أمين ناسور: منع “شاطارا” من تمثيل المسرح المغربي بتونس إحراج لنا وللمسرح
فاطمة أبوناجي
تسبب القرار الأخير للحكومة تعليق الرحلات من وإلى المغرب لمدة أسبوعين، بدءا من الاثنين الماضي، لـ”مواجهة التفشي السريع للمتحورة الجديدة لفيروس كورونا “أوميكرون”، على حد تعبير بلاغها في هذا الصدد، في منع فرقة ثفسوين للمسرح بالحسيمة من تمثيل المغرب، بعملها المسرحي الجديد ” شاطارا”، في واحدة من أهم التظاهرات المسرحية في المنطقة العربية، ويتعلق الأمر بالمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية المقامة بدولة تونس، في دورته الـ22، التي ستمتد لأسبوع، انطلاقا من يوم السبت 4 دجنبر الجاري، وتشارك فيها 26 دولة، تحت إشراف المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات و التظاهرات الثقافة و الفنية بتونس.
أمين ناسور مخرج “شا طارا را”، الذي كان يستعد رفقة الفرقة المسرحية للسفر لتونس لتقديم عرض جديد من المسرحية ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، اعتبر “الحادث”، في حديث مع “رسالة الأمة” إحراجا للفرقة المسرحية أمام إدارة المهرجان واللجنة التي انتقت العرض المغربي، بل وإحراجا لصورة المسرح المغربي، ورأى في ذلك نوعا من العبث في التعامل مع المسرح والفن عموما، باعتباره نافذة ديبلوماسية ثقافية جديرة بالحرص عليها، وعلى عدم إغلاقها تحت أي ذريعة.. فالديبلوماسية الثقافية، يقول ناسور، هي واحدة من الأسس التي يجب أن يعتمد عليها المغرب في الترويج لطروحاته.
وأوضح المخرج ناسور، أن الجهة الموكول لها فتح قنوات التواصل والاشتغال على الموضوع، و”المحددة في مديرية الفنون بوازرة الثقافة، غائبة تماما عن المشهد، ونند بلامبالاتها، والكتابة العامة داخلها نخاطبها لكن “لا حياة لمن تنادي”، لافتا إلى أنه “ليست المرة الأولى التي تضيع علينا فرصة تمثيل المغرب بالمشاركة في مهرجان مسرحي عربي، فقد، تعذر دون وجه حق أن نشارك في مهرجان العراق المسرحي ثم في مهرجان الأردن للمسرح أوائل شهر أكتوبر الماضي، والسبب عدم مواكبة مديرية الفنون للفرق المسرحية، وتملصها من تأمين تذاكر السفر للفرق التي يتم انتقاؤها من جهات عربية، واقتراحها بدائل غير جدية، وذلك رغم توفر ميزانية لهذا الغرض”، يقول ناسور، المخرج والممثل والأكاديمي المسرحي، قبل أن ينتقل لطرح سؤال: “أين ذهبت ميزانية الفنون؟ خاصة في ظل عدم تنظيم المهرجان الوطني للمسرح لسنتين متتاليتين، رغم ظروف التخفيف التي عرفناها، بعد الجائحة، وفي ظل جاهزية أعمال مسرحية، تم إنجازها. وتساءل كيف يعقل أن يستمر الاكتفاء بمهرجانات عن بعد، وعدم إعلان موعد سابق ولا لاحق لمهرجاننا المسرحي الوطني، بخلاف ما هو عليه الأمر في كل الدول العربية، بمن فيها مصر ودول الجوار، التي أقامت مهرجاناتها المسرحية”، يقول ناسور في محادثته مع “رسالة الأمة”، مؤكدا: “نحن نعاني معاناة شديدة من سياسة مديرية الفنون على امتداد أربع سنوات، رغم أن المفروض في المسؤول المركزي أن يكون مبادرا ومسؤولا، وأن لا ينتظر أوامر الوزير لفتح قنوات الحوار مع المهنيين، وتقديم ما يلزم خدمة لفن المسرح والفن والثقافة عموما”.
ناسور وهو يندد بهذا الإلغاء، ويتحدث عن توتر العلاقة بين أهل المسرح ومديرية الفنون، لم ينس الحديث عن ديوان الوزير الوافد الجديد، باعتباره سعى في آخر اللحظات لتيسير سفر الفرقة المسرحية، وتيسير مهمتها الثقافية، قبل أن يتم إعلان قرار الحكومة سالف الذكر.
القرار وما ترتب عنه أدى إلى استياء واسع في الوسط الفني، وتحديدا المسرحي، عبر عنه فنانون عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هؤلاء المسرحي عبد الجبار خمران والفنان الممثل ياسين أحجام، الذي قال في تدوينة له على “فايسبوك”: “تناهى إلى علمي اتجاه فرقة طاقم العمل المسرحي ” شاطارا” نحو إلغاء مشاركتها ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان قرطاج الدولي للمسرح ، وهذا يذكرني بإلغاء مشاركة فرقة أبينوم سنة 2005 بنفس المهرجان رغم تتويج نفس الفرقة في نفس السنة وبنفس عرضها في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس و رغم انتقاء العرض من طرف لجنة الانتقاء بمهرجان قرطاج حيث تدخل بعض القائمين بالوزارة الوصية و قرروا إرسال عرض آخر بشكل غريب جدا بل اجتهدوا أكثر و راسلوا المهرجان مؤكدين أن اختيار العرض للمشاركة يتم من طرف الإدارة المغربية، على أي فلا يهمني هنا ما وقع سابقا”، يقول ياسين موضحا أن “الأهم بالنسبة إلي هو أن ” شاطارا” إخراج أمين ناسور هو عرض تم انتقاؤه باستحقاق من طرف لجنة الانتقاء بذات المهرجان، وهو مشروع مسرحي لا يمثل نفسه فقط بل يمثل المغرب ضمن تظاهرة ثقافية دولية للمسرح خارج التراب الوطني”، وتساءل الفنان: “فماذا لو كان الأمر متعلقا مثلا بالمنتخب الوطني لكرة القدم ، فهل سيتم منعه من المشاركة في إقصائيات إفريقية بدعوة إغلاق الحدود للأسباب الوبائية المعلومة؟ ثم أين هي الديبلوماسية التي من الممكن أن تقوم بها الصناعات الثقافية في وقت نحن بأمس الحاجة لرفع صوتنا المغربي قاريا و دوليا؟”.
وعودة للنص المسرحي المغربي “شا طا را”، الذي ينتصر للمرأة المهاجرة في حمولتها الفلسفية والجسدية والنفسية، فهو دراماتورجيا و إخراج الفنان أمين ناسور، وهو ثمرة شراكة بين جمعية ثفسوين بالحسيمة ومسرح محمد الخامس، ويمثل مجهود فريق عمل مكون من 18 فنان وفنانة، شخص أدواره كل من شيماء العلاوي وأمال بنحدو و قدس جندول مع مصاحبة في الموسيقى للفنان إلياس المتوكل وأداء غنائي للفنانة الشابة تيفيور. أما الفريق الفني والتقني فيتكون من كل من عبد الرزاق أيت باها في الإنارة ، محمد رضا التسولي في تصميم الفيديو، فاطمة حموشة في تنفيذ الملابس،عبد الحليم سمار وعمر أيت شعيب في المحافظة العامة، كريم اعمو في تقنيات الصوت، محمد الحقوني في التوثيق، أحمد سمار في تنفيذ الديكور . فيما يعود تأليف المسرحية إلى الكاتب المسرحي سعيد ابرنوص وفريق العمل، السينوغرافيا لطارق الربح، تصميم الملابس نورا إسماعيل، الإدارة العامة للإنتاج والتواصل لفؤاد البنوضي.
وعن مشاركتها (الضائعة) في مهرجان تونس، افاد فؤاد البنوضي مدير فرقة ثفسوين للمسرح بالحسيمة، في وقت سابق: أنه و بعد نجاح مسرحية ” شا طا را ” في مختلف محطاتها الوطنية، تقدمت الفرقة بملف ترشيحها للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان التي سبق للمنظمين الإعلان عنها في وقت سابق، وقد استوفت مختلف مراحل الانتقاء ليقع عليها الاختيار أخير لتمثيل عروض المسرح المغربي في هذا العرس الفني الهام.
وارتباطا بالمهرجان المسرحي التونسي العريق المذكور، سيقدم هذا العام ندوته الكبرى تحت عنوان “المسرح في زمن المخاطر”. وسيتناول المشاركون فيها المحاور الآتية: “المسرح وآليات التعامل الظرفية والدائمة مع الأزمات والطوارئ والمخاطر” و”المقاربات النظرية للمخاطر ومدى تطويعها لخصوصيات المسرح” و”المعالجة المسرحية كتابة وإخراجا وتقنيا لموضوعات المخاطر والجوائح والكوارث بأصنافها”، و”تأثيرات المخاطر على علاقة المسرح بالسلطة” بالإضافة إلى “الممارسة المسرحية مقاربة وإنتاجاً والسلوكات ذات المخاطر.