سياسةوطني

المجلس الاقتصادي يقترح “طابليطات “مجانية للتلاميذ الفقراء

عبد الحق العضيمي

خلص رأي أنجزه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة ذاتية تحت عنوان “نحو تحول رقمي مسؤول ومدمج”، إلى أن مختلف المبادرات التي تم اتخاذها من أجل تسريع وتيرة التحول الرقمي، على غرار “المغرب الرقمي 2013″، و”المغرب الرقمي 2020″، تظل غير كافية لتوفير متطلبات إنجاح مسلسل التحول الرقمي وتقليص فجوة رقمية ملموسة، ساهمت أزمة “كوفيد- 19” في توسيعها.

وقال المجلس ضمن رأيه، إنه “على الرغم من التقدم المحرز، ثمة فجوة رقمية ملموسة في العديد من القطاعات ومناحي الحياة، ساهمت الأزمة الناجمة عن جائحة (كوفيد- 19) في توسيعها، حيث أدت، على وجه الخصوص، إلى إقصاء مغربي واحد من أصل ستة تقريبا من دينامية التحول الرقمي”.

وحسب الرأي، فإن “هناك العديد من مكامن الضعف التي يمكن أن تفسر هذه الوضعية”، منها “تسجيل تأخر في تنفيذ الاستراتيجيات السابقة المعتمدة من أجل تحقيق التحول الرقمي في عدة قطاعات مثل الإدارة والصحة والتعليم والصناعة”، و”ضعف التغطية الجغرافية على مستوى البنيات التحتية الخاصة بالإنترنت ذي الصبيب العالي والعالي جدا”، فضلا عن “الطابع المجزأ وغير الملائم أحيانا للإطار التشريعي والتنظيمي، لا سيما في ما يتعلق بالعمل عن بُعد”.

ومن بين مكامن الضعف أيضا، يضيف المجلس، “غياب فاعلين تكنولوجيين محليين”، و”ضعف إنتاج محتوى رقمي وطني ثقافي وتعليمي، مما يجبر المستعمل المغربي على استهلاك منتجات قادمة بشكل أساسي من الخارج”، بالإضافة إلى “غياب خارطة طريق وطنية للذكاء الاصطناعي”.

المجلس، لاحظ أيضا في رأيه، الذي جرى عرض مضامينه في لقاء دراسي، أول أمس الأربعاء، بالرباط، أن “هناك حوالي 6 ملايين من المواطنات والمواطنين غير منخرطين في مسلسل الرقمنة الذي تشهده المملكة اليوم”، وذلك لاعتبارات عديدة، منها “النقص في التجهيزات”، من قبيل هاتف ذكي، لوحة إلكترونية أو حاسوب؛ وكذا “النقص على مستوى الولوج”، و”الاستعمال الضعيف للإنترنت الثابت”، خاصة في العالم القروي، ثم “النقص على مستوى إتقان التعامل مع الأدوات الرقمية، وقراءة وفهم واستخدام التكنولوجيات والتقنيات الرقمية، يضاف إلى ذلك  “الكلفة المرتفعة للإنترنت الثابت، الصبيب العالي الثابت الذي لا تزال نسبته منخفضة مقارنة ببلدان المنطقة، والتي تبلغ 3.9 في المائة في 2018؛ فيما تبلغ هذه النسبة 7 في المائة بتونس و7.7 في المائة بالجزائر، و5.4 في المائة بمصر”.

وفي حديثه عن البوابة الإلكترونية “داتا.ما”، أشار الرأي إلى أن هذه البوابة التي تم إحداثها منذ 2011، تسجل خصاصا ملحوظا من حيث حجم المعطيات التي توفرها، والتي لا يتجاوز مجموعها 273 معطى، وكذا في عدد منتجي المعلومات والبيانات العموميين المنخرطين فيها البالغين 26 مصدرا فقط، فضلا عن ضعف التفاعل معها من قبل المستعملين، حيث لم يتجاوز عدد الوثائق التي تم تحميلها  6 آلاف و875 وثيقة فقط.

وربط المجلس هذا الضعف بـ”نقص المعطيات وعدم تحيينها بكيفية دورية ومنتظمة، وكذا بمحدودية المجالات التي تغطيها هذه البوابة”.

من جانب آخر، كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن البطء الذي تعرفه وتيرة التحول الرقمي على مستوى الإدارة يتسبب “في ضياع 50 ساعة في المتوسط سنويا لكل مواطن، و200 ساعة سنويا لكل مقاولة”.

أما على مستوى التربية والتكوين، قال المجلس، إنه “في ما يتعلق ببرنامج “جيني”، لا بد من الإشارة إلى أن العديد من المؤسسات التعليمية غير مجهزة بعد، وأن المؤسسات التي تتوفر على تجهيزات وموارد معلوماتية تعاني من التقادم ومن مشاكل الصيانة”.

وتساءل المجلس في رأيه “عن وسائل تحسين نجاعة هذا البرنامج وأهميته، وكذلك عن طبيعة التجهيزات المعلوماتية، لا سيما وأن التكنولوجيات الجديدة أصبحت تشكل معرفة أساسية في حد ذاتها يلزم إدراجها في مختلف المناهج الدراسية”.

وبالنسبة للقطاع الصناعي، فقد أورد المجلس أن معظم المقاولات الصغيرة جدا أو الصغيرة أو المتوسطة، على الصعيد الوطني، “غير مجهزة بما يكفي على مستوى تكنولوجيا المعلومات والاتصال”، وهو أمر يجعل من الصعب اللجوء إلى العمل عن بعد والحفاظ على أنشطتها الضرورية في حالة وقوع حادث فجائي أو قوة قاهرة، كما هو الشأن مع الحجر الصحي خلال جائحة “كوفيد -19″، يضيف المجلس.

وعلى صعيد القطاع السياحي، أشار الرأي إلى أن غالبية الحجوزات تتم عبر منصات رقمية دولية متخصصة، بينما تتم نسبة قليلة من الحجوزات عبر المنصات التي أحدثها الفاعلون الوطنيون.

وبخصوص التجارة الإلكترونية، نبه المجلس إلى أن هذا القطاع لم يتمكن من التطور لعدة أسباب منها” عدم ثقة مستخدمي الإنترنت والتأخر في اعتماد الأداء عبر الإنترنت والخدمات اللوجستية ذات الصلة.

وانطلاقا من هذا التشخيص، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى اعتمادِ رؤية واضحة من أجل إحداث تحول رقمي مدمج ومسؤول يتيح في غضون فترة أقصاها ثلاث سنوات” تمكين مجموع السكان المغاربة من الولوج إلى الإنترنت ذي الصبيب العالي والعالي جدا، مع ضمان خدمة جيدة في هذا المجال.

وأوصى المجلس كذلك بتحديث الخدمات الإدارية عن طريق رقمنة مختلف المساطر الإدارية، من أجل رفع الإنتاجية وتقوية نجاعة الأداء، وتعبئة الفاعلين وتوحيد جهودهم.

وترى المؤسسة الدستورية أن “رقمنة المعاملات وإزالة الطابع المادي من شأنها أن تمكن من ترشيد مدة العمل من خلال توفيرِ حوالي 718 مليون ساعة عمل سنويا، أي ما يناهز 1 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، أي ما يمثل أكثر من 10 ملايير درهم.

كما أكد المجلس أنه يتعين “توضيح دور وكالة التنمية الرقمية وتعزيز صلاحياتها، مع تمكينها من الموارد البشرية والمالية اللازمة لإنجاز مهمتها”، و”اعتماد مخطط استعجالي وطني للحد من الفجوة الرقمية، يمكن من تحقيق تغطية جغرافية ثابتة ومحمولة كفيلة بتوفير الولوج إلى الإنترنت بصبيب عال وذي جودة لفائدة كافة المواطنات والمواطنين”، وكذا “توفير بنيات تحتية في ملكية المؤسسات والمقاولات العمومية، مع العمل على إشراك فاعلين جدد مثل الجماعات الترابية”.

واقترح المجلس أيضا “إطلاق دراسة تشرف عليها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات تتعلق بسعر الربط بالإنترنت (خاصة خط الإنترنت الثابت) في المغرب مقارنة بالبُلدان التي تسجل نفس مستوى التنمية وب لدان المنطقة، وذلك لتحديد العوامل المؤثرة في الأسعار، وإبراز العمليات الكفيلة بالمساهمة في تخفيض التسعيرات المعتمدة”.

وطالب المجلس كذلك بإطلاق مبادرة سنوية لدعم اقتناء لوحات إلكترونية للربط بالإنترنت لفائدة التلاميذ المنحدرين من أوساط معوزة وهشة، على غرار المبادرة الملكية “مليون محفظة”، على أن يكون تمويل هذه العملية من طرف صندوق تدبير الخدمة الأساسية للمواصلات والجهات، أو عن طريق سن رسم خاص للتضامن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق