مجتمع

“أوكسفام- المغرب” تُشرّح أعطاب قانون العنف ضد النساء وتوصي بـ”قانون-إطار”

عبد الحق العضيمي

بعد مرور سنتين على إصداره، كشفت دراسة أنجزتها منظمة “أوكسفام-المغرب”، بشراكة مع مركز الأبحاث “إيكونوميا”، وكرسي فاطمة المرنيسي، عن العيوب والنواقص التي تعتري القانون رقم 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء.

وقالت الدراسة، التي توصلت “الأمة24” بنسخة منها، إن مضمون القانون رقم 103.13 لا يمكّن من حماية فعلية للنساء ضد مختلف أشكال العنف، مضيفة أن “القانون يركز على الجانب الزجري مع تهميش الجوانب المرتبطة بالوقاية والنهوض بحقوق النساء والتكفل، وهي جوانب مُكوّنة أساسية لقانون فعّال ضد العنف الممارس ضد النساء”.

ونبهت الدراسة إلى أن غياب كيفيات واضحة لتطبيق القانون وغياب تعريفات دقيقة يؤدي إلى “فسح المجال أمام تأويلات متعددة وإلى وجود شكوك وتردد لدى الأعوان المعنيين بإنفاذ القانون”، مشيرة إلى أن التواصل بخصوص القانون “شبه منعدم وهو ما يُفسر عدم معرفة هذا القانون من طرف المعنيات الرئيسيات”، تؤكد الدراسة، التي لفتت الانتباه إلى أن الأزمة الحالية، الناتجة عن جائحة “كوڨيد 19” ومرحلة الحجر الصحي أدت إلى تفاقم أعمال العنف ضد النساء، “مما ترتب عنه جعل بعض أنواع العنف جلية للعيان، خاصة منها الاقتصادية والرقمية والنفسية والتي سلطت الأضواء على الثغرات المتضمنة في القانون، وعلى الترسانات التي تم وضعُها من أجل حماية النساء من العنف”.

ومن ضمن الثغرات التي أثارتها الدراسة، انعدام تعريف واضح للعنف المنزلي، واستبعاد الشريكين غير المتزوجين من نطاق تطبيق هذا القانون، وانعدام الدّقة في ما يخص مسؤولية مختلف المتدخلين من أجل الوقاية من العنف، وفي ما يتعلق بواجبات أجهزة الشرطة والقضاء في مجال حماية الضحايا”.

ونقلت الدراسة تصريحات لعدد من النساء حول القانون المذكور، منها شهادة لـ” ب.ز”، الذي سجل أن القانون ركز، بالأحرى، على العنف الجسدي وأهمل أشكال العنف الأخرى، منها “الاغتصاب الزوجي”، الذي يعاني منه جزء كبير من النساء.

وتابعت الدراسة، أن “أشكال العنف الاقتصادي، هي أيضا، ليست دقيقة بما يكفي في القانون”، مشيرة إلى أن النساء تتعرضن لعنف مُضاعف، ولاستغلال مفرط ويتقاضين أجورا زهيدة لأنهن تعتبرن بمثابة يد عاملة تُبدي صبرا وعملا أكبر

إلى ذلك، أوصت المنظمة في دراستها بمطابقة القانون مع المرجعية الدولية لحقوق المرأة ومحاربة العنف ضد النساء، وذلك طبقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

كما دعت المنظمة إلى منح المؤسسات الدستورية للوساطة (المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط) دورا نشيطا واستباقيا في محاربة العنف ضد النساء، واعتماد قانون شامل، يحمي النساء من دون لبس وبكيفية ملائمة، ويُحدد بوضوح الآليات والموارد والمسؤوليات.

واقترحت المنظمة أيضا سن قانون- إطار مُخصص لمحاربة العنف، تكون عباراته واضحة ولا يمكنها أن تؤدي إلى تأويلات محافِظة، ويتضمن ديباجة تفسر بوضوح فلسفة القانون؛ والتعجيل في إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز التي ينص عليها الفصل 19 من الدستور، علاوة على وضع سياسة للتحسيس متعددة الفاعلين، تشمل الضحايا الحقيقيين والمحتملين، والمناطق الترابية النائية والوسائط الجمعوية وهيئات الوصل القضائية والصحية والإدارية.

وأوصت المنظمة كذلك بمراجعة الكتب المدرسية التي تقوي الصور النمطية المبنية على النوع الاجتماعي، وعلى النظرة الاحتقارية للفتيات والنساء، والتي تجعل من العنف ضد النساء أمرا عاديا، والنهوض بقيم المساواة والعدالة؛ وكذا اعتماد مقاربة شفافة وإصدار دوريات من طرف رئاسة النيابة العامة، من أجل تطبيق القانون رقم 103.13 ، مع تحديد كيفيات دقيقة للتطبيق، وتسريع مسلسل نشر الأحكام.

وطالبت “أوكسفام- المغرب” في دراستها بإحداث «شباك وحيد» على صعيد المحاكم، مع منح المشتكين/المشتكيات إمكانيات الاستفادة من تتبع طبي، بهدف التخفيف من ضعف خلايا العنف؛ وإعفاء الضحايا من الرسوم القضائية، مع وضع محامين للمساعدة القضائية رهن إشارتهن، وجعل الجمعيات فاعلين فعليين في القانون والترخيص لها بالتقاضي من أجل تشجيع الضحايا على تقديم شكايات ضد أي نوع من أنواع العنف، وضد كل عمل تمييزي مبني على اختلاف في النوع الاجتماعي؛ وتمكين الجمعيات الأكثر نشاطاً والأكثر مصداقية من التعاون مع الخلايا على مستوى التنسيق والمواكبة والمساعدة، على صعيد المحاكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق