المواكبة الإعلامية لانتخابات 8 شتنبر ..هذا ما رصدته “الهاكا”

عبد الحق العضيمي
رصد تقرير أنجزته الهيئة العليا للاتصال السمعي تفاعل مختلف الخدمات السمعية البصرية مع مقتضيات قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 21-37 المتعلق بضمان تعددية التعبير السياسي في خدمات الاتصال السمعي البصري خلال الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية العامة ليوم 8 شتنبر 2021.
وقالت “الهاكا” في تقريرها، الذي اطلعت “رسالة الأمة” على نسخة منه، إنها “عاينت أن عددا من الخدمات شرعت في تقديم مضامین وبرامج خاصة بالانتخابات قبل إقرار الفترة الانتخابية من طرف المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، وهي مبادرات وإن كانت تدخل في نطاق الفترة العادية المؤطرة بالقرار 18-20، فقد ساهمت في توسيع فضاءات النقاش السياسي بين مختلف الأحزاب”.
وسجل التقرير ما أسماه بـ “المبادرة الفورية لبعض الخدمات العمومية (القناة الأولى، وميدي 1 تي في، والإذاعة الأمازيغية، والإذاعة الوطنية، وقناة تمازيغت) في التفاعل مع الفترة الانتخابية المقررة في قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري عقب دخوله حيزا التنفيذ يوم فاتح غشت 2021. ليتوالى بعد ذلك انخراط باقي الخدمات العمومية والخاصة عبر تخصیص برامج جديدة تستوعب الحاجة إلى الإعلام الانتخابي سواء من طرف الفاعل الحزبي أو من طرف المواطنات والمواطنين.
وتابعت المؤسسة الدستورية، أنه “على الرغم من التباين الحاصل فيما بين العروض البرامجية لكل خدمة، من حيث الحجم الزمني للبرامج ووتيرتها وكثافتها واستمراريتها في تغطية زمن الفترة الانتخابية، يمكن اعتبار الاستراتيجيات البرامجية المتخذة من طرف الخدمات السمعية البصرية على وجه العموم، تخدم تكاملية العرض وتنوعه وتعدده أكثر منها تنافسيته سواء فيما بين القطاعين العمومي والخاص أو فيما بين الخدمات”.
وبرزت الخاصية التكاملية، أساسا، يضيف التقرير، في تحقيق ولوج جميع الأحزاب السياسية (31 حزبا ) المشاركة في الانتخابات (عبر تقديم مرشحين وتغطية دوائر) إلى الإعلام السمعي البصري في شموليته، والتكامل بين القطاعين العمومي والخاص على مستوى البرمجة من حيث تناوب العرضين البرامجين العمومي والخاص في تغطية جزأين متكاملين من الفترة الانتخابية، الأولى من بداية الفترة الانتخابية (2021/08/01) إلى تاريخ بداية الحملة الانتخابية الرسمية (2021/08/26) من طرف الخدمات العمومية، والثانية من تاريخ بداية الحملة الانتخابية الرسمية إلى عشية يوم الاقتراع من طرف الخدمات الخاصة. كما تتكامل نوعية البرامج بين العمومية والخاصة من حيث اعتماد الأولى على التغطية المكثفة في النشرات الإخبارية مقابل اهتمام الثانية بالبرامج الحوارية.
وسجل التقرير أيضا، أن ولوج الأحزاب السياسية إلى خدمات الاتصال السمعي البصري وفق قاعدة الإنصاف بين المجموعات الثلاث للأحزاب السياسية والمنصوص عليها في المادة العاشرة من القرار 21-37، روعي بشكل استثنائي من طرف ثلاث خدمات عمومية وهي “ميدي 1 تي في” و”الإذاعة الأمازيغية” و “الإذاعة الوطنية” بعدما سجلت نتائجها تطابقا مع النسب المرجعية للقرار، فيما تأرجح التوزيع في باقي الخدمات بين التقيد بالنسبة المرجعية لإحدى المجموعات الثلاث على حساب المجموعتين المتبقيتين، أو عدم استضافة بعض الأحزاب، مما أدى إلى ارتفاع ضمني لنسب مدد بث مجموعة أو مجموعتين على حساب أخرى.
وأشار المصدر ذاته إلى أن توزیع مدد البث بين أحزاب كل مجموعة بالتساوي فيما بينها “كان أقرب إلى التحقق من طرف الخدمات العمومية بالنسبة لأحزاب المجموعة الأولى، فيما تعذر عليها وعلى الخدمات الخاصة ذلك بخصوص أحزاب المجموعتين الثانية والثالثة.
التقرير، لفت كذلك إلى أن التفاوت المسجل في نسبة ولوج المجموعات الثلاث للأحزاب السياسية إلى الخدمات الخاصة، وبغض النظر عن الاختيارات التحريرية للخدمات السمعية البصرية، يتقاطع مع حرص مجموعة من الأحزاب على التفاعل الإيجابي مع استدعاءات الخدمات السمعية البصرية والتي تؤدي إلى ارتفاع مدد بثها مقابل انخفاض مدد بث أحزاب أخرى.
وبالنسبة للخطاب السياسي والحزبي المتداول في برامج الفترة الانتخابية، فقالت الهيئة في تقريرها إنه ظل في عمومه متمركزا على الاستحقاقات الانتخابية بصفة عامة، وعند التخصيص يتم الاقتصار على البعد التشريعي منه، مقابل ضعف تناول البعد الجهوي والمحلي في الانتخابات المنظمة يوم 8 شتنبر، “وهو ما تؤكده أيضا الصفات التنظيمية لضيوف الحلقات، خاصة على مستوى الخدمات التلفزية، التي لوحظ اقتصارها على الهيئات المركزية للأحزاب السياسية (الأمانة العامة، المكاتب السياسية / المجالس الوطنية / اللجن المركزية)”.
وزاد التقرير أنه “إذا كانت الخدمات العمومية ذات التغطية الجهوية والمحلية قد اكتفت بالبرامج التحسيسية المتصلة بالشأن الانتخابي والإخبار بمستجداته، فإن بعض الخدمات الخاصة ذات التغطية المتعددة الجهات، وخاصة التابعة لمجموعة إذاعة رادیو بلوس، أعطت الأولوية للشأن الانتخابي المحلي عبر استضافة المسؤولين المحليين للأحزاب، وكذا مرشحين في الدوائر المحلية”.
كما تناول التقرير الإكراهات والصعوبات التي عبر عنها متعهدو الاتصال السمعي البصري، والتي حالت دون إرادتهم في تحقيق الولوج المنصف للأحزاب السياسية وفق النسب المرجعية للقرار رقم 21-37، وضمان استفادة أحزاب المجموعة الواحدة من مدد بث متساوية ضمن العرض الإعلامي المخصص للأحزاب في برامج الفترة الانتخابية.
ومن ضمن هاته الإكراهات، تعذر وصعوبة التواصل مع أحزاب بعينها، خاصة من المجموعة الثالثة، وعدم تقديم بعض الأحزاب السياسية لمتحدثين باللغة الأمازيغية، وعدم التزام بعض ممثلي الأحزاب بالحضور عند حلول مواعيد بث الحلقات المخصصة لهم.
وبحسب التقرير، فإن معاينة زوايا المعالجة المعتمدة في عدد من البرامج الحوارية التي تطرقت للانتخابات، تفيد باكتفاء مجموعة منها بإعطاء الكلمة لممثلي الأحزاب السياسية من أجل عرض برامجها الانتخابية بشكل مسترسل ودون دخول منشطي ومقدمي هذه البرامج في تفاعل أو نقاش بشأن محتويات ما يتم عرضه.
كما عمدت برامج أخرى، يضيف التقرير، إلى إعداد وبث برامج تعريفية بالأحزاب السياسية في شكل مدد بث دون أن تعطي فيها الكلمة لأي متدخل يمثل الحزب موضوع البرنامج، مسجلا في الوقت ذاته التركيز على صنف البرامج الحوارية التي تعتمد على حضور ضيف واحد يتكلف بالإجابة على الأسئلة المباشرة المقدم البرنامج، مع تسجيل مبادرات محدودة في فتح باب التناظر بين الأحزاب السياسية في إطار نفس الحلقة، أو فيما بين أحزاب من موقعي الأغلبية والمعارضة.
واستطرد التقرير أنه “وحتى عندما يتم استضافة أكثر من ضيف من أحزاب مختلفة، يكتفي مقدمو البرامج بتوزيع فيما بينهم وإعادة طرح نفس الأسئلة على كل ضيف، كل على حدة”.
وأكد التقرير أنه على الرغم من ذلك بادرت بعض البرامج إلى توفير مقترحات بديلة كمواجهة ضيوف من الأحزاب السياسية مع خبراء ومتخصصين يساهمون في تنشيط البرامج الإخبارية، وفي بعض الحالات تمت استضافة صحافيين من الصحافة الورقية والإلكترونية.
من جانب آخر، أحصى التقرير إعطاء الكلمة من طرف ثلاثة وثلاثين خدمة لـ 1012 شخصية تحمل صفة مؤسساتية (حزبية، أكاديمية، ممنية، مدنية) منها 197 شخصية نسائية، أي بنسبة تأنيث بلغت 19 بالمائة من إجمالي المتدخلات والمتدخلين. في حين تمثل النساء المتدخلات باعتبارهن فاعلات جمعويات أهم نسبة تأنيث به 26 بالمائة، والنساء المنتميات للأحزاب السياسية بـ 23 بالمائة، وممثلات المؤسسات الإدارية والوزارات والإدارات العمومية بـ 12 بالمائة، ونفس النسبة تمثلها النساء داخل فئة الفاعلين المهنيين والنقابيين، ثم النساء الخبيرات اللائي يمثلن 11 بالمائة من شخصيات هذه الفئة.
وكشف التقرير أيضا، أن تدخلات الشخصيات النسائية المنتمية للأحزاب السياسية مثلت نسبة 19 بالمائة من مجموع مدد تناول الكلمة من طرف الشخصيات الحزبية، وهو ما يعادل 31 ساعة من مجموع 160 ساعة و20 دقيقة التي استغرقتها مجموع مدد تناول الكلمة من طرف هذا الصنف من الشخصيات العمومية.
وزاد التقرير موضحا، أن هذه النسبة وصلت في الخدمات العمومية إلى 22 في المائة، مقابل 16 في المائة في الخدمات الخاصة. وبالنسبة للشخصيات التي تناولت الكلمة بصفاتها الأكاديمية، فبلغت 237 شخصية مقابل 487 شخصية حزبية.
من جهة أخرى، سجل التقرير، أن 22 خدمة سمعية بصرية بثت على الأقل مضمونا واحدا من أصل 101 مضمون تناول قضايا متعلقة بالأشخاص في وضعية إعاقة ضمن برامج الفترة الانتخابية، غير أن هذه المضامين لا تمثل سوی 3,25 بالمائة من العرض المضاميني المرصود لمواكبة الفترة الانتخابية والبالغ 3016 مضمونا. كما سجل التقرير، أن القناة الأولى انفردت باستعمال لغة الإشارة في العديد من المضامين المقدمة خلال الفترة الانتخابية، وخاصة على مستوى نشراتها الإخبارية، وهو ما لم تعتمده باقي الخدمات التلفزية. فيما أحصى التقرير ما لا يقل عن 369 مضمونا أعطيت فيه الكلمة للشباب، أي بنسبة حضور بلغ 20 بالمائة من مجموع المضامين.