“ممثلو الأمة” يمنحون الثقة للحكومة.. وأخنوش يتوعد المتهربين من الضرائب ويرفض المعارضة من داخل الأغلبية
عبد الحق العضيمي
حظيت الحكومة الجديدة، التي يرأسها عزيز أخنوش، بثقة غالبية أعضاء مجلس النواب، خلال التصويت الذي جرى مساء أول أمس (الأربعاء) في جلسة عمومية، على برنامجها الحكومي، حيث صوت 213 نائبة ونائبا من أصل 395 عضوا بالمجلس لصالح هذا البرنامج، مقابل معارضة 64، وامتناع نائب واحد عن التصويت.
ونال البرنامج الحكومي أصوات فرق الأغلبية المكونة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، إلى جانب نواب الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، المكون من حزبي الاتحاد الدستوري والحركة الديمقراطية الاجتماعي، في إطار المساندة النقدية، فيما صوتت ضد البرنامج فرق الاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، ومجموعة العدالة والتنمية، في حين اختار رؤوف عبدلاوي معن، النائب عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، التصويت بالامتناع.
ومع الحصول على ثقة مجلس النواب، أصبحت الحكومة الحالية، المشكلة من 3 أحزاب سياسية، وهي التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، بالإضافة إلى شخصيات غير منتمية لأحزاب سياسية، منصبة دستوريا، انسجاما مع مقتضيات الفصل 88 من الدستور، الذي ينص على أن الحكومة تعتبر “منصبة بعد حصولھا على ثقة مجلس النواب، المعبر عنھا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منھم، لصالح البرنامج الحكومي”.
وأثناء مناقشته لتدخلات النواب البرلمانيين، قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن “البرنامج الحكومي منبثق عن البرامج الانتخابية لأحزاب التحالف الحكومي”، مضيفا أن “لجنة ضمت عضوين عن كل حزب، هي من قامت بصياغته وعرضته على الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية، ثم أخضعت الوثيقة للتعديل لثلاثة مرات، قبل اعتماد صيغتها النهائية، والتي عرضت على البرلمان يوم الاثنين الماضي”.
وتابع أخنوش وهو يرد على منتقديه “البرنامج الحكومي جاء ليجيب على أولويات المواطنات والمواطنين، وكان بإمكاننا صياغة برنامج طويل وفضفاض، كما أنه كان بإمكاني تناول الكلمة أمامكم لساعتين ونصف، لكننا في مقابل ذلك، اخترنا أن نركز على تحديد الأولويات الحقيقية التي ينتظرها المواطن وعدم الوقوع في الخطأ، لأنه إذا أخطأنا في الأولويات سنظل نخطئ على امتداد الخمس سنوات، والمواطنون لن يتسامحوا معنا”.
وفي معرض حديثه عن الهندسة الحكومية، قال أخنوش، إن “التركيبة الحكومية الجديد أردنا من ورائها تحقيق تكامل وتجاوب مع المشاكل الآنية للبلاد”.
كما توقف أخنوش في جوابه على تدخلات البرلمانين عند موضوع الضرائب، وقال إن الحكومة “لن تتساهل مع المتهربين من أداء الضرائب”، داعيا المقاولين والمستثمرين إلى “وضع أيديهم في يد الحكومة، من أجل الوفاء بخلق مليون منصب شغل، الذي قدمته الحكومة من جملة تعهداتها خلال الخمس سنوات المقبلة”.
أخنوش، ومن منصة البرلمان وجه رسائل صريحة لأرباب المقاولات، حينما قال “نحن في حاجة لرجال الأعمال، ينوضو يتحزمو، لأن الناس ينتظرون منهم الكثير، ليس لربح المال بل لتوفير فرص الشغل، فمناخ الأعمال في المغرب مشجع على الاستثمار”، ثم أضاف بنبرة صارمة “خاص كلشي يدخل للصف ويخلص الضريبة، لأننا بحاجة إلى تجنيد الإمكانيات لضمان إنجاح الحماية الاجتماعية، واللي كان كيدير هاكا وهاكا خصو يشدو الطريق”.
وفي الاتجاه الآخر، مد أخنوش يده للمركزيات النقابية، مطالبا إياها بالتعاون مع الحكومة، وقال موجها كلامه لقادتها “نحن بحاجة إلى النقابات، وسوف نتحاور معكم بكلام معقول، اللي نقدرو نديروها غنديروها، واللي مقدرناش نقولو لكم منقدروش، لن نضيع وقتكم ولن تضيعوا وقتنا”.
وفي رده على دعوات الإضراب التي أطلقتها عدد من التنظيمات المهنية، لاسيما “الأساتذة المتعاقدون”، جدد أخنوش التأكيد على أن مشروع الذي تتبناه حكومته هو “مشروع اجتماعي”، داعيا أصحاب هذه الدعوات إلى مساعدة الحكومة على إنجاح هذا الورش، ليردف “هذا ليس وقت الإضراب، وإنما وقت العمل”.
وفي السياق ذاته، جدد أخنوش تعهده برفع ميزانيتي قطاعي التعليم والصحة، كاشفا أن هذا الموضوع سيكون موضوعا رئيسيا بجلسات الحوار الاجتماعي مع النقابات الأكثر تمثيلية، لكنه بالمقابل، شدد على ضرورة الرفع من جودة الخدمات وتحسين الأداء بهما.
من جانب آخر، لم يترك أخنوش الفرصة تمر دون أن يرد على نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، الذي طغت على كلمته أثناء مناقشته للتصريح الحكومي باسم فريقه النيابي “نبرة المعارضة”.
وعلى الرغم من أن مضيان، قدم ما “يشبه الاعتذار” لرئيس الحكومة، داعيا إياه إلى تفهم ما جاء على لسانه، لأنه لم يألف بعد مقاعد الأغلبية، إلا أن أخنوش اختار “تقيطر الشمع” على مضيان، حيث خاطبه بلغة عامية صريحة قائلا: “ملي خذا السي مضيان الكلمة، دخلني الشك، وتساءلت واش الحزب ديالو معنا في الأغلبية ولا في المعارضة”.
وعبر أخنوش عن رفضه الشديد للمعارضة من داخل التحالف الحكومي، والتي عاشتها الأغلبية السابقة. وقال متسائلا: “واش غادي نعودو نعيشوا هذاك الشي اللي عشناه هاذي 5 سنين؟”، ليضيف أنه “سيذهب لمجلس المستشارين في حال أراد أن يستمع لخطاب الاستقلاليين، ويعود لمجلس النواب في حال كان في الحاجة للاستماع لنور الدين مضيان فقط”.
إلى ذلك، ذكر أخنوش في جوابه أمام النواب بالالتزامات العشرة الكبرى التي تضمنها البرنامج الحكومي، والمتمثلة أساسا في “إحداث مليون منصب شغل صاف على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة”، و”رفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 في المائة عوض 20 في المائة حاليا”، و”تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة”.
وتعهدت الحكومة الجديدة أيضا بـ”حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي”، بالإضافة إلى”تعبئة المنظومة التربوية – بكل مكوناتها – بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا (عوض المراتب المتأخرة في جل المؤشرات الدولية ذات الصلة).
وستعمل الحكومة كذلك، على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص، بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة 2025، وكذا على التحسين التدريجي للتوازنات الماكرو- اقتصادية للمملكة خلال مدة ولايتها.
ومن ضمن الإجراءات التي وعدت بها الحكومة، “إحداث بطاقة صحية ذكية للحد من الإنفاق المباشر للمرضى على الخدمات الصحية، ومراجعة السياسة الدوائية، ومنح تحفيزات لمهنيي قطاع الصحة للحد من ظاهرة سوء التوزيع المجالي لمهنيي الصحة، وتعزيز السياسة الوقائية”.
كما التزمت الحكومة بفتح حوار اجتماعي، خاصة مع المركزيات النقابية للتعليم الأكثر تمثيلية من أجل التوافق حول الإجراءات والتدابير الرامية للرفع التدريجي من الحد الأدنى للأجرة الصافية الشهرية عند بداية المسار المهني، لحملة شهادة التأهيل التربوي من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
وتعهدت أيضا بوضع وتنفيذ سياسة استعجالية لمواكبة المقصيين من سوق الشغل، مع الانقاذ السريع للمقاولات المهددة بالإفلاس من خلال المصاحبة والتمويل، إضافة إلى تحفيز المبادرة الخاصة، من خلال تدليل العقبات التنظيمية والإدارية، وكذا خلق رجة تنافسية من خلال مواكبة وتطوير المقاولة التنافسية والمبتكرة، والدفاع عن وسم “صنع في المغرب” من أجل دعم الإنتاج الوطني.
وتفاعلا مع مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح هذه الولاية التشريعية، تعهدت الحكومة بـ”تنفيذ إصلاح شامل للمؤسسات والمقاولات العمومية، ومواكبة مسار الإصلاح الضريبي، وتعزيزه في أسرع وقت بميثاق جديد ومحفز للاستثمار”.