
مصطفى قسيوي /
في ظل الحرب، التي تشنها روسيا على أوكرانيا، والتي وصلت يومها الثاني حيث تشكل هذه الحرب منطلق مخاوف العالم بأسره، نظرا لما تشكله روسيا وأوكرانيا من مصادر غنية للطاقة كالنفط والغاز، علاوة على كون أوكرانيا موردا مهما لعدة دول في مواد حيوية على رأسها القمح، إذ ارتفعت أسعار النفط والقمح إلى مستويات قياسية ستصل تداعياتها مختلف دول العالم بما فيها بلادنا التي تستورد القمح الأوكراني، والعديد من المواد الغذائية وأعلاف الحيوانات.
وبخصوص تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد الوطني، قال تحليل نشرته وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، إن الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا ستؤثر على عدد من الدول العربية، وعلى رأسها المغرب والجزائر، رغم البعد الجغرافي.
وحسب التحليل، فإن المغرب سيبقى من بين أكبر المتضررين، باعتباره يعتمد على مجموعة من المنتجات الأوكرانية، حيث سبق لوزارة الزراعة الأمريكية أن أعلنت سنة في يناير 2021، أن أوكرانيا في طريقها لتصبح المورد الرئيسي للقمح في المغرب، هذا الأخير الذي يُسجل في العادة ضعف الإنتاج المحلي.
وأضافت وزيرة الزراعة الأمريكية في بيانها، أن واردات المغرب من القمح الأوكراني وصلت إلى 6.5 أطنان خلال الموسم الزراعي 2020-2021، أي ما يزيد على 35 في المائة من واردات الموسم الذي سبقه.
ومما سيزيد تعقيد الوضع في المغرب بسبب الأزمة في أوكرانيا، فإن المملكة هذه السنة، تعيش موسما استثنائيا بسبب ضعف التساقطات، وبالتالي فإن الإنتاج المحلي سيتراجع بشكل كبير.
وبالإضافة إلى القمح، كان المغرب في الفترة الأخيرة يضع أوكرانيا في مقدمة الدول التي يحاول أن يستورد منها أسلحة جديدة، وذلك حسب ما أعلنه موقع “تاكتيكال ريبورت” في فبراير 2022، حيث كشف تقرير هذا الموقع المتخصص في الشؤون العسكرية، أن القوات المسلحة الملكية المغربية تدارست مسألة الاقتناء، وبدأت فعلا في اقتناء مركبات محمية من الكمائن المقاومة للألغام (MRAP) من أوكرانيا، كما قام مسؤولون عسكريون مغاربة بزيارة لمقر الشركة الأوكرانية؛ حيث قدمت هذه الأخيرة عرضا حيا لإظهار القدرات القتالية للمركبات المدرعة “أمراب فارتا” و”سيف نوفاتور”، بقذائف “هاون” وذخيرة عيار 60 ملم و82 ملم و12 ملم.
كما أن الواردات المغربية من السلع الأوكرانية لا تشمل القمح اللين فقط، إذ أظهرت الإحصائيات الأخيرة، أن مخلفات الصناعات الغذائية وأعلاف الحيوانات تأتي في المرتبة الثانية بقيمة تتجاوز 71 مليون دولار، وتأتي سلع أخرى كالكيماويات غير العضوية ومركبات المعادن الثمينة في المرتبة الثالثة كأكثر السلع التي يستوردها المغرب من أوكرانيا، بقيمة تتجاوز 22 مليون دولار وفق نسبة الواردات في سنة 2020، كما يستورد المغرب أيضا العديد من السلع المصنعة المتنوعة، والدهون والزيوت الحيوانية والنباتية بقيمة تتجاوز 20 مليون دولار، إضافة إلى الحديد والصلب والتبغ بقيمة تفوق 16 مليون دولار، في حين تتوزع السلع الأخرى بقيم مالية مختلفة، تتراوح بين الآلاف وأقل من 5 ملايين دولار.
وتشير الإحصائيات إلى أن العلاقات التجارية بين المغرب وأوكرانيا بدأت تكتسي طابع الأهمية في السنوات الأخيرة، كما أن أوكرانيا كانت تدرس في الفترة الأخيرة توقيع اتفاق التبادل التجاري الحر مع المملكة المغربية، وبالتالي فإن الأزمة الحالية من المتوقع أن تكون لها تداعيات سلبية على العلاقات التجارية بين الرباط وكييف.
إلى ذلك، تواصل القوات الروسية شن هجماتها على أوكرانيا، حيث تدور معارك عسكرية منذ صباح أمس الجمعة في أحد الأحياء الواقعة في شمال كييف بينما يبدو أن القوات الروسية تشدد الخناق حول العاصمة الأوكرانية، مما جعل الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي”، يطالب الدول أعضاء الناتو بتقديم مساعدات دفاعية لصد الهجوم الروسي، معتبرا أن استمرار العدوان الروسي يظهر أن عقوبات الغرب على موسكو ليست كافية.
ومن الجانب الروسي، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إن روسيا ستنشر مظليين للمساعدة في حراسة محطة تشرنوبيل للطاقة النووية المغلقة بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف، وأن القوات الروسية، التي بدأت عملية عسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا يوم أول أمس الخميس، دمرت 118 موقعا للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية، بينما لاتزال المعارك مستمرة .