تقرير حقوقي يحذر من خطورة الاكتظاظ بالسجون وينادي بعدم الزج بالمتابعين بـ”جنح بسيطة”
الرباط- عبد الحق العضيمي //
قال تقرير لمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، إن “اكتظاظ السجون المغربية يجب أن يُناقش من زوايا كثيرة بما فيها زاوية الاعتقال الاحتياطي الذي يظل مرتبطا بالتوازن بين تحقيق السير السليم للعدالة الجنائية واحترام قرينة البراءة”.
وأضاف التقرير الذي عرضت مضامينه أول أمس، في لقاء بالرباط، والذي استند في إعداد إلى تقارير وطنية ودولية، أن” ظاهرة الاكتظاظ التي تشكل أبرز الإكراهات التي تعاني منها السجون المغربية ناتجة عن عدم التناسب بين الأعداد المهمة من المعتقلين الوافدين على المؤسسات السجنية مع الطاقة الإيوائية المحدودة لحظيرة السجون الحالية بالرغم من مشاريع البناء التي أطلقتها المندوبية العامة من أجل الرفع من طاقتها الاستيعابية”.
وتابع التقرير، أن مختلف التقارير تؤكد أن سبب الاكتظاظ في السجون المغربية يعود في جزء كبير منه إلى الاعتقال الاحتياطي، حيث يساهم هذا الأخير “إلى حد كبير في تنامي الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية”.
وأكد التقرير أنه “لا ينبغي اختزال الاكتظاظ في ارتفاع نسبة المعتقلين الاحتياطيين، بل يعود ذلك أيضا إلى النسبة الهامة للوافدين الجدد على السجون المغربية التي يتم الحكم عليهم بعقوبة بسيطة أو يتم إطلاق سراحهم بعد تبرئتهم من طرف المحاكم “.
وكشف التقرير استنادا إلى معطيات للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن عدد المعتقلين الاحتياطين لسنة 2020 بلغ 38827 سجينا بنسبة 45.70 في المائة مقابل 31840 سجينا سنة 2016، بنسبة 40.45 في المائة.
وأفاد وفقا للمندوبية أيضا، بأن ” الاعتقال الاحتياطي، الذي يشكل استثناء، ينحو إلى أن يصبح قاعدة عامة في المغرب، ببلوغ متوسط 40.04 في المائة من المعتقلين الاحتياطيين للفترة 2015 – 2019 ، حيث يتم الزج بهذه الفئة من المعتقلين في السجن قبل الأوان. وفي كثير من الأحيان، يتم الزج بها بسبب جنح بسيطة، وهو ما يفسر إلى حد كبير عدد أحكام البراءة والعقوبات بالغرامات أو الأحكام السجنية مع وقف التنفيذ”.
وفي هذا الصدد، دعا التقرير إلى تجنب هذا النوع من العقوبات القصيرة والقصيرة جدا قدر الإمكان”، وزاد منبها أنه “بمجرد ما أن تتجاوز عقوبة السجن بضعة أسابيع، يصبح من الوارد جدا فقدان الشغل والسكن، والخدمات الاجتماعية وتعريض الأسر ومحيطها لأوضاع صعبة أو التفكك”، ثم أضاف أن “العقوبات القصيرة تربك العلاقة مع المجتمع ولا تسمح ببدء أي عمل مع السجين أثناء مدة اعتقاله. علاوة على ذلك، فإنها تحتم، في الغالب، مغادرة السجين للسجن بدون تحضير ولا مواكبة ، وهو توجه، وفق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لا يشجع على إعادة تأهيل المعتقلين تحسبا لإعادة إدماجهم في المجتمع”.
وخلص التقرير إلى أن الاكتظاظ السجني يمكن أن يشكل مشكلة إنسانية متفاقمة، تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، كما يربك الاكتظاظ العديد من مجالات الحياة في السجن، سواء تعلق الأمر بتصنيف المعتقلين، وعلاقات المودة، وخصوصية المعتقلين، والاتصالات مع العالم الخارجي، وممارسة العبادات، والأنشطة فضلا عن الرعاية الصحية”.
واسترسل أنه “وعلى غرار الدول الأخرى، فإن هذا الوضع في المغرب، يعيق أيضا تنفيذ برامج أنسنة ظروف السجن وتطبيق أفضل لبرامج إعادة تأهيل السجناء. خاصة أن هذه التداعيات تتفاقم بسبب ركود اعتمادات الميزانية المخصصة سنويا لقطاع السجون، رغم المجهودات التي تبذلها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في هذا المجال”.
إلى ذلك، أوصى التقرير بالتسريع بإخراج تعديلات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إلى الوجود مع تبني إصلاحات وتعديات تتلاءم مع المرجعيات الدولية ذات الصلة بحقوق السجينات والسجناء وتكرس الحق في المحاكمة العادلة، وضمان الحق في الحياة وكافة الحقوق الأخرى.
كما دعا إلى مراجعة القانون المنظم للمؤسسات السجنية، مراجعة شاملة والتسريع بإخراج القانون الجديد المنظم للمؤسسات السجنية إلى الوجود مع مراعاة اقتراحات الجمعيات الحقوقية في هذا الباب، وكذا إلى مراجعة السياسة الجنائية وملاءمة المنظومة القانونية بما يعزز التدابير ذات الصلة بقرينة البراءة، ويؤسس للعقوبات البديلة لسلب الحرية، وتسريع اعتماد آلية الحراسة الإلكترونية، وتدابير الحرية المقيدة بالنسبة للأحداث والنساء والشيوخ.
وحث التقرير على ضرورة مراجعة المفهوم القانوني للاعتقال الاحتياطي، واعتماد مقتضيات قانونية تكرس وضع الاستثناء في الاعتقال الاحتياطي، من خلال تعزيز تواصل المعتقلين مع أسرهم ومحامييهم ومحيطهم الخارجي.