اقتصاد

وصايا الجواهري “السبع” لحكومة أخنوش

الرباط- عبد الحق العضيمي //

أعرب عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن قلقه من تباطؤ مرتقب للاقتصاد الوطني، داعيا الحكومة إلى تسريع وتيرة إنجاز الأوراش التي أطلقتها المملكة في السنوات الأخيرة، بما فيها ورش بلورة النموذج التنموي الجديد.

وقال الجواهري، أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، إنه “بالرغم من استمرار وضعية عدم اليقين، فقد سجل الاقتصاد الوطني نموا بأكثر من 7 في المائة في 2021، بعد انكماش بـ6.3 في المائة سنة 2020”.

ويبقى المثير للقلق، حسب الجواهري، أنه “بعد هذا الانتعاش الذي يعتبر آليا في جزء منه، سيعود الاقتصاد الوطني، حسب التوقعات، إلى وتيرة نموه التي كانت تسجل قبل الأزمة والتي تناهز 3.5 في المائة في المتوسط مع تغير من سنة إلى أخرى حسب الظروف المناخية”، مضيفا أن هذه الوتيرة تبقى “أبطأ بكثير مما يحتاجه بلدنا لتحسين مستوى معيشة السكان، وخلق عدد كاف من فرص الشغل اللائق”.

وشدد الجواهري على أنه “يتوجب على المغرب اليوم رفع هذا التحدي في سياق ما بعد أزمة (كوفيد19) الذي يتسم بمستوى عال من عدم اليقين وبتغييرات جذرية تسببت فيها الأزمة أو ساهمت في تسريع وتيرتها، لاسيما ما يتعلق بـ”الرقمنة”، وحتمية الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وإعادة النظر في النظام المتعدد الأطراف، والتصاعد القوي للتوجهات السيادية”.

ويرى والي بنك المغرب أن مواجهة هذه التحديات وبلوغ أهداف التنمية المتوخاة يستلزم العمل على جميع الأصعدة، داعيا في هذا الإطار إلى تسريع إنجاز الأوراش الهيكلية التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة، بما فيها ورش بلورة النموذج التنموي الجديد، وكذا المشاريع التي تكتسي أهمية قصوى.

وفي هذا الصدد، أوصى الجواهري بإعطاء الأولوية اللازمة لتعزيز النسيج الإنتاجي من أجل بروز مقاولات رائدة قادرة على تحمل المنافسة الدولية ولعب دور قيادي بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة.

كما دعا إلى مواصلة محاربة الفوارق والعمل على جعل النمو أكثر شمولا، وعلى التوزيع العادل لثماره، لتعزيز ما أسماه “التلاحم الاجتماعي”، وكذا تسريع تنفيذ الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال، منها تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإخراج ميثاق الاستثمار، وإصلاح القطاع العمومي في جميع جوانبه، وتنفيذ التزامات المغرب تجاه مجموعة العمل المالي المعروفة اختصار بـ”غافي” .

الجواهري وهو يخاطب البرلمانيين، أوصى أيضا بتحسين جودة الحكامة على جميع المستويات، ومحاربة الفساد وتكريس مبادئ الاستحقاق وربط المحاسبة بالمسؤولية، بالإضافة إلى تسريع الأوراش المهيكلة وعلى رأسها إصلاح منظومتي التعليم والتكوين المهني.

ومن أجل تعزيز الهوامش الضرورية لتمويل هذه الإصلاحات، حث والي بنك المغرب على تسريع تنفيذ القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، واستكمال إصلاح أنظمة التقاعد، والقيام بمراجعات منتظمة للنفقات. كما طالب كذلك بتسريع إحداث السجل الاجتماعي الموحد، الذي وصفه بـ”الضرورة الملحة” لمواصلة إصلاح السياسة الاجتماعية للمغرب.

وتابع الجواهري أنه “ولضمان انسجام مجموع الأوراش ونجاعة استعمال الموارد، يجب إرساء ثقافة التقييم في إطار رؤية استراتيجية مع إرساء الأولوية بالنسبة للأهداف وكذا الموارد”.

وفي معرض حديثه عن الاستثمار، قال الجواهري، إنه “ورغم الأزمة حافظ الاقتصاد الوطني على ثقة المستثمرين الأجانب”، مشيرا إلى أن “عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغت 27.5 مليار درهم في 2020، و32.2 مليارا في 2021 مقابل 34.5 مليارا في 2019”.

من جانب آخر، أفاد الجواهري وهو يتحدث عن مردودية الاستثمار مستندا في ذلك إلى معطيات البنك الدولي وحساب بنك المغرب، بأنه بـ”معامل هامشي يبلغ 9.4 في المتوسط خلال الفترة 2000-2019، يبقى الاستثمار في المغرب ذو مردودية ضعيفة نسبيا، مقارنة على الخصوص مع البلدان ذات الدخل المتوسط- الفئة الدنيا التي ينتمي إليها حيث يصل إلى 5.7 نقط”.

وأكد والي بنك المغرب أن “تأثير الاستثمار على خلق فرص الشغل، يبقى ضعيفا”، ثم زاد أنه “رغم بقاء المعامل الهامشي للرأسمال شبه مستقر ما بين سنتي 1999 و2019، تراجع محتوى النمو من حيث عدد مناصب الشغل المحدثة بشكل ملموس، إذ كل نقطة من النمو كانت تخلق أقل من 21 ألف فرصة عمل ما بين 2010 و2019، مقابل ما يزيد عن 30 ألف منصب شغل ما بين 2000 و2009″، ليضيف موضحا أن الاقتصاد الوطني “أحدث سنويا نحو 144 ألف منصب ما بين 1999 و2009 وحوالي 72 ألف منصب ما بين 2010 و2019 أي ما معدله 108 آلاف فرصة عمل خلال الفترة الممتدة ما بين 1999 و2019”.

وخلص والي بنك المغرب إلى أن هذه الوتيرة “تبقى غير كافية لتقليص نسبة البطالة بشكل ملموس”، وأضاف أنه “في مقابل إحداث 108 آلاف منصب شغل، تزايد عدد السكان النشيطين سنويا نحو 89 ألفا، وبالتالي لم يتراجع عدد العاطلين إلا قليلا، لينتقل من 1.5 مليون إلى 1.1 مليون خلال العقدين الأخيرين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق