البرلمان ينتخب رئيسيه.. العلمي للنواب: أنا رئيس للأغلبية والمعارضة .. ميارة للمستشارين: مسؤولية جسيمة وعظيمة
عبد الحق العضيمي
انتخب أعضاء مجلس النواب، أول أمس (السبت)، في جلسة عمومية، رشيد الطالبي العلمي، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار، رئيسا للمجلس، بالأغلبية المطلقة، خلفا للحبيب المالكي، عضو فريق الاتحاد الاشتراكي المنتهية ولايته.
وحصل الطالبي العلمي مرشح فرق أحزاب الأغلبية الحكومية في مجلس النواب، التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، على 258 صوتا، مقابل حصول منافسه رؤوف عبد اللاوي معن، عضو مجموعة جبهة القوى الديمقراطية على 4 أصوات فقط.
وبلغ عدد المصوتين 313 برلمانيا من مجموع أعضاء المجلس الذي يضم 395 نائبة ونائبا، فيما عدد الأصوات المعبر عنها بلغ 279 صوتا والملغاة 34 صوتا، يرجح أن تعود لفريقي حزبي الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، ومجموعة العدالة والتنمية.
وإلى جانب أصوات التحالف الحكومي، حظي الطالبي العلمي بأصوات نواب ونائبات الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، وهو الفريق النيابي المشترك بين حزب الاتحاد الدستوري وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، الذي أعلن مساندته لمرشح الأغلبية، فيما قرر برلمانيو فريق الاتحاد الاشتراكي الامتناع عن التصويت.
وفي كلمة له عقب انتخابه على رأس مجلس النواب، وهي الجلسة التي ترأسها النائب البرلماني عبد الواحد الراضي، باعتباره الأكبر سنا، أكد الطالبي العلمي، حرصه على ضمان حقوق جميع مكونات المجلس خاصة المعارضة، وقال في هذا الصدد، إنه “ابتداء من اليوم أنا رئيس لمجلس النواب بكل مكوناته معارضة وأغلبية سواء من اختاروا أن أكون رئيسا للمؤسسة أو من كان لهم رأي آخر أحترمه. وكونوا على يقين من أنني سأظل حريصا على حقوق الجميع، وخاصة حقوق المعارضة التي كفل لها الدستور عدة حقوق، لإيماني بأهمية الاختلاف وبضرورة المعارضة المؤسساتية، خاصة وهي أيضا مشكلة من أحزاب تجمعها مع الأغلبية الشراكة في الوطن، والإيمان بضرورة تمنيعه وتقدمه”.
وشدد العلمي، الذي كان رئيسا لمجلس النواب من أبريل 2014 إلى أكتوبر 2016، على أن النائبات والنواب سيكون عليهم القيام بمهاهم، وأن يمثلوا في ذلك “توجيهات صاحب الجلالة خاصة تلك الواردة في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته إلى الأمة بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، والاشتغال على الأولويات التي حددها جلالته، والمتمثلة في الحرص على ضمان أمننا الغذائي الاستراتيجي في سياق الجائحة وما بعدها، والتنافس العالمي الكبير على المواد الغذائية الأساسية، ومواكبة متطلبات اقتصاد ما بعد الجائحة، وما يقتضيه الإنعاش الاقتصادي من تشريعات وتدابير ورقابة وتقييم، وحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية”.
وبعدما أقر بثقل المسؤولية التي تشرف بتحملها من جديد اليوم على رأس مجلس النواب، أكد أنه أمام النواب والنائبات “مهام جِسام وعلى عاتقهم مسؤوليات كبرى إياهم الناخبات والناخبين في استحقاق 8 شتنبر 2021 الذي كان محطة فاصلة وفارقة وحاسمة في تاريخ المغرب السياسي والمؤسساتي”، مبرزا أنه بفضل الحرص الملكي على انتظامِ الاستحقاقات الانتخابية، وتجديد المؤسسات في وقتها احتراما للدستور، وللتقاليد الديموقراطية جرى اقتراع 8 شتنبر الذي أفرز أغلبية جديدة، ومعارضة جديدة، ويسر ولوج نخب جديدة إلى المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها مجلس النواب.
وأشار إلى أن أعضاء المجلس مطالبين بـ”الإصغاء للمجتمع والتواصل مع مكوناته خاصة المدنية وفق ما يكفله الدستور في مجال الديمقراطية التشاركية بما يرسخ الديمقراطية المؤسساتية ويكفل تجديدها”، وتابع أنه سيكون عليهم أيضا، “ممارسة الاختصاصات الدستورية في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية والوظائف في تمثيل المواطنين وفي مجال الدبلوماسية البرلمانية، على النحو الذي يرقى إلى طموحات المواطنين ويرسخ دولة المؤسسات”.
وزاد العلمي مخاطبا أعضاء مجلس النواب، “تفرض علينا المهام التي علينا إنجازها، والتحديات التي تفرضها المرحلة، والآمال التي أطلقتها الدينامية السياسية التي نَعيشها، وكذا التحديات التي تواجهها بلادنا في سياق الجائحة، وما بعدها، وفي السياق الإقليمي والدولي، التعبئةَ الجماعية، والحضور المنتج، والحوار المثمر، والإسهام في جعل أشغال المجلس محط تقدير الرأي العام”.
وفي جلسة عمومية، عقدها مجلس المستشارين خلال اليوم نفسه (الجمعة الماضية)، وترأسها المستشار محمود عرشان باعتباره الأكبر سنا، انتخب نعم ميارة، رئيسا لمجلس المستشارين، بالأغلبية، خلفا لعبد الحكيم بنشماش، بعد حصوله على 86 صوتا، مقابل 6 ملغاة، و4 فارغة، وذلك من أصل 96 مستشارا شاركوا في عملية التصويت.
ونال ميارة، وهو مستشار برلماني باسم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أصوات فرق أحزاب الأغلبية الثلاثة، كما صوت لصالحه مستشارو نقابة الاتحاد الوطني للشغل، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وكذا المستشارون المنتمون للاتحاد الدستوري والحركة الديمقراطية الاجتماعية.
وفي كلمة له عقب انتخابه، قال ميارة إن “أولويات العمل ترتبط بمواصلة مسار تعزيز المكانة الخاصة في البناء المؤسسي الوطني للمجلس، من خلال الانخراط القوي في تفعيل التوجيهات الملكية السامية، ومضامين البرنامج الحكومي المرتقب على المستوى التشريعي، والانتقال بالمجلس إلى مرحلة جديدة في تجسيد المقاصد الفضلى لتمثيل الأمة على المستوى التشريعي، كما الرقابي وفي تقييم السياسات العمومية كما في العمل الديبلوماسي، خدمة للصالح العام وللقضايا الوطنية الكبرى وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية”.
واستطرد قائلا: “إننا اليوم أمام مسؤولية جسيمة وعظيمة، بالنظر للسياقات الوطنية والدولية المطروحة وللتحديات الكبرى التي ينبغي علينا جميعا أن نرفعها تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، ومنها على وجه الخصوص ما ورد في الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى للولاية الحادية عشرة، والذي أكد فيه جلالته على ضرورة تضافر الجهود، حول الأولويات الاستراتيجية، لمواصلة مسيرة التنمية، ومواجهة التحديات الخارجية، من خلال ثلاثة أبعاد ومنها على وجه الخصوص تعزيز مكانة المغرب والدفاع عن مصالحه العليا، ومواصلة إنعاش الاقتصاد والتنزيل الفعلي للنموذج التنموي وإطلاق جيل جديد من الإصلاحات”.
وبعد أن ذكر بالمكانة التي خصها دستور 2011 لمجلس المستشارين، أشار إلى أن الولاية التشريعية الحالية تبقى “حاسمة في ترسيخ المكتسبات وتحقيق المزيد من الاشعاع للنموذج المغربي المتفرد إقليميا ودوليا باستقراره وبقدرة مؤسساته على استيعاب التفاعلات المجتمعية والاقتصادية في اطار حضاري أصيل واستعداده الدائم للرقي بحياة المواطنات والمواطنين، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”.
وتابع “أن التحدي الحقيقي الذي يواجهنا اليوم هو أن نواصل جميعا الارتقاء بالعمل البرلماني وتحويل مجلسنا الموقر إلى فضاء للنقاش البناء، وللخبرة والرزانة والموضوعية، بعيدا عن أي اعتبارات سياسية، وفي احترام تام لحقوق جميع المكونات، أغلبية ومعارضة، فرقا ومجموعات وأفرادا ونساء وشبابا”.
وخلص إلى أن “التحدي الحقيقي هو قدرتنا الجماعية، بالفعل لا بالقول، على إثبات انتمائنا إلى حزب جامع حاضن، اسمه المملكة المغربية، بعيدا عن الانتماءات الأولية والانتماءات السياسية والحزبية الضيقة”.
وكانت الأغلبية الحكومية قد أعلنت، الخميس الماضي، في بلاغ مشترك للأحزاب الثلاث المكونة لها (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال)، الاتفاق على ترشيح رشيد الطالبي العلمي لرئاسة مجلس النواب والنعم ميارة لرئاسة مجلس المستشارين.
وقالت الأغلبية، إن الاتفاق على هذا الترشيح يأتي “بناء على نتائج الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها بلادنا والتي شكلت محطة مهمة في توطيد المسار الديمقراطي لبلادنا، كما تميزت بمشاركة مواطنة مهمة أعطت زخما قويا لمخرجات صناديق الاقتراع”.
وأضافت أن الاتفاق المذكور يستحضر “الثقة التي وضعها المواطنات والمواطنون في مكونات الأغلبية الحكومية، والتي عبروا عنها من منطلق إرادتهم التلقائية في التغيير المبني على نهج مقاربة جديدة في العمل العمومي”، كما يأتي في إطار “استكمال باقي المؤسسات الدستورية ذات الصلة الوثيقة بالأغلبية الحكومية، وبناء على نفس الأسس والمبادئ المؤطرة لتركيبة الحكومة، وحرصا على تمتيع هذه المؤسسات بكل ضمانات التوفيق والنجاح ووفاء لقيم النجاعة ونكران الذات التي ميزت عمل الاغلبية منذ البداية”.