رياضة

الحكمة في التعامل مع زياش وغيره


عبد اللطيف المتوكل /

اختارت جامعة كرة القدم، المقاربة الخاطئة والغامضة في التعامل مع موضوع عودة حكيم زياش ونصير مزراوي، وبالمقابل كرست موقف “النفور” والتجاهل في حق حمد الله.
لا أحد فهم الجدوى ولا المغزى، من إقدام رئيس الجامعة فوزي لقجع، على الإعلان عن عودة زياش ومزراوي، وتحاشيه ذكر اسم حمد الله، وكأن مجرد النطق باسمه جريرة لا تغتفر!!.
كما أنه لا أحد فهم السر وراء تسريب مراسلة استدعاء لاعبي تشلسي الإنجليزى، وأجاكس الهولندي، ولا الهدف الأساسي من عملية التسريب لوثيقة رسمية تبقى شأنا داخليا للجامعة، لا يجوز بالمرة، أخلاقيا ومنطقيا ومؤسساتيا القبول بإخراجها إلى العلن، لتصبح قابلة للتداول في كل مكان، بالنظر إلى أن هناك أطرافا أخرى معنية بها بشكل مباشر، ويقتضي الواجب مراعاة حقوقها ومصالحها المعنوية، حتى لا تتعرض لأي إساءة وضرر، ونقصد بها الناديان الإنجليزى والهولندي، ولاعبيهما زياش ومزراوي.
لكن رئيس الجامعة، يفهم القصد والمغزى من استفراده بمهمة هي في المقام الأول من اختصاص من يحمل صفة ناخب وطني، ولماذا اختار بنفسه دور المعلن عن عودة، وهو يعلم علم اليقين بأنها غير ممكنة في الظروف الراهنة؟!.
المفروض في إجراء من هذا القبيل، وبعيد كل البعد، عن كل أشكال المراوغة والتمويه، أن تتوفر له شروطه وقواعده، لا أن يتم بطريقة توحي بشكل واضح ومفضوح، أن الهدف منها، تقديم زياش ومزراوي في صورة لاعبين “متمردين” و”متنطعين” و”متغطرسين”، وتلطيخ سمعتهما وسط الرأي العام الرياضي الوطني.
تسريب المراسلتين الرسميتين، هو بدافع وضع اللاعبين أمام الأمر الواقع، وطي الصفحة إلى غير رجعة في حال إصرارهما على عدم تلبية الدعوة “البريئة”!!.
ولجوء الجامعة إلى هذا الخيار، أو لنقل هذه الحيلة، إنما هو إقرار ضمني بأن عملية الوساطة التي تكفل بها الدولي السابق الحسين خرجة، لم تؤت أكلها في ظل عدم رغبة زياش ومزراوي في الالتقاء مجددا بمدرب مارس أساليب متهورة ومتعسفة في حقهما، وألحق بهما ضررا معنويا بالغا، بل مارس في حق أحدهما حتى “الكذب”!!!.
من يجب أن يتحدث في موضوع عودة زيد أو عمر، ويكشف النقاب عن الجديد، هو المدرب…
أما الجامعة كمؤسسة، فدورها ينحصر أساسا في فتح قنوات التواصل، وتبديد سوء الفهم، وتذويب جليد الخلاف، وتعزيز روح الثقة والمسؤولية، بين المدرب واللاعبين، وتوفير أجواء مثلى لعلاقة متينة ترتكز على مبدأ التقدير والمصداقية.
السيناريو الذي لم نتوقعه بالمرة، هو أن ينزوي المدرب هاليلودزيتش في الظل، وكأنه غير معني بالموضوع، لا من قريب ولا من بعيد، ويتولى رئيس الجامعة الحديث نيابة عنه، وكأن المدرب على صواب، والرأي العام الرياضي الوطني كله على خطأ!!.
نتأسف لما جرى، لأنه ببساطة، افتقد للحكمة في التقدير والتخطيط والتنفيذ!!.
لقد أثبتت الحصيلة النهائية المخيبة في كأس إفريقيا للأمم (الكاميرون 2021)، أن استبعاد لاعبين متميزين بعطاءاتهم، كان خطأ جسيما، ولو حدث العكس، لصفقنا لمن يحمل صفة “ناخب وطني”، لأكدنا على أنه كان صائبا وذكيا وبارعا في حساباته ومواقفه!!.
والواضح بعد كل الذي جرى، أنه لا وجود لإرادة جادة لتصحيح المسار، رغم أن الظرفية الراهنة لا تحتمل الاستمرار في نهج الغموض والارتباك، إلى أن يأتي اختبار حقيقي آخر، يمكن أن يعري واقع الحال، ويكشف مكامن الخلل، في لحظة لا يجدي معها خطاب التأسف والحسرة.
نتأسف.. نتألم.. نضرب الأخماس في الأسداس، لأن القائمين على تدبير شؤون كرة القدم الوطنية، يرفضون التعلم من الأخطاء الفادحة والجسيمة، ويصرون على إعادة إنتاج نفس السلوكات والممارسات والتوجهات، وصرف الملايير من أجل تنزيل مزيد من فصول الاخفاقات والخيبات والانتكاسات…
من لا يحترم مبدأ التواصل مع الصحافة، واحترام حقوقها الثابتة في طرح الأسئلة المشروعة، وممارسة النقد البناء والصادق، لا يمكن أن يكون عضوا صالحا في أي مشروع طموح…
المدرب حلقة أساسية، حينما لا ينضبط ولا يحترم المؤسسة، وباقي المكونات، يصبح عنصرا فاسدا.
والعضو الجامعي الذي لا يمارس مهامه، ويشارك في التدبير برؤاه وأفكاره وتصوراته الجادة، ويلوذ إلى الصمت، يساهم من حيث يدري أو لا يدري في تمييع مشهد كرة القدم الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق