهات الجسدية، ويجب تجنب التقارير التي من شأنها أن تشكل ضررا لمشاعر الضحايا أو ذويهم، وخصوصا في الحوادث والكوارث الطبيعية والجرائم والحروب”.
من بين الخروقات كذلك، تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة صدمة ووضعية نفسية صعبة، جراء التأثر بالحادث، وكذا نشر صور قاصرين عبر أشرطة مصورة بمحيط عملية الإنقاذ، بغرض الإثارة المجانية، دونما الأخذ بعين الاعتبار لوضعيتهم النفسية أو سنهم، حيث أكد التقرير أن هذه الأفعال تتنافى “بشكل قطعي مع مبدأ حماية القاصرين”.
إلى ذلك، أوصت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بتكوين الصحافيين في مجال أخلاقيات المهنة، سواء عبر إحداث تكوينات أساسية في معاهد التكوين العمومية والخاصة، أو من طرف المقاولات الإعلامية، مع تعميم ميثاق أخلاقيات المهنة على جميع الصحافيين وإنتاج دلائل مساعدة.
كما دعت المؤسسات الإعلامية إلى الالتزام الصارم بالتقيد بأخلاقيات المهنة، واضطلاع رؤساء التحرير ومدراء النشر بمسؤولياتهم في “فلترة” المعالجات الإعلامية التي لا تحترم أبجديات العمل المهني ولا تلتزم بأخلاقيات المهنة.
وطالبت النقابة المجلس الوطني للصحافة بالتدخل الحازم في تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانونه الأساسي ضد المخالفين لأخلاقيات المهنة سواء الصحافيين أو المقاولات المشغلة.