25 بالمائة من الشباب المغربي معرضون للانحراف وقرابة 80 بالمائة لا يثقون في الأحزاب!!
عبد الحق العضيمي
معطيات مقلقة، تلك التي أماط اللثام عنها تقرير للمرصد الوطني للتنمية البشرية، حول “التنمية البشرية وواقع حال الشباب بالمغرب”، حيث جاء في التقرير، الذي قدمت مضامينه أول أمس (الثلاثاء) بالرباط، خلال ورشة نظمها المرصد بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب، أن غالبية الشباب المغربي لا يثق في المؤسسات السياسية.
وأشار التقرير إلى أن 72.2 في المائة من الشباب المغربي يولي ثقة ضئيلة للحكومة، فيما تصل نسبة عدم ثقتهم في البرلمان إلى 73.6 في المائة، والأحزاب السياسية إلى 78.3 في المائة.
ووضع المرصد احتمالات لهذا النفور عبر قوله “قد يكون ناجما عن استياء هؤلاء الشباب من التهميش الاقتصادي، كما يمكن تفسيره أيضا بالدور الضعيف الذي تلعبه وسائل الإعلام من أجل حثهم على المشاركة في العمل السياسي أو بغياب مشاريع سياسية موجهة لهؤلاء الشباب”.
وأبرز التقرير، أن عدد الشباب المنخرطين في الأحزاب السياسية يبقى ضئيلا، وفي المقابل، فإن عدد الشباب الذين ينشطون داخل جمعية ثقافية أو الذين ينوون القيام بذلك مرتفع نسبيا، حيث إن 32.2 في المائة منهم قد كانت لهم تجربة سلفا في هذا المجال، و46 في المائة منهم لا يستبعدون القيام بذلك، و19 في المائة لا يهتمون بذلك.
ومن التفسيرات التي قدمها التقرير في ما يخص ضعف ثقة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية هي “تطور حسهم النقدي باعتبار مستواهم الدراسي وولوجهم إلى المعلومة ولوجا أفضل”، حيث أضاف أن “التكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل قد شجعت أشكالا جديدة من المشاركة تجعل الشباب يتماهون مع مجموعات أو شبكات أو جماعات تمارس أنشطة وتتجاوز الحدود الوطنية والأفكار المتعارف عليها”.
وتطرق التقرير إلى أن مشاركة الشباب تأخذ أشكالا بديلة خاصة الرقيمة، حيث تزودهم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بفضاءات للتعبير عن استيائهم وإحساسهم بالإحباط من أجل ممارسة حقهم في المواطَنة بطريقة متجددة (حركة 20 فبراير، وحركة المقاطعة، وحراك الريف) ، و”الحال أن مجال حرية التعبير الذي يوفره العالم الرقمي يخضع لتَقْنينات جديدة، مُكرِهة بالضرورة بالنسبة إلى أولئك الذين يستعملون ما يتيحه العالم الرقمي كأرضية للتعبير عن انتقاداتهم وتحذيراتهم ونداءاتهم للتعبئة، مما يجعلهم يتفادون دفع “ثمن” المظاهرات العمومية، كما كان شأن حملة المقاطعة التي استهدفت بعض العلامات التجارية ومواد الاستهلاك”، وفق نص التقرير.
ومن جانب آخر، أقر التقرير بمواجهة الشباب للعديد من الصعوبات في الاندماج في سوق الشغل، موردا أن نسبة نشاطهم لا تتجاوز 42.2 في المائة سنة 2019 ونسبة البطالة مرتفعة في أوساطهم، حيث تبلغ 24.9 في المائة. كما أن البطالة “المقنعة” تتجاوز 16 في المائة.
وتابع التقرير، أنه “وفي هذه الظروف، فإن الشباب، ولا سيما العاطلين منهم لمدة طويلة أو الوافدين الجدد على سوق الشغل، معرضون أكثر لمختلف أشكال الهشاشة”.
وخلصت الوثيقة المذكورة إلى أن “الانتقال إلى الحياة النشيطة يظل بطيئا ويهم أيضا الشباب الحاصلين على شواهد حديثا، كما يشهد على ذلك المستوى العالي لنسبة البطالة الطويلة الأمد، التي وصلت نسبتها إلى 26 في المائة سنة 2019″، مضيفة أن “هذه الصعوبات أكثر عند الفتيات بنسبة تشغيل بلغت 9 في المائة سنة 2019، ونسبة بطالة بلغت 35.4 في المائة، ونسبة نشاط بلغت 18 في المائة، مقابل نسب 42 في المائة و22 في المائة و65 في المائة على التوالي عند الفتيان”.
وبعد أن اعتبر أن المساهمة في سوق الشغل توجد في صلب تحديات تشغيل الشباب، دعا التقرير إلى “إيلاء الاهتمام إلى الانخفاض الانحداري لنسب نشاطهم ما دام من شأن هذا الانخفاض أن يؤدي إلى ضياع فرص خلق الثروة وتراجع قيمة الرأسمال البشري للشباب وتزايد السلوكات الخطرة”. وزاد منبها إلى أن “هذه السلوكات قد تؤدي إلى إضعاف إمكانية إدماجهم على المستويين الاقتصادي والاجتماعي”.
من جانب آخر، سلط التقرير الضوء على فئة من الشباب، وهم الذين لا هم يتابعون دراستهم أو تكوينا ولا هم يزاولون مهنة، ولا سيما الذين يفتقدون العزيمة منهم 25 في المائة، أي حوالي 375 ألف نسمة، والذين قال عنهم التقرير، إنهم “يبعدون نهائيا عن إمكانية العمل، وأنهم مستعدون للالتحاق بمجموعات قد تكون منحرفة”.
وبخصوص علاقة الشباب بالأسرة، سجل التقرير، استنادا إلى الباروميتر العربي 2019، ارتباط المغاربة الجد القوي بأسرهم، حيث صرح ثلثهم أنهم ليس بوسعهم أن يكونوا سعداء دون أسرة، وأكثر من هذا، تمثل الأسرة قيمة مهمة بالنسبة إلى الشباب المغاربة، مضيفا أن “الزواج يثمل قيمة يتشبث بها 70 في المائة منهم، ولو أن تكوين أسرة ليس هو مشروعهم الراهن وذلك لأسباب اقتصادية”، وفق تعبير التقرير.
وفي ما يتعلق بتصور الشباب المغربي للمساواة بين الجنسين، أشار التقرير إلى أن 83 في المائة من الشباب المغاربة يؤيدون مبدأ تكافؤ الفرص في المدرسة، فيما 30 في المائة فقط من يؤيدون تكافؤ الفرص في العمل، وهي الوضعية، التي “تترجم استمرارية التمثلات والمواقف المترتبة عن رؤية تقليدية للأسرة تقوم على تفوق الرجل وعلى التوزيع الجنسي للأدوار”، يقول التقرير.