الرباط- عبد الحق العضيمي
قالت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، إنه “لا يجب أن يصبح موضوع الوصولات المتعلقة بتأسيس الجمعيات، مشجبا أو ورقة للمظلومية، ولا مطية لاستغلال سياسوي”، جاء ذلك في بيان لها، ردا على بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الصادر مؤخرا حول موضوع الوصولات، الذي أكدت فيه هذه الأخيرة، أن 78 فرعا، من أصل 88 فرعا محليا من فروعها، محروم من حقه في وصولات الإيداع.
وأشار بلاغ المندوبية، الذي اطلعت ” الأمة 24″ على نسخة منه، إلى أن تقرير الاستعراض الخاص، حول حماية حقوق الإنسان، “لم يتردد في القول، بوجود اتجاهيين رئيسيين، أحدهما إصلاحي، يعتمد الرصد بغاية الإسهام في مسارات الإصلاح من منظور الشريك، والثاني، راديكالي، ينتقد بغاية التنديد والتشكيك من منظور أقصى المعارضة”.
وتابعت المندوبية الوزارية، أن صواب ذلك يتأكد، مرة أخرى، تبعا لما تم التعبير عنه في بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الصادر حول موضوع الوصولات، ومن تعبيراته “السلطويات ومؤسساتها الحقوقية الهجينة”، و “ما تشهده حرية التعبير والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات من تقييد وحصار يصل حد الحظر والمنع الصريح، وما يتعرض له الحيز المدني من تضييق وانكماش عز نظيره حتى في ظل سنوات الرصاص”.
وزاد المصدر ذاته، أنه “لاشك، أن أصحاب هذا الخطاب، وليس كبار مناضلي الجمعية الذين رسموا تاريخها في زمن مضى، لا يعرفون؛ لا سنوات الرصاص ولا التضحيات التي تطلبت القطيعة معها ولا الجهود المطلوبة للحفاظ على المكتسبات”.
المندوبية الوزارية وهي تفسر وصفها للاتجاه الثاني بـ”الراديكالي”، قالت إن “وصف هذا الاتجاه بالراديكالي الذي يتخذ لبوسا حقوقية، ليس تحاملا أو تهجما، بل وصف واقع. وفي جميع الأحوال، فإن من بين مكتسبات بلادنا، التي تستوجب التثمين، وجود آراء من أقصى المعارضة، تعبر عن مواقفها بحرية، وتتحمل تبعا لذلك مسؤولية اختياراتها، بلا مظلومية”.
وفي السياق ذاته، استغربت المندوبية الوزارية، التي يشرف عليها الحقوقي أحمد شوقي بنيوب، لما ورد في بلاغ الجمعية المذكور، “من أن تصبح جمعية مغربية، رجع صدى لمنظمة دولية غير حكومية، منخرطة في حملة مضادة ضد بلدنا، والتي ندعوها بالمناسبة، لأن تولي الاهتمام للمنطقة، التي تشهد انهيار الدول وتفكك موروثات حضارية والفتك بحقوق الإنسان. وعسى أن تسعفها صفتها الدولية في تقديم العون العاجل لضحاياها”، تقول المندوبية، التي سجلت أن تقرير الاستعراض لم يكن الأول، في رصده لهذا التوجه، حيث سبق وأن صرحت منظمة حقوقية مغربية وازنة بقولها إن “أي حديث موضوعي عن حالة حقوق الإنسان، لا يحتمل اعتناق “النفس الثوري” الذي يقيم الوضعيات بمنطق القطائع المطلقة والمقاربة المثالية للحلول والإجابات”، لتضيف “فمجال حقوق الإنسان هو مجال إصلاحي بطبيعته، يؤمن بالتدرج والتراكم”.
وذكرت المندوبية الوزارية، مرة أخرى، أن الجمعية “لم تستطع، لحد الآن، تقديم ملف توثيقي كامل عن ادعاءاتها”، مشيرة إلى أن فرعها بالرباط، “اعتذر مرتين خلال الشهر الجاري عن الحضور إلى المندوبية الوزارية، بعدما، وجه إليها رسالة تخص وضعيته القانونية، وبعدما تم الاتفاق مع مسؤوليه المحليين، على عقد لقاء معه”، وتابعت أنه “حدث نفس الأمر، سابقا، مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، حيث طَلب مسؤولين بها من الجمعية، على إثر اجتماع رسمي، تزويدهم، بمعلومات مع لائحة الفروع المعنية بالوصولات، ولم تتم الاستجابة لذلك”.
وأبرزت المندوبية ضمن البلاغ نفسه، أنها “تباشر تدخلها في المجال الحمائي، كما أعلن، بيانها الأخير، عن استراتيجيتها حول الموضوع، على مستوى مساهمتها، في رصد أوجه الخلل الواقعية والقانونية وإثارة الانتباه والاقتراح، وهي في ذلك، ليست لا بالسلطة الإدارية المعنية بتلقي تصريحات تأسيس الجمعيات، ولا بالسلطة المكلفة بالرقابة القضائية حول الموضوع”.
وأعلنت المندوبية، أنها “تعاين، وجود فراغ بين على مستوى القانون المنظم للجمعيات، يتعلق بجوهر التوازن، من جهة، بين حق السلطة الإدارية المعنية بتلقي التصريحات، وتسليم الوصولات، والتي قد يظهر لها وجود حالة في خلاف مع الدستور أو القانون، فتلجأ وقائيا أو تصديا، منفردة، للتصرف في نطاق حفظ النظام العام، ومن جهة أخرى، تمكين القضاء من سلطة النظر في طلب الاعتراض على قرار الإدارة وسلطتها التقديرية”.
وفيما يخص تدبير الوصولات، قالت المندوبية إن هذا الموضوع “بات يتطلب إعادة النظر فيه، ضمن رؤية شمولية لموضوع قانون الجمعيات، في ضوء الدستور وما أطلقه من ديناميات مدنية، جمعوية، في أعماق جغرافية المغرب، وفي ضوء المقترحات المقدمة، من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسة وسيط المملكة، وكذا في ضوء الاجتهاد القضائي الوطني، والاقتراحات المقدمة، بمناسبة الحوار الوطني حول المجتمع المدني وإعلان الرباط للجمعيات الديمقراطية، وغيرها من المبادرات المدنية”.