مجتمع

هل ستكون 2022 سنة نهاية الجائحة؟.. الطيب حمضي يعدد السيناريوهات

مصطفى قسيوي

قال الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسة والنظم الصحية، إن سنة 2022، ستكون سنة نهاية جائحة “كوفيد 19″، أو السنة قبل الأخيرة لهاته الجائحة، لكنها بالتأكيد ليست سنة نهاية الفيروس نفسه الذي سيستمر في العيش بيننا دون اضطرابات اجتماعية تذكر.

وأضاف حمضي، أن العلماء والخبراء ينظرون في ثلاثة سيناريوهات رئيسية للخروج من الجائحة، سيناريو كارثي، ولكن ضعيف الاحتمال، إذا ما حدثت طفرات خطيرة أو ظهر متحور هجين من فيروس “كورونا” وفيروس آخر، مع مقاومة كبيرة للمناعة المكتسبة وأكثر فتكا عن طريق التلقيح أو المرض، وسيناريو متوسط مع تسلسل ظهور الطفرات والمتحورات، التي تنتقص من فعالية المناعة، مع حاجة مستمرة للإجراءات الوقائية وتكييف اللقاحات، وهو ما نشهده اليوم، لكن كمرحلة انتقالية نحو مرحلة أخرى يكون الفيروس موسميا، ثم سيناريو ثالث أكثر تفاؤلا والأكثر احتمالا، حيث إن الفيروس لن يختفي، ولكن سوف يصبح متوطنا، موسميا مثل الأنفلونزا، وستوفر اللقاحات المعدلة الحماية الملائمة من الحالات الحرجة وستقلل المناعة السكانية من حدة الفيروس، مع ظهور أدوية مضادة لـ”كوفيد” فعالة، مثل عقار “باكسلوفيد” من شركة “فايزر”، وسهل التناول دون الحاجة لدخول المستشفى، وسيكون له دور مكمل هائل في تفادي الحالات الحرجة لدى الفئات الهشة.

ولتعزيز هذا السيناريو، يبرز الطيب حمضي أنه سيكون من الضروري الامتثال للتدابير الوقائية والجماعية وكذلك التطعيم الواسع على النطاق العالمي للحد من انتشار الفيروس والحد من خطر ظهور متحورات جديدة، إذ أوصت منظمة الصحة العالمية بتطعيم 70 في المائة من سكان جميع البلدان بحلول منتصف سنة  2022 من أجل الخروج من الجائحة نهاية العام، ولتحقيق هذا الهدف، سيتعين إنتاج المزيد من اللقاحات وتوزيعها بطريقة أكثر عدلا واستخدامها على نطاق واسع ودون تردد، لذلك ستعود المناقشات حول رفع براءات الاختراع، ولا عدالة توزيع اللقاحات، والتردد اللقاحي، وجائحة الأخبار الزائفة، إلى طاولة المناقشات في أوائل سنة 2022 من أجل إيجاد تسويات لها.

وأضاف حمضي، أن العديد من الخبراء يعتقدون أن متحورا آخر سيظهر قبل أفول الجائحة، حيث من المؤكد أن تحديث اللقاحات وتحيينها سيكون على جدول الأعمال في وقت مبكر من السنة الحالية للتعامل مع مرحلة ما بعد “أوميكرون”، على الرغم من أن نظام التطعيم بثلاث جرعات سيكون قادرا على توفير حماية جيدة على المدى الطويل وخاصة للأشخاص الذين لا يعانون من عوامل الاختطار.

وإذا كانت سنة 2021 قد شهدت احتجاجات معارضي اللقاحات والرافضين والمترددين، فإن سنة 2022 ستشهد غضبا واحتجاجات الملقحين، أولئك الذين احترموا الإرشادات الصحية، ولكنهم ما زالوا محرومين من حرياتهم وحياتهم الطبيعية بسبب عجز الحكومات عن التعامل مع غير الملقحين الذين يشكلون مصدر خطر على أنفسهم وغيرهم وعلى المنظومة الصحية، وسيعاني المرشحون لتجديد ولاياتهم سنة 2022 من حرج انتخابي بسبب غضب الجانبين.

كما أشار الطيب حمضي إلى أن سنة 2022 ستكون سنة “جواز اللقاح” وإجبارية التطعيم بالنسبة لعدد من الفئات المهنية والاجتماعية، فيما ستظل مراقبة الحدود واشتراطات السفر قائمة خلال سنتي 2022 و2023، وسيتوقف الانتعاش الاقتصادي لكل بلد على معدلات التغطية بالتلقيح والتحكم في تفشي الفيروس والمتحورات، على أن تؤدي البلدان المتأخرة عن ركب التطعيم ثمنا اقتصاديا واجتماعيا.

وفي بلادنا، قال الطبيب والمتخصص في السياسات والنظم الصحية، إن الأسابيع الثمانية إلى العشرة الأولى من سنة 2022 ستكون صعبة بسبب الموجة الحالية التي بدأت بسبب الفصل البارد مع متغير “دلتا” وأججها متحور “أوميكرون” الهائل الانتشار، وقد سهل تباطؤ التطعيم والتراخي في احترام التدابير الحاجزية المهمة لـ”أوميكرون” من ازدياد الحالات بشكل كبير ومتسارع سيشكل تهديدا للمنظومة الصحية ببلادنا على الرغم من أن “أوميكرون” قد يكون أقل ضراوة من “دلتا”، وستكون السلطات الوصية مضطرة لاتخاذ تدابير تقييدية للحياة الاجتماعية والاقتصاد والمدرسة.

كما سيشهد فصل الربيع تحسنا كبيرا في الوضع الوبائي في المغرب وحول العالم، حيث إن إعادة إطلاق التلقيح بسرعة وقوة شرط أساسي لتحرير النظام الصحي والساكنة والاقتصاد والمدرسة من قبضة الفيروس وطفراته ويشكل العمل على الحد من انتشار الفيروس وتفشيه حالة استعجال وأولوية في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، فيما ستشكل الجرعة الثالثة حجر الزاوية في هذه المعركة، حيث سيساعد تطبيق جواز اللقاح المترددين على اتخاذ القرار الصائب ويحمي الأشخاص من ذوي الهشاشة الصحية وغير الملقحين لدواع طبية، ويضمن حياة طبيعية أو تقريبا لمجتمع الملقحين.

فيما ستعتمد حماية الأطفال، ولا سيما تعليمهم وهو عنصر هام من عناصر صحتهم العقلية وتنشئتهم، على احترام التدابير الوقائية والتلقيح الواسع للبالغين، لكنها ستتطلب بالتأكيد تطعيم الأطفال دون سن 12 عاما.

وسيستمر الفيروس في الانتشار، ولكن دون تأثير مجتمعي خطير طالما أن الأشكال الحرجة ستكون أقل عددا ويمكن تدبيرها بسهولة أكبر، في الوقت الذي سيشرع فيه  المغرب في إنتاج اللقاحات المضادة لـ”كوفيد 19″ التي ستساعده وتساعد إفريقيا على تحصين أفضل والانطلاق من جديد بعد الجائحة، وستكون من جهة أخرى تلك خطوة نحو التكنولوجيا الحيوية، خطوة نحو المستقبل من أجل السيادة الصحية والأمن الاستراتيجي للمغرب، والقدرة على مواجهة الأزمات الصحية في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق